الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين.
من رموز الصادقين ومن اجلى مصاديق هذا الصنف المبارك هو عطية الكوفي(رض).
وورد اسم عطية الكوفي على ألسنة الكثير من الخطباء والكتاب حتى اشتبه البعض فوصفه بأنه غلام لجابر بن عبد الله الانصاري حينما نسمع خطيباً او نقرأ مقتلاً من المقاتل التي هي في متناول ايدينا يرد هذا العنوان ان جابر بن عبد الله الانصاري جاء لزيارة الحسين ومعه غلامه عطية الكوفي والحال بأن الامر ليس كذلك وانما عطية الكوفي لم يكن غلاماً، وكان شخصية من الشخصيات التي لها دروها ومراحل جهادها وخلال هذه الفرصة القصيرة الخص صفحة مجملة عن حياته الذي هو من الصادقين البارزين في حبهم وولاءهم لاهل البيت، ومعنى حبهم وولاءهم لاهل البيت انه فهم الاسلام وشرب مفاهيم الاسلام من خلال اهل البيت(ع).
فعطية الكوفي هو ايضاً جاء زائراً للحسين وتصاحب هو وجابر بن عبد الله الانصاري تصاحبا على زيارة الحسين واذا كان هناك عن غلام لجابر وان جابر ارسل غلامه ليتحرى السواد القادم وقال له ان كانوا من اصحاب ابن زياد نلجأ الى ملجأ من الارض وان كان اما متازين العابدين فأنت حر يبدو ان ذاك على انفراد الحديث عنه وهو غلام لجابر، اما عطية الكوفي صاحبه، فمن هو عطية الكوفي؟ عطية الكوفي من علماء الكوفة وتعلمون ان الكوفة من اهم المنشآت التي انشأها الامام امير المؤمنين عصر خلافته ان حول الكوفه ومسجدها الى اعظم حاضرة للعالم الاسلامي يعني تحول مسجد الكوفة الى جامعة من الجامعات الضخمة حتى ورد في عهد الامام الصادق(ع) او بعد عهد الامام الصادق ان اتخذ هذا الموقع رونقاً اكثر وبهجة اكبر، يقول الحسن الوشا ادركت في مسجد الكوفه سبعمائة شيخ كل يتحدث ويقول حدثني الامام جعفر بن محمد الصادق، اذن الكوفة مهد ضخم لنشر المفاهيم الاسلامية لفقه اهل البيت وكان عطية الكوفي من علماءها بعد ومن قراء القرآن فيها، من اعلام الكوفة في تفسير القرآن.
هذا عطية الكوفي ولد عام خلافة الامام علي يعني حدود سنة 35 من الهجرة ونشأ من الصغر على ولاء اهل البيت وكان ولوعاً بقراءة القرآن من صغره فلما كبر تتلمذ عند حبر الامة (حبر الامة يعني عبد الله بن عباس)، وقال الرواة والمؤرخون بأنه قرأ القرآن عند حبر الامة سبعين مرة يعني سبعين ختمة هنيئاً له وقرأ تفسير القرآن عند عبد الله بن عباس ثلاث مرات وايضاً هذا عطية الكوفي له تفسير للقرآن يقع في خمس مجلدات وهو من التفاسير موجودة الآن نسخة منه خطية قديمة في مكتبة آية الله السيد المرعشي النجفي تغمده الله برحمته تقع في خمس مجلدات وطبعاً هو علومه بخصوص القرآن اخذها من عبد الله بن عباس الذي يعتبر اول مفسر للقرآن بعد الامام علي(ع) بعد ذلك عرف عطية الكوفي بصلابته وتعلمون ايها الاخوة والاخوات ان المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف، الصلب الثابت القدم خير من المؤمن الضعيف الذي انهزامي، هذا عطية الكوفي شخصيته عرف بصلابته حتى انا اذكر هذه اللقطات، مثلاً كانت مدينة شيراز تخضع لسلطة الحجاج، حجاج بن ابي يوسف الثقفي، وكان الوالي عليها فظاً غليظاً من ابناء عمه وايضاً ثقفي واخذ عطية على عاتقه ان يبلغ رسالة اهل البيت في معظم الاقطار التي يمكن ان يسافر اليها وكان الهاجس الذي يزعزع فكر الامويين هو نشر فضائل اهل البيت وعلم اهل البيت لان بني امية ارادوا ان يجعلوا الاسلام حكراً عليهم فيفصلوه للناس بما يناسب مشتهياتهم. بما يناسب ظلمهم واستهتارهم، ولولا سمح الله، لو لم يكن لهذه الزمرة امثال عطية الكوفي الذين تجشموا عناء السفر وتحملوا آلام هذه الوظيفة والخيار الصعب لحصل هؤلاء يعني بني امية على مجال اكثر وشكل ذلك خسارة للاسلام الاصيل فالرجل كان صلباً وعلماً بأن حكم الحجاج كان حكما قاسياً بشدة يعني يتعامل هؤلاء الا انه مزق هذه الحواجز فكان في شيراز يخطب على الناس وينشر علوم الاسلام ويفسر لهم القرآن حسب ذوق اهل البيت وكان الحجاج قد ضاق ذرعاً منه وكان يطارده من مدينة الى مدينة فلما علم الحجاج بأن عطية الكوفي قد وصل الى هناك وبدأ ينشر رسالة اهل البيت كتب رسالة شديدة اللهجة الى واليه، يتعجب ويبدي استغرابه من هذا الوالي كيف تجرأ عطية على ان يقوم بهذا التحرك وهذا النشاط في شيراز او تلك المنطقة التي تخضع لولاية هذا الرجل فقبض عليه، قبض هذا الوالي على عطية الكوفي وترك امره حتى تأتيه الهداية والتعليمات من الحجاج بقي في الحبس حتى جاءت تعليمات من الحجاج الى الوالي يأمره بأن يخير عطية بين امرين اما ان يصعد المنبر ويلعن علياً ويكفر علياً وطبعاً هذه سياستهم المتبعة آنذاك اما ان يفعل ذلك واما ان يضربه اربعمائه سوط، طبعاً هذا امر شبه مستحيل على صاحب الرسالة وحامل المبادئ اذا صار بناءه يصعد ويلعن علياً بنفس اللسان الذي كان قبل ايام يشدو فيه بفضائل اهل البيت وبتعاليم اهل البيت ومبادئ اهل البيت هذا يعني ان يعطي للناس صورة عن الازدواجية والتناقض وربما الناس من خلال هذا تقيم عطية تقييم سلبي، لان غير ممكن انسان يتراجع عن موقفه اياً كانت الظروف، نعم هناك كما يعرفه الفقهاء هناك عنوان الرخصة يعني ما يسميه فقهاءنا بالتقية ولكن التقية ومعناها وشروطها تابعة الى الطرف بنفسه اذا علم بأن كلامه هذا فيه نجاته هذا امر آخر، وهذه كانت سياسة بني امية انهم ينتزعون منه ماذا يريدون ثم بعد ذلك يقتلوه، فاذا كان هو مقتول لا محالة، فعليه ان يقتل في سبيل مبادئه، وفي سبيل تركيز مبادئه فلما عرض عليه فقال لا والله انا لن انال علياً بلسان مدحته به حتى ولو اضرب ملايين الاسواط.
فعلاً كان يلح في اثناء التحقيق بأنه لن يتزحزح عن ولاء علي وعن نشر فضائل علي، طبعاً الوالي كان يحاول ان يقنع عطية الكوفي بالرأي الآخر الا انه اصر وقال بأنه لم يتبقى من عمري ما يستحق ان اراهن نعوذ بالله على مبادئي. فعلاً ضرب اربعمائه سوط. بأثناء اجراء هذه العملية وقع على الارض وانهار فظنوا انه مات، القوه في مزبلة وسبحان الله!
قلت هذا سلوكهم مع خصومهم انهم لم يكتفوا بقتل الطرف، القوه في مزبلة وبقي هناك حتى ان امرأة جاءت وعثرت عليه وفيه رمق فاخذت تمرضه ونجا. واخيراً اقول استمر ينشر فكر اهل البيت حتى توفي رضوان الله عليه عام 111 للهجرة فرحمة الله عليه وزاد الله درجاته. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******