الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين.
من مشاهير علماء الاسلام واصحاب الجهد والجهاد في ميدان العلم والتأليف والادب ورمز من رموز الصادقين هو العالم الجليل الشريف الرضي طبعاً يكنى بأبي الحسن وهو من احفاد الامام الكاظم ينتهي نسبه للامام الكاظم وهو من سلالة السيد ابراهيم المجاب ابن الامام الكاظم وهو مدفون يعني السيد ابراهيم المجاب في حرم الامام الحسين(ع) وله ضريح منفصل به خاص في حرم الحسين(ع) وطبعاً كان الامام الصادق(ع) لما يزور جده الحسين يتجه الى السيد ابراهيم المجاب، الى قبره، وايضاً يسلم عليه، الشريف الرضي هو واخوه الشريف المرتضى تتلمذا على يد الشيخ المفيد قبل عشرين عاماً وقيل اكثر من ذلك ولتلمذهما على يد الشيخ المفيد قصة يرويها المؤرخون وهي من اجمل القصص، تقول الرواية ان الشيخ المفيد(رض) رأى رؤيا وطبعاً منام الشيخ المفيد ليست كسائر الناس يعني المنامات التي يراها الناس، عالم جليل ولي من اولياء الله.
فرأى الشيخ المفيد في المنام كأن فاطمة الزهراء(ع) دخلت عليه في بيته في مدرسة وهي ماسكة بيدها اليمنى الحسن وبيدها اليسرى الحسين فلما استيقظ الشيخ المفيد كان يفكر في تأويل هذه الرؤيا وان ما هو تأويل هذا المنام وما معناه واذا عند الصباح، صبيحة تلك الليلة التي شاهد فيها هذه الرؤيا طرقت الباب وهو في المدرس كان يدرس التلاميذ، فتح الباب وبنفسه في ذلك اليوم يفتح الباب من باب التواضع يعني هو يفتح الباب وما عنده خادم، فتح الباب واذا يرى فاطمة بنت المعز لدين الله الفاطمي وهي ام الشريفين الرضي والمرتضى ماسكة بولديها واحد باليد اليمني والآخر باليد اليسرى سلمت وقالت يا شيخنا جئت بولدي هذين ليتلمذا لديك فينشآن علمين من اعلام الاسلام. فجلس على الارض مدهوشاً وعلم بأن تأويل رؤياه هو هذا الذي حدث، فتتلمذا عنده سنين طوال ويذكر المؤرخون لذلك الوان من القصص لامجال لذكرها الآن.
طبعاً الشريف الرضي مدفون بجوار الامام موسى بن جعفر وله خدمات جليلة للاسلام وللمسلمين له تفسير على القرآن الكريم وهو من اروع التفاسير اسمه «حقائق التزيل» هذا من التفاسير الموثقة والتي لا تخلو منها اي مكتبة من المكتبات المهمة، الشريف الرضي له انجاز من اروع الانجازات وهو تأليفه خطب امير المؤمنين. جمع خطب الامام امير المؤمنين في كتاب اسماه «بنهج البلاغة» نهج البلاغة هذا الكتاب الشريف العظيم طبعاًهذا يأتي بعد القرآن الكريم من حيث البلاغة ومن حيث العبارات الشيقة التي يعجز عن الاتيان بمثلها اعظم الكتاب والمفوهين والمحدثين. هذه خطب امير المؤمنين(ع) امام البيان وطبعاً هذا الانجاز حاول البعض التشكيك به وكثيراً ما نسمع من هنا وهناك بعض التخرصات بأن هذا الكتاب مثلاً لاصحة لهذه الخطب وانها كلمات اصطنعها الشريف الرضي بزعمهم. طبعاً تصدوا للرد على هذه التخرصات مجموعة من العلماء والكتاب وفي طليعتهم العالم الجليل السيد عبد الزهرة الحسيني الخطيب الف كتاباً عظيماً موسوعة اسم الكتاب «مصادر نهج البلاغة». وطبعاً هذا الكتاب طبع عدة طبعات ونقح عدة مرات مصادر نهج البلاغة وفي عقيدتي يلزم كل مؤمن يعتز بايمانه وولاءه لاهل البيت ان يقتني هذا الكتاب وضرورة ان عندما يطالع هذا الكتاب يقرأ المقدمة، انا أوكد على المقدمة. لان المقدمة هي التي تفتح الذهن الى معاني الكتاب وفهم معاني الكتاب «مصادر نهج البلاغة».
واذكر قصة رواها السيد محسن الامين العاملي(رض) بأن الكاتب صاحب القلم المشهور اللبناني شكيب ارسلان سافر سفرة علمية الى اوربا لتقصي المكتبات والمراكز العلمية، وذلك اليوم السفر الى اوربا يكلف عناء ويكلف تعب. فلما عاد من هذه السفرة العلمية الحساسة زاره معظم رجال المعرفة من كتاب من باحثين من ادباء وكان في هذه المناسبة بيته ندوة او مهرجان ادبي. فذات ليلة في خضم الاجتماع دار هذا الكلام حول عظمة نهج البلاغة ومعطيات نهج البلاغة واذا البعض لم يستطيعوا اخفاء حقدهم على اهل البيت وعلى ثقافة اهل البيت طرحوا هذه النغمة نعم نهج البلاغة خطب ابتدعها وكتبها الشريف الرضي ونسبها الى الامام علي بن ابي طالب نهض شكيب ارسلان وهو يقول انا اعرف ما هو الدافع لهذه الكلمات وهذا التشكيك، ان الدافع لهذا ما تعرض له الامام علي بن ابي طالب من كلام حول من تنعتونهم بالصحابة وهذا هو السبب، والا انتم تعرفون حق المعرفة ان نهج البلاغة للامام علي لكن بما ان الامام يشير ببعض خطبه الى بعض سلبيات من تسمونهم بالصحابة هذا الذي يقف من قبيل الخطبة الشقشقية والخطب الاخرى التي تكلم بها الامام عن واقعة الجمل عن النهروان. عن صفين، عن الممارسات الاخرى، ثم يقول لهم شكيب ارسلان، واني لكم جميعاً مع ما فيكم من عمالقة الكلام واساتذة الفن ان توجدوا خطبة واحدة مثيل لخطب الامام علي فكيف الشريف الرضي يؤلف الخطب هذه كلها، انتم كلكم عاجزين عن تأليف خطبة واحدة ان توجدوا خطبة واحدة مثيلة لهذه الخطب، الشريف الرضي(رض) بالاضافة الى خدماته الرائعة للاسلام ومؤلفاته كان اديباً ملكاً من ملوك الشعر له ديوان «ديوان الشريف الرضي» وملئ بالقصائد ومقاطع الشعر في اهل البيت بالحكمة والموعظة.
ابن خلكان يقول ان الشريف الرضي جزل القول مقدماً على اهل وقته، الخطيب البغدادي في كتابه تاريخ بغداد يثني ثناءً عاطراً على الشريف الرضي، انا اذكر للشريف الرضي من بعض مقاطعه مثلاً يقول ويبين معاناته وتعامل الدنيا واهل الدنيا معه يقول:
عتبت على الدنيا فقلت الى متى
اكابد حزناً همه ليس ينجلي
اكل شريف من عليً جدوده
حرام عليه العيش غير محلل
فقالت نعم يعني الدنيا لان هو عاتب على الدنيا:
اكل شريف من علي جدوده
حرام عليه العيش غير محلل
فقالت نعم يابن الحسين رميتكم
بسهم عناد حين طلقني علي
يشير الى قول الامام امير المؤمنين
يا دنيا غري غيري اليك عني، فقد طلقتك ثلاثاً
طبعاً الشريف الرضي توفي ببغداد وهو في ريعان عمره، عمره سبعة واربعين سنة، في السادس من المحرم عام 406 ودفن بجوار الامام الكاظم ولما توفي قامت عليه نوادب الادب وبكاه الافاضل واهل الفضائل وحضر جنازته الاشراف والاعيان. تغمده الله برحمته والسلام عليه وعليكم ورحمة الله وبركاته.
*******