ولد "العلامة محمد بن شقرون" عام 1932 للميلاد في مدينة "مراكش" بالمغرب حيث درس وتعلّم القرآن والعلوم الدينية ثم بدأ تعلّم اللغة العربية والفرنسية وبعد ذلك بدأ تعلم الفقه والتفسير والعلوم القرآنية الأخري حتي أصبح مختصاً فيها.
وانحدر الراحل محمد بنشقرون -الذي ولد في مراكش عام 1932- من عائلة تهتم بالعلم وتشجع عليه، إذ دفعته أسرته في سن مبكرة لتلقي التعليم التقليدي إلى جانب العصري، فحفظ القرآن الكريم صغيراً وعدداً من الكتب الفقهية مثل ألفية بن مالك والأجرومية وتحفة بن عاصم.
وتتلمذ في بداية تكوينه العلمي على يد والده الذي كان أستاذاً للغة العربية والفرنسية، ثم على أساتذة مدرسة "ابن يوسف" بمراكش أمثال العلامة المختار السوسي والفقيه محمد عماد الدين والعلامة ابن الفضيل.
وإلى جانب التعليم الأصيل أو التقليدي، تلقى بن شقرون دراسة عصرية بالمدارس الابتدائية والثانوية بمراكش التي كانت تحت إدارة الفرنسيين في فترة الحماية، ثم استكمل تعليمه العالي بين الرباط وباريس.
وفي السنة التي حصل فيه المغرب على استقلاله 1956، نال الراحل دبلوم الدراسات العليا المغربية الفرنسية بالرباط، ثم الإجازة (البكالوريوس) في الآداب وعلم النفس بالرباط سنة 1961 ودبلوم الدراسات العليا والتبريز من جامعة باريس سنة 1968، ودكتوراه السلك الثالث ودكتوراه الدولة في الآداب بالجامعة الفرنسية 1974.
وبدأ الراحل مساره المهني معلماً للمرحلة الابتدائية والثانوية، ثم أستاذاً للتعليم العالي بجامعة محمد الخامس بالرباط في شعبة اللغة العربية وآدابها والحضارة.
وشغل مناصب ومسؤوليات متعددة، إذ عيّن مديرا للمجلة الثقافية الصادرة عن وزارة الدولة المكلفة بالشؤون الثقافية (1963-1970)، ورئيساً للجمعية المغربية للتربية والتعليم سنة 1983، ثم وزيراً مؤقتاً للتربية الوطنية في الثمانينيات، وتقلد مهاماً في اليونسكو ووكالة الغوث.
وفي سنة 2013 حصل على جائزة محمد السادس التنويهية التكريمية للفكر والدراسات الإسلامية مكافأة له على الجهود التي قدمها في خدمة البحث العلمي والفكر الإسلامي، وهي الجائزة التي سلمها له العاهل المغربي، وحصل في نفس السنة على جائزة الأكاديمية الفرنسية للإشعاع الأدبي واللغوي الفرنسي.
وللعلامة بن شقرون كتب في ترجمة القرآن الكريم وفي مجال التعريف بالدين الإسلامي في الغرب بمختلف اللغات الأوروبية خصوصاً الفرنسية وأهم كتبه "القرآن الكريم: تفسير وترجمة معانيه الى اللغة الفرنسية".
ويعد كتاب "القرآن الكريم: تفسيره وترجمة معانيه إلى اللغة الفرنسية" أبرز إنتاجاته، إذ استغرق منه 10 سنوات من العمل والجهد، وهو أول ترجمة دقيقة لمعاني القرآن إلى الفرنسية بحسب الباحثين، وصدر هذا العمل في 10 أجزاء، والطبعة الجديدة صدرت في 3 مجلدات بفرنسا.
وقيل أن غايته من ترجمة القرآن الكريم إلي اللغة الفرنسية هي مواجهة الصورة الخاطئة عن الدين الإسلامي وعن القرآن الكريم لدي الغربيين.
وإلى جانب ترجمة وتفسير القرآن الكريم، صدر للراحل مؤلفات أخرى في نفس الحقل العلمي "القرآن الكريم حسب موضوعاته المختلفة" في 4 أجزاء باللغة الفرنسية، و"معجم مباني ومعاني القرآن الكريم"، و"مدخل إلى الدراسات القرآنية والحديثية" في جزأين، ثم "معجم قرآني باللغة العربية والفرنسية والإسبانية".
وبعد مسيرة علمية وفكرية زاخرة بالإصدارات الفقهية والتاريخية، توفي العلامة المغربي محمد بن أحمد بن شقرون 30 سبتمبر 2022 للميلاد عن سن يناهز 90 عاماً، مخلفاً إرثاً علمياً متنوعاً في الفكر والثقافة والترجمة والأدب والتاريخ، وتعد ترجمته لمعاني القرآن الكريم وتفسيره إلى اللغة الفرنسية أبرز إنتاجاته.