وفي الخرطوم، تجمع آلاف المحتجين في المدن الثلاث، الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان. وإذ انطلق المحتجون من ثلاث نقاط رئيسة، في كل من باشدار والمؤسسة وشارع الشهيد عبد العظيم، اختار موكب في الخرطوم الانطلاق من محطته، وتوجه مباشرة إلى القصر الرئاسي قبل أن يشتبك مع قوات الشرطة التي أطلقت القنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع لتفريق الموكب.
وجاءت تظاهرات، اليوم الأحد، تحت شعار "مليونية 30 أكتوبر"، التي دعت لها لجان المقاومة السودانية، وقوى إعلان الحرية والتغيير، وذلك في سياق مقاومة مستمرة للانقلاب العسكري الذي نفذه قائد الجيش الجنرال عبدالفتاح البرهان في 25 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.
وبحسب مصادر لجان المقاومة، فقد بلغ مجمل ضحايا الاحتجاجات المستمرة منذ عام حوالى 119 قتيلاً وآلاف المصابين.
توازياً، شهدت مدينة ود مدني، وسط السودان، تظاهرت مماثلة جابت طرقات المدينة وهتفت بسقوط قائد الجيش عبد الفتاح البرهان.
وتكرر مشهد التظاهرات بمدن أخرى مثل المناقل وكوستي وكلمة وغيرها من المدن، مناوئة لانقلاب العسكري، ورفضاً لأي تسوية سياسية مرتقبة مع الجيش.
وطبقاً لمعلومات، فإن المكون العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير توالي مفاوضات سرية تحت إشراف لجنة رباعية من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والسعودية والإمارات، للوصول إلى اتفاق ينهي الأزمة السياسية في البلاد في أعقاب الانقلاب العسكري.
وتكشف مصادر؛ أن المفاوضات تعرقلها في الأيام الماضية ثلاث عقبات، الأولى تردد المكون العسكري في المضي في الاتفاق، والثانية إصرار العسكر وتمسكهم بوجود ضمانات دستورية بعدم ملاحقتهم قضائياً في المستقبل، خصوصاً بشأن ما حدث في ليلة فض الاعتصام 2019 وما حدث بعد انقلاب 25 أكتوبر، مقابل تمسك الحرية والتغيير بالمحاسبة.
أما العقبة الثالثة، فتتعلق بتحركات أنصار النظام القديم لفرملة أي اتفاق بين الجانبين.
ولفتت المصادر، إلى أن اللجنة الرباعية تسعى للقيام بضغوط جديدة على المكون العسكري من جهة، وقوى إعلان الحرية والتغيير لتقديم تنازلات في بند العدالة الانتقالية، خصوصاً مع تشدد قوى داخل الحرية والتغيير على عدم منح عفو للانقلابيين حتى في ما تعلق بالأفعال ذات الطبيعة العامة دون قضية قتل الشهداء التي تقول الأخيرة إنها لا تمتلك حق التنازل عن القصاص فيها باعتبارها حق لذوي الضحايا.
إلى ذلك، استبقت السلطات تظاهرات اليوم، بإغلاق 6 من الجسور الرابطة بين منطقة وسط الخرطوم وبقية المناطق للحيلولة دون الوصول إلى القصر الرئاسي.
كما نشرت السلطات قوات إضافية من الشرطة عند مدخل شارع القصر، وأغلقت الطرق المؤدية إلى مقر قيادة الجيش وسط الخرطوم.
من جهتها، قالت هيئة محامي الطوارئ، في بيان، إن إغلاق الجسور هو "محاولة للسلطة الانقلابية لوقف المد الجماهيري المتصاعد والرافض للانقلاب".
واعتبرت أن هذه الإجراءات تهدف إلى التضييق على المواطنين، موضحاً أنها "انتهاك صريح لحقهم في التنقل والحركة، ومخالفة للمادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان والمادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية واللتين أتاحتا الحق في التنقل".
وطالبت الهيئة "بالكف عن تعطيل مصالح الناس وزيادة العنت والمشقة عليهم بعرقلة المرور والسماح لهم بممارسة حياتهم الطبيعية وحقهم في التنقل الذي كفلته لهم القوانين".
وأمس السبت، احتج آلاف السودانيين أمام مقر بعثة الأمم المتحدة بالخرطوم، على وساطتها بالأزمة السودانية بين العسكريين والمدنيين. وأفادت وكالة “فرانس برس” بأن المتظاهرين أقاموا منصة مزودة بمكبرات صوت وحملوا لافتات كتب عليها “لا للتدخلات الأجنبية” و”لا للرباعية”، في إشارة إلى وساطة الأمم المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات، فيما تمركزت قوات الشرطة على مقربة من الاحتجاج.