الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين ابي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
نتحدث عن الامام سادس الائمة من اهل البيت:
الله اكرم دينه واعزه بمحمد
واكرم بالامامة جعفر بن محمد
طبعاً الامام الصادق(ع) يقول فيه احد الادباء:
شق ظلام الجهل فجر المعرفة
بصبحه الصادق رسماً وصفة
بثلوا باب العلم في الالباب
ومن يزل قشر من اللباب
احيا بانواع العلوم والحكم
قلوب ارباب المعاني والهمم
في عام 117 من الهجرة وهي سنة وفاة الامام محمد الباقر(ع) تحمل الامام مسؤولية الامامة وكانت امامته اواخر حكومة بني امية او ايام ضعف ذلك الكيان ثم مجئ ال العباس وكانت فرصة ثمينة استغلها الامام الصادق(ع) لبناء مدرسته او جامعته الضخمة التي انظم اليها الباحثون والمنتهلون لينابيع المعرفة والعلم من مختلف البلدان ولكن لما جاءت وسقطت الخلافة وسقطت بيد المنصور الدوانيقي وعمت الاقطار الاسلامية غمامة من البطش وسفك الدماء والفزع والارهاب اخذ المنصور الدوانيقي يطارد العلويين في افضع هجمة شرسة وموجة الاعتقادات والاعدام وحتى انه بنى عدداً منهم في الجدران وفي اعمدة المباني كتفنن في القضاء عليهم.
طبعاً يأتي هذا السؤال ان الامام الصادق(ع) لما كان له ذلك الموقع وذلك الموقف لماذا لم يختار التحرك العسكري ويثور بوجه الطغاة وبوجه ذلك الحكم؟
طبعاً نحن لما نقارن موقع كل امام من الائمة نرى بان الائمة تختلف اذوارهم وتتنوع لكن الهدف واحد، واحد بطريق المواجهة المسلحة واحد بطريق الدعاء واحد بطريق المهادنة نوعاً ما بالظاهر يعني الامام الصادق(ع) كجده الامام امير المؤمنين، الامام امير المؤمنين ماثبت معه الا قلائل بعدد الاصابع بعد وفاة رسول الله(ص) كذلك الامام الصادق كان يفتقر الى وجود طواقم من اصحابه الذين يقفون معه موقفاً يؤهله بان يتحرك تحركاً عسكرياً، تحركاً مسلحاً حتى ان احد الذين يترددون على الامام الصادق واسمه سهل بن الحسن الخراساني كان يأتي من خراسان يوم من الايام دخل على الامام الصادق وصار يتحدث مع الامام عن ذلك البطش والارهاب والدماء ثم قال له: سيدي لم لا تطالب بحقك فقال له الامام: اطالب بحقي مع من؟ قال: سيدي معك مئة الف سيف يعني مئة الف مقاتل يقفون معك ويضربون بين يديك الامام(ع) قال له: يا خراساني رأى الله حقك ثم قال الامام يا حنفية وهي جارية كانت عنده ازجري التنور فزجرته حتى صار ملتهباً التفت الامام الى الخراساني كفن من الفنون في تبليغ الرسالة وزرع المعنى الدقيق، فقال له الامام: قم واجلس في التنور يا سهل انت الذي تقول عندي مئة الف سيف تفضل واجلس في التنور.
قال وهو مضطرب: اجلس في التنور والتنور ملتهب اقلني اقالك الله فوالله ما جنيت شيئاً حتى تغذبني: الامام قال: اقلتك، اجلس هذا لم يفهم المغزى الذين يريده الامام(ع)، في هذه الاثناء دخل شخص على الامام الصادق سلم واسمه هارون المكي فقال الامام: يا هارون وعليك السلام ضع النعل واجلس في التنور فقال: يا مولاي سمعاً وطاعة ودخل وجلس في التنور، هنا قد يسأل احداً كيف دخل هذا الرجل بامر الامام في التنور وهو يلتهب ناراً نحن لسنا بصدد الجواب على هذا بكل الجزئيات لكن نلفت نظر السامع الى موضوع اشار اليه القرآن بشكل واضح "يا نار كوني برداً وسلاماً" الله سبحانه وتعالى حوّل تلك النار التي سجّرها نمرود وكانت الروايات تقول الطير اذ امر عليها يسقط من شدة حرارتها، الله سبحانه وتعالى حول تلك النار الى برد وسلام، الامام الصادق يقول له: اجلس يا هارون وهذا دخل والامام يتحدث مع الخراساني عن خراسان وطبيعة الناس هناك واوضاعهم ثم قال: انظر ما في التنور اتى ورأى هارون جالس متربع ثم قال الامام: يا هارون اخرج فخرج منها وهارون ينفض الرماد عن يثابه وهذا الخراساني مدهوش ينظر الى هذه العملية فقال له الامام: كم تجد في خراسان مثل هذا انت الذي تقول وتصف هذا العدد الضخم مئة الف مثل هذا كم واحد يوجد في خراسان؟ فضحك الرجل سهل بن الحسن وقال يا سيدي: لا يوجد ولا واحد هناك.
فالامام(ع) يقول له تطلب مني ان اتحرك الان ربما يشار الى هذا المعنى لما هذا التأخير في الظهور، ظهور الامام المهدي واحدة من الاسباب عدم توفر او تكامل وجود النقباء يعني هؤلاء 313 وهم اصحاب الامام المهدي(عج) نحن لا نفس كلمة الامام امير المؤمنين حينما مروا به على قبر رسول الله؟ قال: "يا بن ام ان القوم استضعفوني".
الاستضعاف وهو عدم وجود الشخص الذي يقف مع الامام الى آخر قطرة من دمهم ما كان يوجد النبي(ص) قال للامام الصادق يوماً من الايام اذا تمّ لك عشرون فجاهدهم والقرآن يقول: "ان يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مئتين" لذلك الامام(ع) يقول له في خراسان كم واحد مثل هذا قال: لا احد ويرينا التاريخ صفحة اخرى من هدي الامام الصادق ومن ثباته.
ان الامام الصادق كان في الحبس لان الامام حبس عدة مرات وفي فترات متقطعة وهجر عدة مرات وكان المنصور يحضره يضغط عليه ضغوط نفسية.
مرة يكتب للامام لم لا تخشانا انت كما تخشانا الناس، فاجابه الامام(ع) برسالة مجملة لكن مليئه بالمحتوى ما عندنا في الدنيا ما نخاف عليه ولا عندك من الاخرة ما نرجوك عليه فلم نخشاك؟ واستعمل المراوغة مع الامام الصادق فقال(ع) تصحبنا لتنصحنا نحن لا نقول تأتي عندنا خوفاً او طمعاً يراوغ نوع من المراوغة فقال تصحبنا لكي تنصحنا نداول معك الامور فالتفت اله الامام(ع)قال: "ما عندك من نعمة نهنيك بها ولا انت بنقمه نعزيك عليها، لا نهنيك ولا انت مار بمصيبة حتى نعزيك ومن اراد الدنيا فلا ينصحك ومن اراد الآخرة فلا بصحبك اما الذي يبحث عن الدنيا ومشتهيات الدنيا هده موجوده عندك اذا نصحك معافاه يحرم من مشتهات الدنيا اما الذي يريد الآخرة المفروض ان يبتعد عن من مثلك وعن امثالكم لان مصاحبة هذه العناصر تفسد على الانسان آخرته". مجمل جواب الامام عندما يقول له "تصحبنا لتنصحنا قال من اراد الدنيا فلا ينصحك ومن اراد الآخره فلا يصحبك".
واستمر الامام الصادق يقاسي ما كان يقاسيه هو وابناء عمومته رغم ما كان يشتغل في تثقيف المسلمين بالعلوم والمعارف حتى شاع ذكره بشكل وهاج في الافاق الاسلامية وكلما كان يحاول المنصور الدوانيقي ان يستدرج الامام في موكبه وان يخضعه لسلطته الامام كان يتخلص من ذلك باحسن الحجج والمنصور الدوانيقي الى ان يرسل الى الامام سماً فتاكاً ليتخلص من الامام الصادق.
نسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا شيعة مخلصين للامام الصادق واهل بيته وان يوفقنا للاستفادة من ثقافتهم العالية. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******