الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين.
حديثنا عن الامام الحسن العسكري الامام الحادي عشر من ائمتنا اهل البيت(ع) طبعاً هو الحسن الثاني من اهل البيت ابوه الامام علي الهادي(ع) وامه تسمى بسوسن وهي ام ولد، ولد الامام الحسن العسكري(ع) بالمدينة عام 231 للهجرة وفاته عام 260 بسامراء وتحمل الامام الحسن العسكري(ع) مسؤلية الامامة وهو في العشرين من العمر او في التاسعة عشر من العمر ومدة امامته ثمان سنوات وعاصر فيها فترة مشحونة بالمؤامرات والفتن التي شنت ضد فكر اهل البيت وطبعاً لم يترك العباسيون سواءً المستعين او المعتز او المهتدي او المعتمد هؤلاء هم الذين عاصرهم الامام الحسن العسكري(ع) ما تركوا وسيلة لمحاربة الامام والقضاة على الامامة واثارها وبركاتها الا وسلوكها لذلك كانت هذه الثمان سنوات وهي فترة امامة الامام الحسن العسكري(ع) فترة صعبة جداً استطاع الامام ان يؤدي فيها مسؤوليته وهو يمر بأصعب المحن ومر عليه السلام بسجون متنوعة اما ان يكون سجن اما ان يكون احتجاز، وعلى ايّ حال رغم مروره بهذه السجون الا انه استفاد منها في ايجاد نهضة فكرية واعداد مجموعات كبيرة من المؤمنين كان بعدهم نفسياً معلمياً لتجاوز المحن كان ينشر الفكر الاسلامي وفكر اهل البيت خصوصاً في عهد سجون الامام انتشرت هناك افكار هدامة ومذاهب تعلل نفسها بالفلسفة او مذاهب فلسفية وهذه كانت غايتها هذه الفرق التي كانت تنشر المذاهب والافكار الفلسفية كان هدفها التشويق على الافكار الصحيحة لاهل بيت وايجاد بلبلة وارباك في انتشار الفكر الامامي الاصيل، طبعاً الظالمون والطغاة كانوا يستفيدون من هذا الوضع لان كلما يربك الساحة الاسلامية ويلغمها بالاضطراب وبالشوشرة وبالالتباسات والهرج والمرج هذا يضعف من وحدة المسلمين وبالتالي يضعضع المباني الصحيحة لافكار اهل البيت ويشكل ساحة انتصار وتقدم للظالمين للطغاة.
انا اتخطر مثلاً في عهد الامام الحسن العسكري انتشرت افكار الراوندية هؤلاء كانوا يتلبسون ويتمترسون وراء عناوين اسلامية ويصفون انفسهم بانهم دعاة لفكر الاسلام لكن بالنتيجة ضعضعوا افكار الناس وزعزعوا ثقة الناس بالاسلام وكانت من وراء الكواليس الطغاة انذاك تمولهم بالمال وتدعهم في كل المجالات من اجل ايقاف فكر اهل البيت الخصب الذي كان ينشر بسرعة.
غرضي ان الامام الحسن العسكري(ع) قاوم ذلك بتوئدة وتأمل وبتعمق رغم ما كان يمر به من صعوبة كبيرة طبعاً الامام الحسن العسكري(ع) شأنه شأن بقية الائمة لانهم كانوا مراجع يعني الامام يشكل مرجع للامة على كل المستويات ليس كما يتصور البعض تصوراً ضعيفاً بان اهل البيت كان احدهم يشكل مرجع للمسائل الفقهية لا المسائل الفقهية تشكل جانب من اسس مرجعيتهم لانهم مراجع لكل المسائل سواء في السياسة في الاقتصاد في الاجتماع حتى في المسائل الصحيحة، مثلاً بخصوص الامام الحسن العسكري يكتب المؤرخون ان كتب له احدهم يسأله عن مسألتين احداهما صحبة والثانية سياسية يسأله مثلاً عن اكل البطيخ على الريق يعني عند الافطار يعني يفطر على بطيخ، والؤال الثاني يسأله حول قائد الزنج قائد ثورة الزنج هذا كان يعنون نفسه بانه علوي وكان يصور للناس بانه مدعوم من الامام الحسن العسكري وكافة اهل البيت وان اهل البيت يقفون معه في ارائه وفي اطروحاته فكاتب الرسالة هذا يقول: كتبت للامام رسالتي العادية وانا اعد ان اكتب سؤالين هم عن البطيخ واكل البطيخ على الريق وهم عن طبيعة قائد ثورة الزنج هل انه علوي؟ هل ان الائمة يدعمونه بخصوص الامام هل انه يتفق اراءه؟
الرجل يقول انا ارتبكت كتبت للامام الرسالة العادية والسؤال عنه ونسيت انا واسأله المسألتين هذه يمر بها الانسان العادي احياناً نكتب رسالة الى قريب او صديق الغاية من كتابة الرسالة موضوع مهم لكن ننشغل بالسؤال عن الاحوال والهامشيات ثم نغلق الرسالة ونضع عليها الطابع ونلقيها في البريد وننسى الموضوع نقع في هذا كثيراً، الرجل وقع فيها يقول: كتبت الرسالة للامام ونسيت السؤالين ان اكتب السؤالين وبعد مدة وردتني رسالة من الامام وهي جواب على رسالتي وهنا الملفت للنظر يقول: واذا بالامام يجيبني على سؤالين دون ان اذكرهما بالرسالة لان انا غالباً ما كنت اكتب رسالة احتفظ بنسخة منها عندي واذا بالامام(ع)كتب اليّ ان سؤالك الاول وهو اكل البطيخ على الريق، اياك وذاك فانه يورث الفلج بخصوص ظرف اكله ووقت اكله. واما سؤالك عن فلان وهو قائد ثورة الزنج فانه ليس من العلويين، لكن الامام اكتفا بهذا ولم يقدح بثورة قائد الزنج وهنا توجيه وهكذا نتصور ان الائمة(ع) تفادوا ان يقدحوا او يجرحوا اي حركة كانت تضعف العباسيين لانه اي تضعيف لتلك الثورة او الانتفاضات كان بالنتيجة يشكل دعماً لكيان العباسيين الجائر والائمة تبنوا هذا الخط والمنهج وانهم كانوا لا يرفضون اي تحرط ضد العباسيين لذلك وجدنا الامام الحسن العسكري ما قدح بثورة هذا الزنج او قائد ثورة الزنج ولا جرح وكذلك لم ينقح الموقف انما كتب له ان هذا ليس من العلويين.
الذي نستفيده من هذا ان الامام كان مرجعاً لمختلف المسائل حتى المسائل الصعبة وكان متفوقاً في كل المجالات وبنفس الوقت الامام(ع) اجاب عن امر لم يكن مكتوباً في الرسالة هذا ليس من باب ان ننسب علم الغيب لاهل البيت انما اهل البيت يعلمون الغيب بهذه الصورة بانهم حدثوا بذلك وان الله سبحانه وتعالى جزاءً لتقواهم وطاعتهم الله عزوجل الهمهم مالم يلهم بقية العباد كما ورد في كلام الامام الهادي(ع) في الزيارة الوحيدة او الثانية المنسوبة الية "اتاكم الله مالم يؤتي احداً من العالمين" فهذه مثلاً من الحالات التي مر بها الامام الحسن العسكري(ع) الامام كان احياناً يعتمد التستر والتعتيم في نشر الفكر الاسلامي فكر اهل البيت واحياناً لا بالعكس، والظاهر الامام يساير الظروف ويتعاطى مع الفرص طبعاً كان يدعمه بالمال جماعة من الشيعة يخفون الاموال في زقاق السمن كما تقول الروايات كوسائل للتستر والتكتم يخفون الاموال في زقاق السمن يوصلوها اليه والامام يراسلهم وكان الامام يراسل حتى سجناء المؤمنين بطرق خاصة ودقيقة وكان يأمر الامام رسله بحمل تلك الرسائل.
على اي حال حذم الامام وادى امامته بصورة معقدة من اجل ان يوصل الفكر الاسلامي الى عامة الناس. والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين.
*******