السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حديثنا عن الامام جعفر بن محمد الصادق سادس الائمة من اهل البيت(ع)، طبعاً الامام الصادق شكل وجوده وشكلت امامته منبعاً كبيراً لاحياء التراث الاسلامي وفكرة اهل البيت وحصل الامام الصادق(ع) على فترة متعته او مكنته من ان ينشر حديث رسول الله في الانفاق. 
تعرفون ايها الاخوة ان الحديث وان الامة كانت تعاني فراغ كبير بالنسبة للحديث باعتبار ان بعد وفاة الرسول الخليفة الثاني منع تدوين الحديث وهدد بالعقوبة من يكتب الحديث او ان ينقل اي حديث عن رسول الله وطلب ايضاً ممن عنده حديثه كتبه ان يأتي به، وظن البعض انه يريد ان يجمع ذلك لما جاءوا بتلك الاوراق او الصحف التي كتبوا فيها الاحاديث فامر باحراقها، مئة سنة الحديث كان مغلق وكتابة الحديث مغلقة باعتبار سياستهم كانت تهدف الى هذا المعني، وحسبنا كتاب الله في حين مبدأ اهل البيت وثقافة اهل البيت تقول لا هذا المبدأ وضعه رسول الله(ص) قال: "اني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي" باعتبار ان الكثير من الاحكام تبقى بدون وضوح والرؤية ملبدة الركعتين الصبح، اربعة الظهر هذا لم يوضح في القرآن الزكاة وهكذا، والغرض ان مئة سنة تقريباً مرت والمسلمون بدون حديث نقدر ان نقول الامام الصادق احيا ربوع هذا المحور بالذات وهو نشر الحديث عن جده رسول الله(ص)، ولرب قائل يقول بان الامام الباقر(ع) ايضاً اتصف طبعاً الامام الباقر ظروفه كانت ظروف جداً مؤطرة بالخطر وبالفزع وبالارهاب انذاك لكن الامام الصادق(ع) عمل على نشر الحديث واسس تلك المدرسة ما نسميها "بجامعة الامام الصادق"، انضم اليها اربعة الاف طالب من مختلف الاقطار الاسلامية فيهم الاسود والابيض والعربي وغيرالعربي من الشام من اليمن من مصر من المغرب ومن بلدان متعددة. 
الحافظ ابو نعيم محمد بن عقدة افرد كتاباً باربعة مجلدات خاص بالحديث وخاص بتراجم تلامذة الامام الصادق(ع) هذا المحور او ما نسميه بالمثلث، ساهم مساهمة كبيرة في اعادة بناء فكرة اهل البيت ولما نقول فكرة اهل البيت لا نريد ان نجحف احداً حقه، الحديث عن فكرة اهل البيت انما هو الحديث عن الاسلام الصحيح لاننا لا نستطيع ان نفهم الاسلام فهماً صحيحاً الا من خلال اهل البيت(ع) هم الامناء في بيتهم نزل الوحي. واذكر كلمة للامام الحسين(ع) لما كان في طريقه الى كربلاء واحد الاعراب صادفه واخذ بسأله ويستوضحه الامام الحسين(ع) يقول له: لو كنت في المدينة لأريتك اثر جبرئيل في بيتنا، اثر جبريل في بيتنا، جبريل كان فيه. 
في الواقع هذا المثلث وهو الامام امير المؤمنين(ع) والامام الحسين(ع) والامام الصادق(ع)، الامام امير المؤمنين بصبره وبثباته وبتعامله باتزان وتحمل في تلك الفترة الخطرة التي اعقبت الزلزال القوي الذي تلي بالمسلمون بعد وفاة رسول الله(ص)، اما الامام الحسين(ع)بتضحيته وبفدائه الذي قدمه والذي شمل ابناءه وغير ابناءه وان تطعم الموت خير البنين من الاكهلين الى الرضع، والثالث هو الامام الصادق(ع) يعني انظر احد الادباء يقول: الله اكرم دينه واعزه بمحمد والله اكرم بالامامة جعفر بن محمد معظم وقته الامام صرفه على تربية هذا الطاقم، اربعة الاف تلميذ وخرجت منه كوادر غيّرت مجرى التاريخ على مستوى الابتكارات العلوم الكيمياوية، لان ما كان فقط العلوم الدينية تدرس هذا في الواقع ابتزاز ومصادره للحقيقة بان يقول احد ان علوم اهل البيت تشمل الفقه او العلوم الدينية، لا علوم اهل البيت كانت شاملة لكل زوايا الحياة لا تجد فراغاً الا ويأمله فكر اهل البيت في مختلف الحقول فمثلاً جابر بن حيان. لذلك الشاعر يقول "سل بنا حيان وسل غيره كانوا على الدنيا صناديدا"، علم الكيمياء الامام علمه الابتكار والتحقيق، يقول له الامام الصادق(ع): "في التجارب علم مستأنف" علمه الامام صناعة الورق وعلمه الامام صناعة الحبر يرى في الظلام الذي نسميه نحن الفسفور وغير ذلك من العلوم التي ابتكرها الامام الصادق. 
هنا تبقى زاوية ربما يرد هذا المعنى الى ذهن الانسان او يُسأل او يَسأل يستوضح لماذا سمي الامام الصادق بالصادق؟ يعني هل ان هناك اماماً غير صادق نعوذ بالله؟ ابداً انما سمي الامام الصادق الامام اسمه جعفر لقب بالصادق، جعفر الصادق لماذا لان هناك في اسرة اهل البيت واحد اخر اسمه ايضاً جعفر فمن اجل سدالباب على ان هذا يسئ الاستفادة من اسم الامام الصادق من اسم الامام جعفر وربما الاجيال المتعاقبة يختلط عليها قول هذا من ذاك لذلك لقب الامام جعفر بن محمد بالصادق حتى يكون تميز بينه وبين ذاك جعفر وذاك اخيراً لكثرة عدم التزامه او نستطيع ان نقول ان التزامه مشكوك فيه في احاديثه وكتاباته وبان وضعه غير سليم حتى بعضهم وصفه بالكذاب فهذا سمي بالصادق لصدقه بالحديث وادائه الامانة بالاضافة الى هذا الحمل والعبء الثقيل الذي تحمله الامام وخاض به كل زوايا الدنيا عبر تلاميذه وعبر الكوادر التي شملت كل قطاعات الامة، ما كان الامام الصادق(ع) ايضاً يتخلى من ان يتعامل مع كل طبقات الامة، مثلاً كان الامام يخصص شئ يجيب به ذوي الفطرة هؤلاء البسطاء وتعرف الامام فرقه عن المربين من الدعاة الى الله ويتعامل مع كل شخص باسلوبه الذي يهضمه الطرف وكل واحد يخرج نتيجة، فمثلاً اذكر هذه القصة من القصص الجميلة. 
جاء احد عند الامام الصادق(ع) في المدينة وكان الامام مخصص وقت عنده لهؤلاء الناس يجتمعون به ويشكون للامام الامهم وامالهم ويتعاطف معهم ويخفف عنهم اتعابهم النفسية ويواسيهم وسأله سؤال غريب لكن الامام جعل من الجواب نقطة انطلاقة للتذهيب النفسي، قال للامام الصادق وددت يا بن رسول الله ان تدلني على اول شخص يدخل جهنم، سؤال غريب على كل حاول واريد ان تدلني على اول شخص يدخل الجنة الامام الصادق تأمل قليلاً وقال له تذهب الى الباب الفلانية اي باب كان في ذلك اليوم المدينة لها سور ولها ابواب، كل باب تعرف باسم يحميها من الغارات من الحملات ... الخ. 
الامام قال له تذهب الى تلك الباب وتجلس هناك، الصبح فاذا فتحت الباب اول واحد يخرج الى البيداء من المدينة هذا اول واحد يفد على النار وقال ومن يدخل الجنة قال الامام تجلس فاذا اوشك الباب ان يغلق واخر واحد يدخل هذا الباب يدخل الجنة، ركض هذا حتى الليل ينتهي وراح الصبح الى تلك الباب وجلس الى ان افتحت الباب قبل طلوع الشمس، اتى واحد وابنه معه خرج الى البيداء قال عجيب، هذا هو اول من يفد على جهنم، هذا عرفته، بقي جالساً عند الباب الى الغروب، صار الغروب انتظر بلهفة تهفو نفسه حتى كادت الباب ان تغلق، اخر من دخل الى المدينة وانغلقت الباب راه واذا به هو نفسه الذي خرج الصبح، وقع في حيص بيص وانتظر الى ان يحصل على الامام الصادق لان صار في ارباك، هذا لغز، اتى عند الامام الصادق قال له يابن رسول ماذا صنعت بي قال الامام لماذا قال انا بموجب تعليماتك ذهبت وجلست ورأيت اول واحد على جهنم واذا هذا الذي رجع وآخر من دخل هو الذي خرج. 
قال الامام الصادق: هذا هو وليس فيه كل اشكال، أتعلم كيف انه لما نظر الى الصحراء تعجب بها ولده صغير على الفطرة، التفت الولد الى ابيه، يبدو ان الاب كان من اهل جهنم في اعماله وسلوكه فقال الولد لابيه يا ابه ما اكبر هذا الصحراء، اجابه الاب على الفطرة والوجدان قال يا بني واكبر منها رحمة الله. يقول له الامام الصادق بهذه الكلمة اصبح اول وافد على الجنة. الامام الصادق قال: ان التذهيب النفسي هذا فالرجل استقر وطابت نفسه على اي حال. 
نسأل الله لنا ولكم التوفيق من الانتهال من علم الامام الصادق. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******