الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين الهداة المهديين.
في رواية عن ابي نعيم الفضل بن دكين عن سفيان الاعمش عن مسلم بن البطين عن سعيد بن جبير في قول الله تعالى: "والذين يقولون ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة أعين". قال سعيد بن جبير: نزلت هذه الاية والله خاصة في امير المؤمنين(ع) قال: اكثر دعائه يقول: ربنا هب لنا من ازواجنا يعني فاطمه وذريتنا الحسن والحسين قرة اعين، قال: امير المؤمنين(ع) والله ما سئلت ربي ولداً نظير الوجه ولا سألته ولداً حسن القامة ولكن سألت ربي اولاداً مطيعين لله خائفين وجلين منه حتى اذا نظرت الى ولدي وهو مطيع لله قرت به عيني.
قال: "واجعلنا للمتقين اماماً". قال: "نقتدي بمن قبلنا من المتقين فيقتدي المتقون بنا من بعدنا". وقال الله تبارك وتعالى: "اولئك يجزون الغرفة بما صبروا".
هذه التفاسير المنقولة عن سعيد بن جبير وقول امير المؤمنين تتضمن دروساً وحقائق متعددة، اما قول سعيد بن جبير ان هذه الاية نزلت في عليّ خاصة فالمقصود ان سبب نزولها في البداية هو دعاء علي(ع) والآية اشارت الى ذلك الدعاء وبينت ان الله سبحانه وتعالى حقق لعلي(ع) هذا الرجاء واستجاب لدعائه حينما وهب له ذرية صالحة كالحسن والحسين، وقبل ذلك رزقه زوجة قرت بها عينه وهي السيدة فاطمة(ع). الا ان الاية الكريمة هذه كبقية الايات وان كانت في البداية نزلت في حادث معين الا ان المورد لا يكون مخصصاً كما يقول العلماء يعني ان على المسلمين ان يقتدوا بعلي(ع) في هذا الدعاء وهذا هو ينبغي ان يكون دعاء الجميع، اي ان على المسلمين ان يطلبوا من الله سبحانه وتعالى زوجة صالحة واولاداً صالحين لان آيات القرآن كالشمس تجري على جميع الاجيال وعلى جميع الادوار. كما يقول الامام جعفر الصادق(ع) جريان القرآن في كل عصر وفي كل جميل لا يتنافى مع نزول الاية في شخص خاص وفي مناسبة خاصة، وهذا هو ما اشار اليه العلماء بقولهم ان المورد يعني الموضوع الخاص المورد الخاص لا يكون مخصصاً انما يبقى وتبقى الاية ومفاده عامين يشملان كل عصر وكل مصر، الا ان تكون هناك قلة تدل على حصر مفاد الاية في شخص معين وموضوع معين، مقيد بزمان خاص وخصوصيات معينة.
على كل حال سعيد بن جبير ذلك التابعي الكبير وذلك الانسان العظيم يقول: ان قوله تعالى: "والذين يقولون ربنا هب لنا من ازواجنا وزرياتنا" نزلت في امير المؤمنين علي(ع) خاصة وان علياً كان اكثر دعائه "ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة أعين" وان الله سبحانه وتعالى حقق له هذا الرجاء والامل فرزقه زوجة صالحة قرت بها عين علي(ع) وهي البتول الزهراء فاطمة(ع) كما رزقه الله اولاداً صالحين هم الحسن والحسين.
والدرس الثاني الذي نستفيده من هذه الرواية هو قول امير المؤمنين(ع) والله ما سئلت ربي ولدا نظير الوجه جميل المحيا، ولم أسأله ولداً حسن القامة، اي ان الجمال الظاهري وان حسن القامة ليس امراً مهماً اذا ماقيس بالجمال الباطني وحسن السيرة.
نعم اذا جمع الله سبحانه وتعالى حسن الصورة وحسن السيرة في شخص كان ذلك اكمل نعمة يمن الباري على احد ولكن الهدف الاصلي الذي ينبغي ان يسعى اليه الانسان هو يخلف اولاداً صالحين يقيمون الصلاة ويحاربون الشهوات الحرام، ويقيمون دين الله لا ان يكونوا كما قال الله سبحانه وتعالى: "فخلف من بعدهم خلف اضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات". فامير المؤمنين(ع)يعلمنا في هذا المقام درساً حيوياً هو ان على الاباء والامهات ان يطلبوا من الله اولاداً صالحين مطيعين له خائفين وجلين منه، اما ان يكون ذكراً او انثى، اما ان يكون حسن القامة او ان يكون جميل الوجه او غير جميل الوجه فهذا ليس بمهم، المهم ان يكون الولد صالح.
وقد روي عن الامام السجاد(ع) انه حينما كان يرزق ولد يرزق طفلاً يسأل، هل هو سوي؟ ولا يسأل هل هو ذكر ام انثى؟ طبعاً السوي المفروض مع مقارنتي هذا الكلام بالحديث الذي نشرحه المقصود من السوي، السوي في العقل، السوي في الروح، السوي في الجهات الباطنية ان لا يكون مختل العقل ان لا يكون مختل الاحساس ان لا يكون مجنوناً وما شاكل ذلك. والدرجة الثانية هو الاستواء في الخلقة، اما ان يكون ذكراًَ ام انثى فليس مهماً لان على كل حال الولد هبة الله العطية من الباري سبحانه وتعالى مهما كان حجمها ومهما كان نوعها فحيث انها من الباري سبحانه وتعالى وتفضل منه، وهو مشكور ومطلوب.
نعم في الدرجة الاولى الانسان ينبغي ان يطلب من الباري ولداً صالحاً مطيعاً خائفاً وفي الدرجة الثانية ان يطلب من الله ان يكون الطفل سوياً ولا يكون فيه عاهة لا يكون فيه اختلال في عقله في روحه في حركاته وفي الدرجة الثالثة لا بأس ان يطلب ان يكون الولد ذكراً لا انثى وهذا ليس مهماً كما قلنا ولكن المهم هو مسألة الصلاح والتقوى وانما اقول انه يمكن ان يطلب الانسان من الباري سبحانه وتعالى ولداً ذكراً لا انثى، لان هناك راجعوا اهل البيت وطلبوا منهم دعاءاً او عملاً يوجد ارضية ان يرزق المرء ولداً ذكراً الائمة(ع) ما ردعوا عن هذا الامر، انما علموهم دعاءاً او وصفوا لهم شيئاً هذا يعني ان طلب الولد الذكر ليس قبيحاً وان لم يكن هناك فرق بين الذكر والانثى وان لم يكن هناك فرق بين انواع البشر الكل في الحقيقة مخلوقين لله، الكل يحملون العواطف والكل يحملون وصف الانسانية ليس من الصحيح ان يفرق الاباء بين البنات والاولاد الذكور بل ان في الروايات الحث علي الاهتمام بالبنت يعني ان يهتم الرجل ببنته ويحاول الحفاظ على احاسيسها ومشاعرها ووصفت بانها حسنه، ولهذا ينبغي ان يهتم الاباء والامهات بصلاح الاولاد ولهذا قال الامام(ع): "والله ما سئلت ربي ولداً نظير الوجه ولا سئلته ولداً حسن القامة ولكن سئلت ربي اولاداً مطيعين لله خائفين منه وجلين اذا نظرت الى ولدي وهو مطيع لله قرت به عيني".
نسأل الله سبحانه وتعالى ان يوفقنا ان نترسم هذه السيرة ونأخذ بها في حياتنا اليومية. وصلى الله على محمد واله آلطيبين الطاهرين.
*******