البث المباشر

بيان الامام الصادق(ع) لصفات الامام وسجاياه الاخلاقية

الإثنين 4 فبراير 2019 - 10:24 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 26

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا الانبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين.
استحضر المنصور الدوانيقي ذات مرة الامام جعفر بن محمد الصادق(ع) في مجلس غاص باهله، فلما حضر الامام امره المنصور بالجلوس ثم اطرق ملياً ثم رفع رأسه، قال للامام في حالة الغضب: يا جعفر ان النبي(ص) قال لابيك علي بن ابي طالب يوماً لو لا تقول فيك طوائف الامة كما قالت النصارى في المسيح، لقلت فيك قولاً لا تمر بملأ الا اخذوا من تراب قدميك يستشفون به. وقال علي(ع): يهلك فيّ اثنان محب مفرط ومبغض مفرّط. فهكذا نجد علياً(ع) لا يرضى بما يقول فيه المفرط "اي المغالي" ولعمري ان عيسى بن مريم(ع) لو سكت عما قالت فيه النصارى لعذبه الله ونحن نعلم ما يقال فيك يا جعفر، بما فيك من الزور والبهتان ونرى انك تمسك عمن يقول ذلك فيك ولا تنهاه فقد زعم اوغاد الشام "اي حمقائهم" واوباش العراق "اي سفلتهم" انك حبر الدهر وناموسه، والمقصود من الحبر العالم الكبير، والناموس اي صاحب السر. لقد زعم اوغاد الشام واوباش العراق انك حبر الدهر وناموسه وحجة المعبود وترجمانه وعيبة علمه وميزان قسطه ومصباحه الذي يقطع به الطالب عرض الظلمة الى فضاء النور. وان الله تبارك وتعالى لا يقبل من عامل جهل حقك في الدنيا عملاً، ولا يرفع له يوم القيامة وزناً، فنسبوك الى غير حدك وقالوا فيك ما ليس فيك، فقل يا جعفر فان اول من قال الحق لجدك واول من صدقه عليه ابوك "اي علي بن ابي طالب" فأنت حريّ بأن تقتص أثارهما وتسلك سبيلهما. هكذا انّب المنصور الامام جعفر الصادق(ع) لان الناس مدحوه ووصفوه بهذه الاوصاف، والامام لم يرفضها ولم يرد عليهم. هكذا وبّخ الامام وانّبه في ذلك المجلس. فماذا اجب الامام؟ قال الامام الصادق(ع) في الرد على المنصور: انا فرع من فروع الزيتونة، مقصود من الزيتونة الشجرة المباركة المحمدية التي تحدث عنها الباري سبحانه وتعالى بقوله:"يوقد من شجرة مباركة زيتونة" قال انا فرع من فروع الزيتونة وقنديل من القناديل بيت النبوة، وسليل الرساله واديب سفرة، يعني انا وريث من ادبه الملائكة، وربيب الكرام البررة ومصباح من مصابيح المشكوة التي فيها نور النّور، وصفوة الكلمة الباقية في عقب المصطفين الى يوم الحشر. فها انا ايها المنصور، ماذا تقول؟ فلما جوبه المنصور بهذه الاوصاف الحقيقية التي وصف بها الامام جعفر الصادق(ع) نفسه، التفت المنصور الى جلسائه وقال: قد احالني على بحر مواج لا يدرك طرفه ولا يبلغ عمقه، تغرق فيه السجاء اي السابحون المهرة ويحار فيه العلماء ويضيق بالسامع عرض الفضاء، ثم كشف عن ما في نفسه وما يكنه على اهل البيت وعلى الامام الصادق بالذات. قال المنصور: هذا الشجى المعترض في حلوق الخلفاء الذي يحله قتله ولا نجوز نفيه ولولا ما تجمعني واياه من شجرة مباركة، يعني لو لا النسب الذي بيني وبينه فانا ابن العبا وهو بن محمد(ص)، وبيننا قرابة ولو لا ما تجمعني والشجرة المباركة، طاب اصلها وبسق فرعها وعذب ثمرها وبوركت في الذر وتقدست في الزبر، لكان مني اليه ما لا يحمد في العواقب، اي لاذيته والحقت به ضرراً كبيراً لما يبلغني من شدة عيبه لنا وسوء القول فينا. يبدو ان جماعة من جواسيس المنصور قد وشوا عند المنصور ضد الامام الصادق فاراد المنصور ان يؤذي الامام فوبخه اولاً على ما يقال حوله من مديح فاجابه الامام بذلك الجواب الصريح القوي وكشف عن انتسابه الى شجرة رسول الله(ص) الى تلك الزيتونة المباركة والى تلك المشكوة المضيئة فلم يستطع المنصور الدوانيقي ان يلحق بالامام الضرر ولهذا تراجع، وقال لولا النسب الذي بيني وبينك لألحقت به ضرراً كبيراً ولوصل اليه مني ما لا يحمد عقباه. فهنا الامام(ع) قال وهو يريد تهدأت المنصور: لا تقبل في ذي رحمك واهل الدعة من اهلك قول من حرم الله عليه الجنة اي من الوشاة، وجعل مأواه النار فان التمام شاهد زور وشريك ابليس في اغراء الناس والقاء العداوة بينهم، وقد قال الله تبارك وتعالى: "يا ايها الذين امنوا ان جائكم فاسق بنبأ فتبينوا" ونحن لك انصار واعوان ولملكك دعائم واركان، ما امرت بالمعروف. يعني مادمت تأمر بالمعروف والاحسان وامضيت في الرعية احكام القران وارغمت بطاعتك انف الشيطان وان كان يجب عليك في سعة فهمك وكرم حلمك ومعرفتك بآداب الله، ان تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفوا عن من ظلمك، فان المكافئ ليس بالواصل انما الواصل من ذا قطعت رحمه وصلها فصل يزد الله في عمرك ويخفف عنك الحساب يوم حشرك. فهدأ المنصور وسكن غضبه فقال: قد قبلت عذرك لصدقك وصفحت عنك لقدرك فحدثني عن نفسك بحديث اتعظ به ويكون لي زاجر او زاجر الصدق عن الموبقات. فقال الامام الصادق(ع) وهو يعظه يعني يعظ المنصور الدوانيقي: عليك بالحلم فهو ركن العلم، واملك نفسك عند اسباب القدرة فانك ان تفعل كلما تقدر عليه كنت كما شفا غيضه، وابدى حقداً او يحب ان يذكر بالصولة والانتقام واعلم انك ان عاقبت مستحقاً لم يكن غاية ما توصف به الا العدل ولا اعلم حالاً افضل من حال العدل، والحال التي توجب الشكر افضل من الحال التي توجب الشكر. فقال ابو جعفر المنصور: وغظت فاحسنت وقلت فاوجزت. فحدثني عن فضل جدك علي بن ابي طالب(ع) حديثاً لم ترويه العامة. فقال ابو عبد الله الصادق(ع): حدثني ابي اي الباقر عن جدي اي السجاد ان رسول الله(ص) قال: ليلة اسري بي الى السماء فتح لي في بصري غلوة كمثال ما يرى الراكب، يعني رأيت امامي خرق الابرة مسيرة يوم وعهد اليّ ربي في علي ثلاث كلمات فقال: يا محمد فقلت: لبيك ربي، فقال: ان علياً امام المتقين وقائد الغر المحجلين ويعسوب الدين والمال يعسوب الظلمة، وهو الكلمة التي الزمته المتقين، وكانوا احق بها واهلها.فبشره النبي بذلك فقال علي: يا رسول الله واني اذكر هناك اي في الملأ الاعلى فقال: نعم انك لتذكر في الرفيع الاعلى. فقال المنصور: "ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء". هذه القصة التي ذكرتها لكم على طولها تكشف على مدى ضغوط العباسيين على اهل البيت، وكيف ان اهل البيت وبصورة خاصة الامام الصادق كان يتخلص من غضبهم بتدبير حكيم، بل ويعظهم وتبلغ آثار موعظته الى انه يجعلهم يعترفون بفضل اهل البيت، وبهذا استطاع اهل البيت ان يحافظوا على انفسهم وحياتهم وحياة شيعتهم واستمرار مدرستهم. وصلى الله على محمد وله الطيبين الطاهرين. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة