ومن المقرر أن يبدأ دوام المدارس في العراق بعد غد الأربعاء، لكن وزارة التربية، وبحسب مصدر مسؤول فيها، ستباشر طباعة المناهج الدراسية اليوم أو غدا، إذا لم يحدث أمر يستدعي مزيدا من التأجيل، على أن يتم توزيع نسبة ضئيلة من المطبوعات الجديدة، وإرجاء توزيع المتبقي منها إلى السنة الدراسية 2023- 2024.
وتأتي تلك التطورات مع تعهد لجنة برلمانية باستضافة وزير التربية للوقوف على أسباب تأخر الطباعة في ظل نقص في الكتب تعاني منه المدارس.
أسباب تأخر طباعة المناهج
ويقول مصدر مسؤول في وزارة التربية، إن “طباعة المناهج الدراسية تأخرت بسبب تأخير صدور هكذا قرار من مجلس الوزراء، لعدم وجود تخصيصات مالية بسبب عدم إقرار الموازنة، لكن المجلس اتخذ قرارا خلال الأيام الماضية لطباعة المناهج ضمن مطابع محددة حكومية وشبه حكومية”.
ويضيف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “تأخير تنفيذ قرار مجلس الوزراء يعود إلى الإجراءات الروتينية من المخاطبات ما بين وزارة التربية وبعض المطابع والجهات الحكومية، وحتى اللحظة لم تتم المباشرة بشكل فعلي بالطباعة والعمل الفعلي سيكون خلال اليومين المقبلين”.
ويشير إلى أن “المناهج الدراسية التي ستتم طباعتها سوف يتم توزيعها بشكل فعلي خلال السنة الدراسية المقبلة، أما في السنة الحالية فسيتم توزيع نسبة لا تتجاوز 5 بالمئة من المناهج المطبوعة حديثا لسد بعض النقص في عدد من المدارس”.
مبينا أن “مديريات التربية في عموم العراق لديها خزين كافٍ من المناهج الدراسية لتوزيعها على كافة الطلبة، لكن بعض المناهج ربما تكون قديمة جدا ورثة بسبب استخدامها لسنوات طويلة”.
يشار إلى أن وزارة التربية، أعلنت يوم أمس، المباشرة بطباعة المناهج الدراسية، فيما أكدت وجود خزين منها لدى مديرياتها، مبينة أن شركة النخيل وبعض الوزارات التي وافق عليها مجلس الوزراء، هي من ستتولى تنفيذ الطباعة.
وكانت وزارة التربية، قد حددت موعد بدء العام الدراسي الجديد في 12 من الشهر الحالي، وأكدت أنه سيكون عاما دراسيا “مختلفا”.
لجنة نيابية تعتزم استضافة وزير التربية
وفي هذا الصدد، يوضح نائب رئيس لجنة التربية النيابية جواد الغزالي، أن “اللجنة سوف تستضيف وزير التربية والكادر المتقدم في الوزارة لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء تأخير طباعة المناهج الدراسية، خصوصا أن الطباعة سوف تباشر مع بدء الدوام الرسمي، وهناك نقص في المناهج وفق كثير من الشكاوى التي تصل إلينا من مدراس في محافظات مختلفة”.
ويبين الغزالي، أن “لجنة التربية النيابية سوف تتابع قضية طباعة المناهج الدراسية بشكل دقيق لمنع حصول أي تلاعب أو شبهات في هذا الملف المهم، وبهدف الإسراع بطباعة المناهج المهمة، لمنع توجه الطلبة لشراء الكتب من السوق السوداء بسبب تأخير توزيعها عليهم من قبل بعض المدراس”.
ودائما ما يثار اللغط حول ملف طباعة الكتب في العراق، وقد كشفت مصادر صحفية في الأعوام الماضية، عن بلوغ كلفة طباعة الكتب ما يقرب من 200 مليار دينار (نحو 160 مليون دولار في حينها)، تحال لمطابع أجنبية وبأسعار مرتفعة جدا، من دون وجود أي رقابة أو متابعة.
وفي العام الماضي، تفجرت أزمة نقص الكتب، وسط شكاوى الأهالي، وقد ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بمطالبات بتوزيع الكتب الدراسية، وفي حينها كانت وزارة التربية قد نشرت رابطا يضم المنهاج الدراسي، ودعت الأهالي إلى طباعة الكتب من خلاله.
وغالبا ما تتجدد مسألة نقص الكتب المدرسية، وبلغت مرحلة بيعها في السوق السوداء بمبالغ مرتفعة جدا في السنوات الخمس الماضية، وسط عجز الوزارة عن توفيرها بشكل كامل لكافة المدارس.
نقص الكتب المدرسية
من جانبه، يؤكد مدير إحدى المدارس في بغداد، أن “هناك نقصا كبيرا في بعض المناهج الدراسية، والكتب المتوفرة لدى المدارس لا تكفي لجميع الطلبة، وبعض الكتب التي توزع تالفة بصراحة ولا تصلح للدراسة، مع فقدان أجزاء كبيرة من الكتب”.
ويتابع المدير أن “الكثير من الطلبة سوف يعتمدون على طباعة الكتب من خلال المكاتب كحال الأعوام السابقة، فلا يمكن للطالب البقاء من دون كتاب، وهذا الأمر بكل تأكيد له تداعيات سلبية على مستوى التعليم سواء من قبل الطالب أو المدرس نفسه”.
ويلفت إلى أن “الأمر الغريب هو أن هناك كتبا دراسية جديدة تباع في السوق ولا نعرف من أين تأتي هذه الكتب وكيف يتم بيعها بهذا الشكل وكيف سربت، ولهذا يجب أن تكون هناك فرق متخصصة لمتابعة قضية بيع الكتب ومعرفة الجهات والشخصيات المسؤولة عن هذه العمليات التي تخالف القوانين”.
وثائق مسربة
يذكر أن ملف طباعة الكتب المدرسية أثار الكثير من اللغط، خاصة بعد تسريب وثائق تشير إلى تعاقد وزارة التربية مع شركة لبنانية بأسعار مضاعفة عن كلفة طبع الكتب المدرسية داخل العراق، وقد تدخلت في وقتها هيئة النزاهة وجهاز المخابرات بهذا الملف، وذلك خلال فترة استيزار محمد إقبال الصيدلي للوزارة.
ومؤخرا تجدد هذا اللغط، بعد أن دخلت وسائل إعلام لبنانية صراعا علنيا حادا، مثل الحملة التي شنتها قناة “MTV” ضد تحسين خياط، رجل الأعمال اللبناني ومالك تلفزيون “الجديد”، وصاحب أكبر المطابع في لبنان، بعد أن تم الكشف عن ذهاب عقد طباعة الكتب المدرسية العراقية لصالح مطابعه، فيما رد تلفزيون “الجديد” باتهام مالك MTV بارتكاب مخالفات قانونية وأخلاقية.
يشار إلى أن وسائل إعلام لبنانية، أكدت أن المسؤولين في مطابع خياط في حركة دائمة وزيارات لوزارة التربية العراقية وسفارة العراق في لبنان، بغية إكمال العقد وترتيب كافة إجراءاته.
وورد اسم خياط في وثيقة تداولها الإعلام العراقي، صادرة عن جهاز المخابرات العراقي في 2017 حول فساد يتعلق بوزارة التربية.
وبحسب تقرير سابق حول ملف خياط، فإن مصادر كشفت أن هناك توجها نحو طباعة الكتب المدرسية للعراق بأكثر من 200 مليون دولار لدى لبنان، على أن يسدد هذا المبلغ من الديون المترتبة على لبنان، نتيجة تزويده بزيت الوقود العراقي منذ سنتين، والذي لم يسدد أي جزء من ثمنه حتى الآن.