الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء وخاتم المرسلين محمد آله الطاهرين.
عن حبة العرني قال: بين انا ونوف البكالي نائمين في بيت امير المؤمنين علي بن ابي طالب(ع) واذا بامير المؤمنين في بقية من الليل واضعاً يده على الحائط شبيه الواله الحيران وهو يقرأ هذه الاية الكريمة: "ان في خلق السموات والارض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما انزل الله من السماء من ماء فاحيا به الارض بعد موتها وبثّ فيها من كلّ دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والارض لايات لقوم يعقلون". ثم جعل يقرأ هذه الايات مراراً ويمر شبه الطائر عقله اي واله ومتحير. فقال لي الامام(ع): ارا قد انت يا حبة ام رامق؟ قلت: رامق يا امير المؤمنين، يا امير المؤمنين انت تعمل هذا العمل فكيف نحن؟ انت مولى المتقين، انت سيد المؤمنين، انت وصي رسول الله هكذا تعمل هكذا تناجي ربك، هكذا تقرأ الاية بخشوع وكأنك حائر ولهان فماذا نحن نفعل اذن؟ فارخى الامام عينيه فبكى ثم قال لي: يا حبة ان الله موقفاً ولنا بين يده موقفاً لا يخفى عليه شئ من اعمالنا، يا حبة ان الله اقرب الىّ واليك من حبل الوريد، يا حبة انه لن يحجبني ولا اياك عن الله شئ ثم قال: ارا قد انت يا نوف ام لا؟ فقال نوف لا يا امير المؤمنين ما انا براقد ولقد اطلت بكائي هذه الليلة فقال الامام امير المؤمنين: يا نوف ان طال بكائك في هذا الليل مخافة من الله تعالى قرت عيناك غطاً بين يدي الله تعالى يا نوف، انه ليس من قطرة قطرت من عين رجل من خشية الله التي اطفئت بحاراً من النيران، يا نوف انه ليس من رجل اعظم منزلة عندالله من رجل بكى من خشية الله واحب في الله وابغض في الله، يا نوف انه من احب في الله لم يستأثر على محبته ومن ابغض في الله لم ينل ببغضه خيراً عند ذلك استكملتم حقائق الايمان ثم وعظهما وذكرهما وقال في اخر وعظه: كونوا من الله على حذر فقد انذرتكما. ثم جعل يمر وهو يقول: ليت شعري في غفلاتي أمعرض انت عني ام ناظر اليً، وليت شعري في طول منامي وقلة شكري في نعمك عليّ ما حالي. يقول الراوي: والله مازال امير المؤمنين في هذا الحال حتى طلع الفجر. اجل هكذا كان علي(ع) هكذا كان يخاف الله هكذا كان يرجو، هكذا كان يأمل، هكذا كان يناجي ويعمل. فماذا نحن نفعل ايها الاخوة ولسنا كامير المؤمنين جهاداً ولسنا كامير المؤمنين ايماناً ولسنا كامير المؤمنين سابقة في الاسلام، ماذا نعمل نحن وقد تلطخت حياتنا بالكبائر والصغائر وتلوثت معيشتنا بالحرام والشبهات، كان ذلك امير المومنين يفعل ذلك العمل مع ربه يناجي ويبكي ويخاف ربه وهو لم يعص الله طرفة عين ابداً، فكيف نفعل نحن ايها الاخوة، ان اردنا ان نكون مع الصادقين كما قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز "كونوا مع الصادقين" فلابد ان نلتفت الى مطلع الاية الشريفة قال: "يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين". اننا لن نكون مع الصادقين الا اذا سرنا على نهج الصادقين في عقائدنا، في صلاتنا وصيامنا، لقد كان امير المؤمنين(ع) بالنسبة الى الله سبحانه وتعالى وامام الله خاضعاً خاشعاً فهو القائل: "كفى بي عزاً ان اكون لك عبداً وكفى لي فخراً ان تكون لي رباً" هكذا كان الامير المؤمنين ايها الاخوة ولقد دخل ضراربن ضمرة على معاوية بن ابي سفيان ذات يوم بعد مصرع امير المؤمنين(ع) فقال له معاوية: صف لي علياً فأعتذر ضرار وكان من اصحان علي(ع) قال: رحم الله علياً كان والله فينا كأحدنا يدنينا اذا اتيناه ويجيبنا اذا سألناه ويقربنا اذا زرناه لا يغلق له دوننا باب ولا يحجبنا عنه حاجب ونحن والله مع تقريبه لنا وقربه منا لا نكلمه لهيبته ولا نبتديه لعظمته فاذا تبسم فمثل اللؤلؤ المنظوم. فقال معاوية زدني في صفته فقال ضرار، وهنا ايها الاخوة بيت القصيد قال ضرار واصفاً امير المؤمنين وخضوعه وخشوعه امام الله قال: رحم الله علياً كان والله طويل السهاد قليل الرقاد، يتلو كتاب الله اناء الليل واطراف النهار ويجود الله بمهجته ويبوء اليه بعبرته، لا تغلق له الستور ولا يدخر عنا البدور ولا يستلين الاتكاء ويستخشن الجفاء ولو رأيته مثل في محرابه ارخى الليل سدوله وغارت نجومه وهو قابض على لحيته يتململ السليل ويبكي بكاء الحزين وهو يقول: يا دنيا أبي تعرضتي ام اليّ تشوقتي هيهات هيهات لا حاجة لي فيك، ابنتك اي طلقتك ثلاثاً لارجعة لي عليك ثم يقول(ع): واه واه لبعد السفر وقلة الزاد وخشونة الطريق. اجل ايها الاخوة الاعزاء هكذا كان امير المؤمنين(ع) ولو اردنا ان نكون معه كما كان الله تعالى: "كونوا مع الصادقين" فلابد ان ننهج نهجه ونسير على طريقه وهذه الاشهر الفضيلة هي اشهر الدعاء والتوجه الى الله شهر رجب وشهر شعبان وشهر رمضان ونسأل الله المغفرة ولنتوجه اليه بقلوب خاشعة عسى ان يرحمنا ويغفر لنا، اللهم اغفر لنا جميعاً. امين رب العالمين.
*******