البث المباشر

من كرامات الامام الصادق(ع)

الإثنين 4 فبراير 2019 - 10:04 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين- الحلقة 12

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين وخاتم النبيين ابي القاسم محمد وآله الطيبين الطاهرين.
يروى انه مر سفيان الثوري في المسجد الحرام ذات يوم فرأى الامام جعفر الصادق(ع) وعليه ثياب كثيرة القيمة حسان، فقال في نفسه والله لاتينه ولا وبخنه ولا عاتبنه على لبس مثل هذه الثياب فدنى من الامام الصادق(ع) وقال له: يابن رسول الله(ص) والله ما لبس رسول الله(ص) مثل هذا اللباس ولا عليٌ ولا احد من ابائك. فأجابه الامام الصادق(ع) قائلاً: يا سفيان كان رسول الله(ص) في زمن قتر مقتدر والمقصود من ذلك اي كان رسول الله في زمن فقر وفي وزمان عدم وجود الثروة بين الناس ووفرة الثورة كان اكثر الناس يعانون من قلة الثروة الاّ جميعة قليلة، فكان رسول الله(ص) يلبس تلك الثياب لان اكثر الناس كانوا يلبسون مثل تلك الثياب لفقرهم، ثياب بسيطة قليلة الثمن ولكن الدنيا بعد ذلك ارخت عزاليها، بمعنى توفرت فيها الثروة الكثيرة وتوفر الخير وانتشرت البركة وكثرت النعم وتفشى الرخاء. فأحق اهلها بها ابرارها ثم تلا الامام الصادق(ع) قول الله تعالى: "قل من حرّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق" فنحن يا ثوري فنحن احق من اخذ منها ما اعطاه الله غير انّى ما ترى علي من ثوب انما بسته للناس ثم اجتذب بيد سفيان فجرها اليه، اخذ يد سفيان وسحبه نحو نفسه واراه الثوب الذي يلبسه تحت ذلك الثوب في البداية رفع الثوب الاعلى واخرج ثوباً تحت ذلك على جلده غليظاً ومن الصوف ويلامس جلدي لبسته لنفسي، ثم ان الامام جذب الثوب الذي كان يلبسه سفيان الثوري وازاحه واذا تحته لباس ناعم لطيف، فكان قد لبس الثوب الغليظ في الاعلى ولبس الثوب الناعم تحته فقال: يا ثوري لبست هذا الاعلى للناس ولبست ذاك الثوب الناعم لنفسك، تسر نفسك وتفرحها وتعتيها ما تريد. هذه القصة التاريخية التي وردت في مصادر المسلمين ومن تلك المصادر "الكافي" لثقة الاسلام الكليني تعرب وتكشف عن عدة النقاط مهمة النقطة الاولى: هي ان اهل البيت(ع) كانوا ادرى بالكتاب العزيز وباحكام الكتاب العزيز فهم كانوا يعلمون ان القران بيّن كل شئ للناس، بيّن ما يحتاجون اليه من الاحكام والقوانين ومن تلك القوانين القانون الذي يرتبط باستفادة الناس مما خلق الله تعالى في الطبيعة من النعم والخيرات فقد اباح للناس ان يستفيدوا من هذه الخيرات ومن هذه البركات ومن هذه النعم بل كتنوا يعرفون ان هذه الايات التي وردت في هذا المجال تقصد حقيقة عليا وهي ان الابرار والاخيارهم اولى من غيرهم بالاستفادة من نعم الله سبحانه وتعالى ومواهبه في الطبيعة. ولهذا اعترض عليه سفيان الثوري وقال: لماذا انت تلبس نثل هذه الثياب الغالية الثمن الناعمة وقد كان رسول الله(ص) وجدك علي(ع) والائمة(ع) من قبلك لا يلبسون مثلها، الامام(ع) رده الى القاعدة قرانية مهمة وهي ان الله سبحانه وتعالى خلق النعم والمواهب الطبيعة للناس والمؤمنون اولى من غيرهم، الابرار اولى من غيرهم للاستفادة من هذه المواهب والنعم، اذا كان للكافر والفاجر الحق في ان يستفيد من هذه المواهب والنعم البر والانسان الخير والانسان الصالح اولى من ان نستفيد من هذا، فلماذا يحرم الانسان زينة الله التي اخرجها لعباىه ويحرم الطيبات من الرزق لاي سبب، لماذا؟ وبهذا الامام الصادق(ع) في الحقيقة وضع للناس قاعدة مهمة، للاسف نجد ان بعض الناس انحرفوا عن هذه القاعدة فاذا به يعتزل الدنيا واذا به يعتزل خيراتها ونعمها والمواهب الجميلة التي هيأها الله سبحانه وتعالى لعباده من دون مبرر ظناً بأن ترك الدنيا وترك مواهبها عبادة وهذا ليس بصحيح نحن يجب ان نستفيد من مواهب الله من نعم الله بالشكل الصحيح ونشكره عليها، هذا افضل ما نقوم به المسلم المؤمن، نعم ان يستفيد الانسان استفادة سيئة من هذه النعم هذا لا شك مرفوض في منطق الاسلام ومردود، اما ان نقتر على انفسنا من غير مبرر ونشدد على انفسنا من غير دليل انما فقط لاجل ان نريد نعيش في عناء هذا ليس منطقاً قرانياً، القران يصرح بان الدنيا وما فيها خلقت لعبادالله والابرار والاخيار اولى من غيرهم بالاستفادة من هذه النعم. الدرس الثاني هو ان رسول الله(ص) والامام علي(ع) والائمة الذين سبقوا الامام الصادق(ع) اذا كانوا يلبسون ويأكلون بقدر وبشكل لا يكون في المستوى في الحد الذي يسمى رفاهاً ويسمى تنعماً، انما كانوا يأخذون من الدنيا شيئاً قليلاً ويشددون على انفسهم ويجعلونها في معاناة ذلك لانهم كانوا يعيشون حالة استثنائية، هذه الحلة الاستثنائية ذكرها الامام(ع) بقوله: "كان رسول الله(ص)في زمن قتر او اقتار" يعني الناس كانوا في فقر الناس كانوا يعانون من قلة الموارد، الناس كانوا يعانون من قلة توفر البركات والخيرات والمواهب الطبيعية والثروة فالمواساة وروح الايثار كان يقضي بأن يحاول النبي(ص) قدر الامكان ان يجاري تلك الحالة ويعيش مثل ما يعيش الفقراء ومثل ما يعيش المعوزون. وقد فسر هذا الامر الامام امير المؤمنين(ع) في نهج البلاغة قال: ان الله سبحانه وتعالى اخذ على الامراء والحكام بان يعيشوا كما يعيش الفقراء كما يعيش المعوزون حتى لا يتبيغ بالفقير فقره فان الفقير اذا وجد ورأى الحاكم والامام يعيش حياة الرفاهية يعيش حياة البذخ فانه سوف يكفر بالمال، ويقول اذا كانت الدنيا ليست محلاً للعيش انما الاخرة هي الغاية والمقصد فلماذا انا فقير بينما يعيش الحكام في الرفاهية وحياة البذخ، فالمواساة وروح المواساة والحفاظ على ايمان الناس كان يقتضي على رسول الله(ص) والامام علي(ع) والائمه(ع) الذين كانوا يعيشون حياة صعبة، حالات اجتماعية صعبة ان يعيشوا كما يعيش الفقراء ويأكلوا كما يأكل الفقراء ويلبسوا كما يلبس الفقراء ولكن في عهد الامام الصادق(ع)هذه الحالة تحسنت فاذا كان الامام يعيش يلبس ويأكل على غير هذه الصفة لقالوا انه يرائي والشئ الثالث الذي نعرفه ونفهمه من هذه القصة هو ان بعض من كان يتصدى للقيادة الدينية للاسف كان يرائي، فسفيان الثوري نجده مثلاً وهو يحتفظ لنفسه بمقام القيادة الدينية نجده يرائي، الامام كشف عن هذا الرياء حيث ازاح الثوب الاعلى الذي كان يلبسه فهو لباس خشن واذا به لبس تحت ذلك اللباس الخشن لباساً جميلاً ليناً ولكن لبست الصوف تحته واللباس الخشن جعلته تحته لنفسي والله سبحانه وتعالى. وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة