والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا الانبياء وخاتم المرسلين المصطفى ابي القاسم محمد صلى الله عليه وعلى اهل بيته الطيبين الطاهرين.
نقل على الحافظ عبد العزيز المتوفى عام 611 هجرية انه قال حدث عيسى بن محمد بن مغيث القرطي وقد بلغ تسعين سنة وكان هذا الرجل يعيش في عصر الامام موسى بن جعفر الكاظم(ع) "القرطي" قال هذا الرجل زرعت بطيخاً وقثاءاً وقرعاً في موضع على بئر يقول لها ام عظام فلما قرب الخير يعني قرب موسم القطاف والحصاد واستوى الزرع بيتني الجراد فأتي على الزرع كله وكنت قد انفقت على الزرع ثمن جملين ومئة وعشرين ديناراً، هذا الرجل كان قد زرع هذه الفواكة ولكن قبل ان يستطيع قطافها والاستفادة منها اتى الجراد على كل ما زرع. يقول: هذا الرجل وهو عيسى بن محمد بن مغيث القرطي فبينما انا جالس مغموم ومهموم لاجل هذه الحادثة اذا طلع الامام موسى بن جعفر(ع) فسلم، سلم عليّ ثم قال: كيف حالك؟ قلت: اصبححت كالصريم بيتني الجراد فاكل زرعي والان انا لا املك شيئاً يعتد به. وقال الامام(ع) وكم خسرت وكم غرمت او كم انفقت من المال حتى يستوي هذا الزرع؟ قلت: مئه وعشرين ديناراً مع ثمن الجملين فقدم الامام(ع) مئه وخمسين ديناراً له اعطاه مئه وخمسين ديناراً وقال له: خذ هذا مئه وخمسين ديناراً فربحك ثلاثون ديناراً يعني مئه وعشرين لما انفقت على اصلاح هذه المزرعة وثلاثون ديناراً هو ربحك والجملان موجودان حيّان الى الان غير ما هنا لك انك استفدت من عملهما. فقلت يا مبارك وهو يخاطب الامام موسى بن جعفر(ع) قلت يا مبارك ادعو لي بالبركة. فدعا الامام(ع) له بالبركة ثم قال، الامام هذه الكلمة المهمة جدا،ً قال حدثني أبائي عن رسول الله(ص) اي حدثني ابي عن ابيه ان رسول الله(ص) قال: "تمسكوا ببقايا المصائب" ويقصد من هذه الكلمة انه لا تجزعوا عند المصائب واعتنوا بكيفيت اصلاح الامر اما الجزع وحده فلا ينفع، فان بعض المصائب اوجلها هي في الحقيقة غالباً من العلامات السعادة وسنشرح ذلك، فقال الامام بعد ان دعا لي حدثني عن رسول الله(ص) بهذا الحديث. قال ذلك الرجل بعد ان دعا لي الامام حدثني عن رسول الله بهذا الحديث وكيف ان رسول الله قال: "تمسكوا ببقايا المصائب" فقمت ثم علقت عليه الجملين وسقيت ما تبقى من الزرع من جديد فجعل الله فيها البركة ونمت وزكت فبعت منها بما يقدر بعشرة الاف دينار. هذه القصه التاريخية العظيمة في دروسها تعطينا هذا الدرس فيما تعطي من الدروس وهو ان الانسان حينما يواجه المصائب يجب ان لا يجزع ولا بيأس، انما يلتفت الي ما ابقته المصيبة، لان غالب المصائب تنزل لا تأخذ معها كل شئ، وانما تبقي شيئاً فتأخذ شيئاً وتبقي شيئاً فالانسان العاقل واللبيب والحصيف هو الذي لا يجزع لما حل به من المصيبة انما عليه ان يعتني بما تبقى من المصيبة يعتني بما تبقى بعد نزول تلك المصيبة، مثلاً لو اصابت صاعقة او اصاب الحر او الاصاب الجفاف الزرع على سبيل المثال واتى على شئ من الزرع، الانسان اذا كان حصيفاً وعاقلاً ولبيباً ينبغي عليه ان لايجلس ويغتم ويبكي ويحزن لان الجفاف اتلف شيئاً من زرعه هذا لا ينفع، لان الذي فات فات الذي قضى عليه قضي وانتهى فعليه ان يفكر في اصلاح ما تبقى من الزرع، عليه ان يفكر في سقيه من جديد واتخاذ وسيلة الاحياء والابقاء على ما تبقى. وهذه جملة حكيمة في غاية الحكمة من رسول الله(ص) وصلت الينا من طريق احد الصادقين من اهل بيته(ع) حينما رأى الامام(ع) ذلك الرجل وقد اتى الجراد على قسم كبير من مزرعته وراه مغموماً قال يا هذا لماذا انت مغموم ، انت رجل عاقل وحصيف لا تغتم قم، انهض ماذا خسرت؟ ماذا انفقت على الزرع؟ قال: مئه وعشرين وثمن هذين الجملين يعني اجرت هذين الجملين اللذين عملا. الامام اعطاه مئه وخمسين درهم وقال هذه المئه والعشرين ما انفقته وثلاثين ربحك والجملان موجودان قم واصلح ما تبقى من الزرع. و روى له حديث رسول الله(ص) فقام وهيأ الجملين وسقى الزرع وبارك الله بدعاء الامام في ذلك الزرع وايضاً بهمته وتداركه لما تبقى من الزرع في الموقف المناسب وفي الوقت المناسب واذا بالزرع ينصلح وينمو ويزكو ويربح من هذا الزرع المتبقي من المصيبة ما يقرب من عشرة الاف. هذا الدرس كبير من ضمن الدروس التي تضمنته هذه القصة. وصلى الله على محمد وآله الطيبين والطاهرين.