في السنوات الاخيرة ارتفعت في الصحافة والتلفزيون والسينما والمسرح صيحات الجنس والدعوة الى الاباحة بشكل لافت للنظر، حتى ملأت الحياة الغربية في كل ابعادها، وقد ظهرت آثار هذا التحول السريع في انهدام القيم المعنوية والاخلاقية وفي اندفاع الناس او دفعهم الى الفاحشة والتحلل وكانت اراء فرويد في التحليل النفسي وفي تفسير السلوك على اساس جنسي صرف العامل المباشر لهذا التحلل والانهدام، وقد حاولت النظرية النفسية الاجتماعية ان تصور علاقة الرجل بالمرأة على انها علاقة جنسية بحتة ولا شيء غير ذلك، فيما يستتبع هدم الروابط الروحية والنفسية والاجتماعية بين الرجل والمرأة التي هي عماد بناء الاسرة.
اجل، ان فلسفة اللذة والاباحة قد سيطرت على الفكر الغربي وانحدعت بها المرأة هناك بشكل حرية الجنسية المطلقة مما جعل المرأة تعيش حياة اشد خطراً وعنفاً من حياة الرقيق القديمة، واستطاعت الصهيونية احتواء الرأي العام الغربي وتجريده من قيمه الروحية والاخلاقية وهيمنت على الفكر عن طريق التعليم والاعلام والصحافة، من هنا احتضنت الدعوات الخاصة بالاباحة والالحاد والوثنية، وفي طليعتها دعوات فرويد وماركس ودولكاين وهي الدعوات التي تهدف اساساً الى تهديم مفهوم الدين وجر الانسان الى حياة بهيمية هابطة غير لائقة ابداً بأنسانية الانسان.
ثم كان اتساع هذه الدعوة الاباحية عن طريق الفن والادب فظهر دعاة الجنس الصارخ والادب المكشوف من امثال اميل زولا ولورانس وبودلر واوسكار وفوليتر استمداداً من دعوة فرويد المضللة التي تقول ان الجنس هو المحرك الاساس لجميع النشاطات البشرية، وبلغ الادب الغربي في هذا الاتجاه المنحرف غايته حتى قالت الكاتبة الامريكية في مؤتمر برلين ان الادب الغربي هو مرآة في سقف بيت الدعارة.
الاداب والفنون في الغرب عجزت عن الاحتفاظ بطابعها الاخلاقي المسيحي وغلب عليها مذهب اللذة والفن للفن، ولما كانت نظريات علم النفس في الجنس وغيره عبارة عن محاولات وفروض ولم تصل الى مستوى الحقائق فأن الخطر يتمثل في ان يحولها الادب ليرسم على ضوءها صورة مثيرة في ظل دعوة صارخة الى انفصال الادب عن الاخلاق وقيامه على الوقائع الفردية مع الاغراق في المبالغة حولها.
وقد كانت للروايات من هذا النوع آثارها الخطيرة في نفوس الشباب والشابات من نقل عواطف الابناء اليافعين الى تصورات مزعجة مليئة بالاهواء والصراعات التي تقوم بين الرجل والمرأة حول الرغبات الجنسية وهي ليست في حقيقتها من واقع الحياة، وحتى لو كانت من الواقع فأنها لا تمثل الا نسبة ضئيلة جداً من الحياة حتى ليمكن القول انها لم تكن تجسد ظاهرة واضحة في وقتها.
هذه القصص السيئة الرديئة تدافعت عن طريق الترجمة الى محيط العالم الاسلامي وطبعت طبعات رخيصة وافرة الانتشار ورافقها في الوقت نفسه كتب شعبية لم يكتبها علماء ولا باحثون متخصصون وكان موضوعها الجنس وعلاقات الرجل والمرأة وقد كتبت بأسلوب هابط واباحي، كل هذا وضع في يد الشباب المسلم فكان له آثاره الخطيرة.
الواقع ان فتح هذه المجالات امام الشباب ينبغي ان يعالج بحكمة وان يقدم عن طريق العلماء المتخصصين وفي ضوء توجيهات الاسلام ورؤيته الاصيلة.
يقول احد الاساتذة في هذا المجال لابد من حرمان الذين لم ينضج عقلاً وعاطفة من الاطلاع على مشاكل العلاقات الجنسية واسوارها، فالشباب الذي تغطي غريزته الجنسية على عقله تضره الصراحة في هذه المسائل اكبر الضرر وتؤذيه ابلغ الاذى واذا تمادينا في اطلاعه على دخيلة الامور الجنسية لفتنا باله عن السير في الطريق الطبيعي وشغلنا وقته بما يؤخره في الدرس والتحصيل.
ومن هنا خطأ الحاح الصحف على مسائل الشذوذ والام الحب فأن ذلك يلقح عواطف الشباب بسموم خلقية هي شر من المخدرات.
ومن الواجب هنا توجيه الرغبة الجنسية نحو غايات ثلاث هي الحياة الجنسية السليمة عن طريق الزواج وتحسين الجيل وتربيته واخيراً علاج الامراض والانزواء الجنسي، والمفروض ان هذه الدراسات يقدمها مختصون في علم التناسليات ليكون المربون على بينة مما يجب الاغواء به من هذه الحقائق وما يتحتم تجنبه، ويقوم هؤلاء المربون بوظيفة الحارس الخلقي الذي يحافظ على صيانة الرغبات التناسلية من التلوث ويوجه برفق غريزة الناشئين من الجنسين.
نعم ان الدعوة التي يقودها الفكر اليهودي التلمودي المسيطر الان على الفكر الغربي الى من تحاول ان تدمر النفس الانسانية عن طريق الجنس فأنه يبعث الان عن عشرات الكتب القديمة ويقدم دوائر المعارف الجنسية في دعوة صارخة الى اطلاق الغريزة اطلاقاً كاملاً مع الادعاء بأن ضبط هذه العواطف من شأنه ان يحدث خللاً في الكيان الانساني، وتتعالى الصيحات في الغرب الى تمجيد اللذة الجنسية واتخاذها قاعدة للحياة والكشف عما يسمى بحقائق الجسد البشري وعلم وظائف الاعضاء البايولوجية وتجري النداءات لتقديم ذلك للاطفال والمراهقين والشباب على نحو مثير وبالغ الخطر، ومن غير تحوط او تحفظ على قدرة العقول في هذه السن على تلقي هذه المفاهيم بهذا الشكل المسرف الذي تطرح به، وذلك بدعوى احلال نظام جديد فيما يخص العلاقة بين الجنسين قبل الزواج وفي اثناء الزواج وما يترتب عليه من اجهاض وطلاق وانجاب.
كذلك تجري الدعوة الى تدريس مادة الجنس في الجامعات من خلال هذه المفاهيم الزائفة المضللة والتي ما هي الا فرضيات محرفة دون ان يكون للاطباء او الباحثين الاجتماعيين المخلصين تدخل فيها.
ان من شأن هذه الدعوات الاباحية الرديئة ان تعجل بالوصول الى النتائج التي تهدف اليها بروتوكولات صهيون وهي تدمير المجتمعات البشرية قبل السيطرة عليها.
والهدف هنا واضح هو اسقاط نظام الزواج وبناء الاسرة ودحر القوة المذخورة التي يستطيع المجتمع ان يدعم بها كيانه وحتى تخرج الاجيال بعد ذلك مشتتة مفرقة لا تعرف لها ضابطاً ما ولا يجمع من فكر ولا عقيدة او قيمة اخلاقية بانية.
يقول احد الباحثين ان الصراع الفكري في اوربا وامريكا ينحصر في توجيه السلوك الانساني لا على اساس العقل ولكن على اساس الغريزة والانطلاق النفسي وكسر الصلة بين الفلسفة المثالية المسيحية وبين الفلسفة المادية الوثنية الاباحية والاتجاه بالسلوك الانساني الى فلسفة بدائية في جوهرها ومضمونها تمجد الغريزة وتناقض العقل وهذا ابرز مفاهيم الادب اليوم والفن والمدرسة الاجتماعية والتحليل النفسي.
*******