وكانت «|ندوة طوكيو الدولية للتنمية في أفريقيا» قد افتتحت أمس الأول في قصر المؤتمرات في العاصمة تونس.
وأشاد الرئيس قيس سعيد، في كلمته في ختام القمة بـ»الأجواء الطيبة التي سادت مختلف مراحلها، والنقاشات التي دارت في كنف الصراحة من أجل الارتقاء بمستوى الشراكة الإستراتيجية التي تجمع أفريقيا باليابان». وأكد أن «الندوة نجحت في بلورة تصورات واعدة وملموسة وفي صياغة جملة من التوصيات القيمة التي من شأنها أن تؤسس للرؤية الجديدة المشتركة للشراكة الأفريقية اليابانية».
ودعا سعيد إلى «إيجاد حلول لمسألة الديون الأفريقية بإعادة جدولتها وتحويلها إلى مشاريع استثمارية لإعادة خلق الثروة». من جانبه، قال وزير الشؤون الخارجية الياباني يوشيماسا هاياشي، في كلمته في ختام الندوة، أنه «تم استكمال إعلان تونس بين القادة الأفارقة واليابانيين لتعاون مشترك في مجالات مختلفة».
وكان رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا قد قال في كلمته الافتتاحية للندوة أن بلاده تريد المساهمة في «نمو مقترن بالجودة» في القارة، معلنا عن استثمارات بقيمة 30 مليار دولار لدفع عجلة التنمية فيها، مضاً قوله «نعطي الأولوية لمقاربة تعطي قيمة لكل شخص: الاستثمار في الإنسان والنمو المقترن بالجودة».
وتسعى طوكيو عبر القمة إلى مجابهة نفوذ الصين الاقتصادي في أفريقيا عبر تعزيز «تنمية يقودها الأفارقة بأنفسهم».
وأعلن الزعيم الياباني أن بلاده ستقوم بـ»استثمارات عامة وخاصة بقيمة 30 مليار دولار على مدى الأعوام الثلاثة الم المقبلة». وأضاف «لتحسين حياة الأفارقة، سنقدم أيضاً ما يصل إلى خمسة مليارات دولار في شكل تمويل مشترك مع البنك الأفريقي للتنمية».
وشارك في ندوة «تيكاد3» 66 شخصية رسمية ممثلة لدول ومنظمات، ومن بين الحاضرين 20 رئيس دولة وحكومة، وفق وزارة الخارجية التونسية. ووصل العدد الإجمالي للمشاركين في الندوة والأنشطة الموازية لها والتي تشمل المجتمع المدني إلى حوالي 5000 شخص، وفق الخارجية اليابانية.
وكانت وسائل إعلام يابانية قد أقادت قبل بدء الندوة أن الحدث سيكون بمثابة «رد» طوكيو على الولايات المتحدة وأوروبا ومنافستها الأبرز الصين التي تعمل بخطى حثيثة على ترسيخ وجودها في أفريقيا لا سيما عبر مشاريع بنُى تحتية في إطار «مبادرة الحزام والطريق».
وهذه أول نسخة من «تيكاد» منذ تفشي فيروس كورونا والثانية في أفريقيا بعد أن استضافتها كينيا عام 2016. وتعقد الندوة التي أطلقتها طوكيو عام 1993 كل ثلاث سنوات.
وقد أتاحت «تيكاد» منذ إنشائها إطلاق 26 مشروعاً إنمائياً في 20 دولة، أغلبها من تمويل «الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (جايكا)».
وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد قد قال في مستهل الندوة أن الشراكة اليابانية الأفريقية مهمة «في صياغة مقاربات عملية لمفهوم التنمية الشاملة» يمكن أن يساعد فيها «شركاؤنا اليابانيون بتجربتهم وبامكانياتهم».
وأضاف أن اليابان حققت «نجاحاً جديراً بالتنويه وجديراً بالنظر في أسبابه» من أجل أن «تتمكن الشعوب الأفريقية من تحقيق آمالها وتطلعاتها وأحلامها التي كانت تراود الجيل الأول من القادة اثر الاستقلال».
واعتبر الرئيس التونسي أن «الجائحة أبرزت مرة أخرى أن التعاون الدولي لم يكن بالقدر المطلوب»، مشيراً إلى أن «اللقاحات التي كانت متوفرة في الجانب الشمالي من الكرة الأرضية كانت أضعاف اللقاحات التي توفرت في جنوب الكرة الأرضية وفي أفريقيا على وجه الخصوص».
كما أشاد الرئيس السنغالي، ماكي سال، الذي يتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي، بـ»الشراكة المرجعية» التي أقيمت بين أفريقيا واليابان. وشدد على أن أولويات دول القارة هي «السعي لتحقيق السيادة في مجال الصيدلة» بزيادة إنتاج اللقاحات والأدوية في القارة و»السيادة الغذائية».
وأكد المسؤول الأفريقي على الحاجة إلى «إعادة تخصيص حقوق السحب الخاصة من صندوق النقد الدولي» لمساعدة القارة على التعافي بعد وباء كوفيد وفي مواجهة آثار الحرب في أوكرانيا.
واعتبر أنه «يجب على أفريقيا أيضاً أن تدعو إلى تعليق الفائدة على الديون من مجموعة العشرين» وقد طلبت بالفعل الحصول على مقعد في هذه المجموعة «لضمان دعم أفضل لمصالح قارتنا». وحسب سال، فإن ذلك يمكن أن يتحقق «في قمة مجموعة العشرين المقبلة في بالي» في تشرين الثاني/نوفمبر.
في هذا السياق، كشف كيشيدا أن من بين التمويلات التي ستقدمها اليابان مليار دولار مخصصة لـ»إعادة هيكلة الديون».
وأوضح أنه سيتم التركيز على «تعزيز النمو الأخضر، سنطلق مبادرة النمو الأخضر لأفريقيا ونستثمر (فيها) أربعة مليارات دولار».
كما ستساعد اليابان الدول الأفريقية في مواجهة نقص الأغذية الناتج عن الحرب في أوكرانيا، وتقدم لها تمويلات بقيمة 300 مليون دولار بتمويل مشترك مع «البنك الأفريقي للتنمية» من أجل «إنتاج الغذاء وتدريب 200 ألف شخص في الزراعة».
كما بحث المشاركون في الندوة «توطيد الديموقراطية ودولة القانون وتجنّب النزاعات والوساطة» للحفاظ على السلام والاستقرار.
وتأمل السلطات التونسية أن يستفيد اقتصادها المتعثر من استضافة ندوة «تيكاد3» من خلال جذب استثمارات يابانية.
ويأمل التونسيون في تحقيق نتائج جيدة في مجالات الصحة وصناعة السيارات والطاقات المتجددة بأكثر من 80 مشروعًا بقيمة 2.7 مليار دولار، حسب رئيس غرفة التجارة والصناعة التونسية اليابانية الهادي بن عباس.
ومن المفترض أن تؤدي تلك المشاريع التي ستُعرض تفاصيلها على مستثمري القطاع الخاص في تونس وأفريقيا إلى توفير أكثر من 30 ألف فرصة عمل.