والذي جاء في مقدمته:
لماذا ثقافة عاشوراء؟
ببساطة لأنها أغنى محطة يمكن أن يتزود منها الإنسان في كافة حقول المعرفة.
لقد ترك الإمام الحسين ”عليه السلام“ في قضية عاشوراء تراثاً إنسانياً ومعرفياً ضخماً وعملاقاً سيظل يرفد الفكر الإنساني وحركة المجتمعات البشرية إلى نهاية التاريخ بما تحتاجه من قيم ومبادىء حيّة لمواجهة تحديات الحياة والمعرفة، وذلك من خلال ما تنضح به عاشوراء من قيم معرفية هائلة.
فهناك مجموعة ضخمة من الكلمات والمواقف التي جسدها الإمام الحسين ”عليه السلام“ في هذه المحطة التاريخية المهمة في حياة الإنسانية، والتي بموجبها أصبحت عاشوراء ليست مجرد قصة مواجهة عابرة من قصص المجابهات التاريخية في حياتنا الإنسانية والتي يمكن المرور عليها سريعاً، أو التي يمكن سلق قضاياها سلقاً سريعاً دون إهتمام وروية وتأمل.
إن عاشوراء هي جامعة سياسية ثقافية تاريخية، إنسانية، إجتماعية، وأخلاقية شاملة تحت سقف واحد، يجب أن تحظى منّا بكل عناية وإهتمام وأن تكون في قمة سلم أولوياتنا في عالم الوعي والمعرفة والبصيرة.
وشكلت عاشوراء بما هي ثورة وحركة نهضة في كل مفردة من مفردات الفكر الإنساني حضوراً مذهلاً في هذا الفكر بل وأغنت تراثه بما يحتاجه من معناني وقيم، تمثل ذلك في تفاصيل قصة عاشوراء وحيثياتها وذلك منذ شرارتها الأولى وحتى لحظات وقائعها الدامية، عندما قدّمت عاشوراء قامة بحجم الإمام الحسين ”عليه السلام“ قرباناً متواضعاً من أجل قيمها وأهدافها العليا.
وفي كل حركة في عاشوراء هناك قصة وموقف من الإمام الحسين ”عليه السلام“ في السياسة والإجتماع وفي الأخلاق بكل ما تعنيه العظمة من سعة وشمول ولذلك يمكننا القول وبكل ثقة وإطمئنان هي أغنى محطة يمكن أن يتزود منها الإنسان في كافة حقول المعرفة.
ومن هنا جاءت فكرت هذا الكتاب والذي يقع في قسمين:
القسم الأول: ثقافة عاشوراء
والقسم الثاني: المؤسسة الحسينية (مقومات وتحديات العمل المؤسساتي )
لنبين للقارئ الكريم عظمة عاشوراء من جوانب عديدة، فعاشوراء لم تكن عبارة عن مجرد معركة عابرة لم يتجاوز وقتها الزمني نصف نهار، بل هي ملحمة حضارية كبرى وشاملة تتلخص فيها كل قضايا المعرفة الإنسانية الحقة وكل المبادىء الأخلاقية التي يمكن أن تزخر بها أي حضارة .
فعاشوراء مدرسة بل جامعة حضارية شاملة وبكل ماتحمله الكلمة من معنى، فالمتأمل بمجريات أحداث يوم عاشوراء يدرك بجلاء أن ذلك اليوم عبارة عن محطة تثري الأجيال بأصول وقواعد المعرفة وبالمبادئ الأخلاقية العالية التي تجسدت في مواقف الإمام الحسين عليه السلام، ومواقف أصحابه وأهل بيته، من التضحية، والإباء، والإخلاص، وعلو الهمة، والثبات على المبدأ الحق، وبذل النفس والنفيس في سبيل الله، والوفاء، والعزم، والشجاعة، وغيرها من المبادئ السامية التي لا تخفى على كل من درس هذه الواقعة ونظر إليها بإنصاف ورويَّة.
ويتضمن الكتاب ٥٠ درساً ملهماً من ملحمة عاشوراء العظيمة يمكن أن تغترف منها حضارتنا الإنسانية المعاصرة بل في كل العصور ما يعينها على النهضة والإرتقاء في كافة مجالات المعرفة وجميع حقول العطاء، وبما يساعدها للتخلص من كل عوامل الانحطاط والتخلف والتبعية.
ويصدر الكتاب عن دار المحجة للطباعة والنشر والتوزيع في لبنان.