وظل القرآن الكريم على هذه الحال مفرقاً غير مجموع في مصحف واحد، إلى أن كانت خلافة أبي بكر، فواجهته أحداث جسيمة، وقامت حروب الردة، واستحرّ القتل بالقراء في وقعة اليمامة - سنة اثنتي عشرة للهجرة - التي استشهد فيها سبعون قارئاً من حفاظ القرآن.
وحرص "زيد بن ثابت" على التثبت مما جمعه، ولم يكتف بالحفظ دون الكتابة، وحرص على المطابقة بين ما هو محفوظ ومكتوب، وعلى أن الآية من المصدرين جميعًا، فكان ذلك، أول جمع للقرآن بين دفتين في مصحف واحد، واحتفظ أبو بكر بالمصحف المجموع حتى وفاته، ثم أصبح عند حفصة بنت عمر، وهذه عدد من المخطوطات القرآنية المعروفة التي يرجع تاريخها إلى القرن السابع أو الثامن ميلاديًا.
والحقيقة أن هناك العديد من النسخ القديمة، منتشرة في العالم الإسلامي، لكن أيضاً هناك العديد من المخطوطات التي تعود لصدر الإسلام في العديد من الدول غير الإسلامية، ومؤخراً أعلن مسجد "جيهتسى" فى محافظة شيونهوا ذاتية الحكم لقومية سالار فى مقاطعة تشينجهاى بشمال غربى الصين، أنه يمتلك أقدم مخطوطة للقرآن الكريم عُثر عليها فى الصين حتى الآن، والتى تُعتبر واحدة من أقدم المخطوطات القرآنية في العالم أيضاً.
وذكرت دراسات الأكاديميين والباحثين وفقا لما أوردته وكالة الأنباء الصينية "شينخوا"، يوم الجمعة الماضي، أن تاريخ هذه النسخة من القرآن الكريم المكتوبة بالخط المحقق يرجع إلى ما بين القرنين الثامن والثالث عشر الميلاديين، وأحضرها للصين أسلاف قومية سالار الذين هاجروا من آسيا الوسطى قبل حوالي 800 عام واستوطنوا في المحافظة.
مخطوطة برمنجهام القرآنية
وأما أقدم مصحف قرآني في العالم بحسب التقرير هو مخطوطة "برمنغهام" القرآنية وهي عبارة عن آيات قرآنية مخطوطة علي قطع جلدية ويعتقد أنها تعود إلي الفترة 568 لغاية 645 ميلادي أي بعد وفاة الرسول (ص) أو عند حياته وهي تتضمن آيات بالخط الحجازي.
وأعلنت جامعة برمنجهام البريطانية عام 2015 للميلاد إنها عثرت في مكتبتها على مخطوطة قرآنية تعد من أقدم المخطوطات الباقية في العالم، وأظهرت نتائج فحوص أُجريت على المخطوطة بنظائر الكربون المشع أن عمرها 1370 عاماً على الأقل، مما يجعلها واحدة من أقدم المخطوطات الموجودة في العالم.
وتقول الجامعة كذلك إن عمر المخطوطة يشير إلى أنها ربما كتبها أحد صحابة النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقال الباحثون إن المخطوطة تتكون من اثنين من أوراق الرق، وتضم أجزاء من السور من 18 إلى 20، كُتبت بالحبر بأحد أقدم الخطوط العربية وهو الخط الحجازي.
مخطوط المصحف (نسخة توبنغن)
وثاني أقدم مخطوطة قرآنية هي "مخطوطة توبنغن" وهي عبارة عن صفحة واحدة تحتفظ بها جامعة "توبنغن" الألمانية ويعتقد أنها تعود الى الفترة 649 حتى 675 للميلاد وهذا يعني إنها كتبت بعد وفاة الرسول (ص) بـ 20 أو 40 عاماً، وذكر موقع جامعة "توبنغن" الألمانية أن تأريخ المصحف المخطوط بالخط الكوفي يرجع الى فترة 20-40 هـ (649-675م).
مخطوطات المكتبة الفرنسية
مخطوطات المكتبة الوطنية الفرنسية، تضم 16 من العُسُب -جرائد النخل-، مع اثنتين إضافيتين اكتشفت في برمنغهام في عام 2015، مشهورة هذه المخطوطة قد تشير إلى منتصف القرن السابع الميلادي، كان جزءا من الكثير من صفحات من مخزن المخطوطات القرآنية في مسجد "عمرو بن العاص" في الفسطاط التي اشتراها الفرنسي المستشرق جان-لويس دي عندما شغل منصب القنصل الفرنسي في القاهرة خلال 1806–1816.
والورقات الستة عشر الموجودة في باريس تحتوي على نص سورة 10:35 11:95، 20:99 23:11، بينما الورقات الأخرى الموجودة في برمنغهام تتمة للآيات القرآنية للسور، إضافةً إلى آيات من سورة 18، 19 و20. النص مكتوب في الصيغة التي أصبحت بعد ذلك معيارًا لنصوص القرآن كلها، مع فواصل السور المشار اليها بزخرفات خطية، ونهايات الآيات بمجموعة من النقاط المتماثلة المتراصة بالقرب من بعضها البعض.