حدد الله تبارك وتعالى المطهرين الانقياء الهداة الذين هم القدوة في كل ما يهم المسلمين، حدد المطهرين تطهيراً الاهياً بقوله عزوجل في سورة الاحزاب «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا» وحدد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي لا ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى، حدد في مناسبات عديدة وبتكرار مقصود من هم المطهرون اي من هم اهل البيت المذكورون في آية التطهير المباركة، فأذا هم علي وفاطمة وابناهما الحسن والحسين (سلام الله عليهم) كما روى ذلك جمع كثير من الصحابة واصحاب الصحاح والمسانيد والسنن، مما وقفنا عليه في لقاءات سابقة. والان وبعد تحديد من هم المطهرون من اهل البيت النبوي، هل كان للمطهرين ذروة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ هل كان فيهم الرجل الذي يبلغ عن النبي من بعده ويكون الاخذ عنه ديناً كما كان رسول الله؟ ام ترى ان اهل الطهر الاوفياء المنتجبين الاهباً قد وجدوا من اجل ان يتبرك بهم الناس؟ فيحمل احدهم الحسن ويقبل الاخر الحسين ويبتسم الجميع في وجه فاطمة وعلي (عليهم السلام)؟ اذا كانت الاجابة ان اهل الطهر الالهي هؤلاء هم لمجرد البركة ولا يوجد ما يسمى الوصاية والخلافة ولم يكن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بتعيين من يبلغ من بعده فهل من المعقول ان يجعل النبي اصحابه دون استثناء قدوة للبشر وقيمين على حركة الرسالة الالهية من بعده؟ وفي اصحابه منافقون وتيار الذين في قلوبهم مرض؟ كيف وقد اظهرت حركة التاريخ ان الصحابة اختلفوا في الرواية والقيادة والسيرة والاخلاق وفي طريق الهداية وفي كل شيء، وسبب هذا الاختلاف ان المحتاج الى التعليم والارشاد قد غدا قريناً للقرآن الذي لا يستغني عن المفسر الواقعي العالم الحقيقي به، ولكان القرآن لا يحتاج الى تأويل يجمع الناس على تأويله ولم تسترق الامة، واذا كانت الخلافة ليست اصلاً ولم يأمر الرسول بها فلماذا قامت من بعده؟ ولماذا اوصى الذين جاءوا من بعده وحتى يومنا هذا بمن يخلفهم؟ هل كان معاوية بن ابي سفيان احرص على الرسالة الالهية حيث جعلها لابنه من بعده وسار بها بعد ذلك لتستقر في اماء الكسروية والقيصرية؟ لماذا حرصوا على الخلافة ولم يتركوا الامر اقتداءاً بسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ اذا اعتبرنا انه ترك امته كهباءاً ضائعاً في ارض خلاء.
دعنا الان نقرأ شيئاً عن الولاية الالهية، لقد اقام الله تعالى حجته على الخلق في عالم الغيب في ميثاق الثغرة المغروس داخل الكيان الانساني لانه جل وعلا رب كل شيء، واقام حجته في عالم الاحساس الانساني بأن زود الانسان بما يهديه الى طريق التقوى ويبتعد به عن طريق الفجور وزوده في عالم المشاهدة المنظور بما يقربه اليه حيث الوجود كله من حوله يهتف لا اله الا الله. وفي نهاية جعله مختاراً له ان يختار اي طريق يسلك وعلى سلوكه يترتب الثواب والعقاب يوم القيامة والفائز هناك هو من احترم مضنونه الفطري وما زوده الله به واتبع الهدى الذي جاء به الانبياء والرسل (عليهم السلام)، وهذا الهدى الذي جاء به الانبياء يرشده ويسوقه الى الصراط المستقيم الذي يتسنى للشيطان في كل عصر ومكان في وضع العراقيل عليه، والهدى يتعامل مع كل حالة وفقاً للزمان والمكان ولهذا تتابع الرسل (عليهم السلام) في كل زمان ومكان من اجل ان يسدوا منافذ الشيطان الذي امهله الله حتى يوم الوقت المعلوم، ومن اجل هذا تحتم على من اراد الفوز بالنجاة والثواب والرضوان ان يقف تحت ولاية الله ورسوله لانها الولاية الوحيدة التي في ظاهرها وباطنها الرحمة وتقود من استظل بها الى ساحة القرب يوم القيامة.
اجل ان القرآن الكريم اخبر بولاية الله وان الامر كله لله، في اكثر من موضع منه قوله تبارك وتعالى «أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»، «وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ، فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ».
قال المفسرون انه تعالى ولي تنحصر فيه الولاية فمن الواجب على من يتخذه ولياً ان لا يتعداه الى غيره اذ لا ولي غيره.
وقوله: «هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ» حجة على وجود اتخاذه تعالى وحده ولياً لان الغرض من اتخاذ الولي والتدين له هو التخلص من عذاب السعير والفوز بالجنة يوم القيامة. ولما كان ذلك كذلك فأن المثيب والمعاقب يوم القيامة هو الله وحده فهو وحده الذي يحيي الموتى فيجمعهم ويجازي بأعمالهم وعلى هذا فهو الذي يجب ان يتخذ ولياً وان لا يلتفت الناس الى اولياء من دونه لانه اموات غير احياء ولا يشعرون ايان يبعثون، والله تعالى هو المالك لكل شيء لا مالك سواه فكل شيء قائم به له سبحانه الحكم والقضاء بالحق، وبعد ان اقام الله تعالى الحجج في الاية امر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ان يقول لهم ذلكم الله ربي عليه توكلت واليه اينب، اعلان لهم بأن الله عزوجل هو الولي الذي ارجع في جميع اموري اليه تكويناً وتشريعاً، ان الله هو الولي مالكم من دونه من ولي ولا شفيع افلا تتذكرون اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ومن يدلل فلن تجد له ولياً انه سبحانه مصدر جميع السلطات واليه تنتهي جميع القرارات وهو مصدر الخلق وواهب الحياة.
وشرع الله سبحانه ولاية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وجعل ولاية الرسول على المؤمنين شرطاً في الايمان بالله، قال تعالى«قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ» والاية الكريمة ذكرت حب الله دون ولايته لانه الاساس الذي تبنى عليه الولاية وانما ذكر حب الله تعالى فحسب لان ولاية النبي والمؤمنين تؤول في الحقيقة الى ولاية الله، والاية الكريمة من سورة المائدة «إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ» انزلت في الامام علي (عليه السلام). ولما كان الذين آمنوا لهم الولاية بالتبع لرسول الله وبأذن الله فأن للذين آمنوا الذين يحملون الولاية شروطاً اهمها ان يكون فيه النص ان الرجس لا يعرف له طريقاً وان الطهارة لهو رداء من الله كما نصت آية التطهير.
*******