كما اكد الكاظمي في كلمة له خلال افتتاح جلسة مجلس الوزراء التي عقدت اليوم، ان التصحيح أو التغيير يجب أن يكون هناك توافق عليه من كل أبناء الشعب العراقي.
وفي بدية الجلسة قدم الكاظمي "أحرّ التعازي بمناسبة يوم عاشوراء، ذكرى استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام)، التي نستلهم منها قيم التضحية، والعدالة، ومحاربة الظلم، ونستلهم منها روح الانتماء للوطن والإنسانية، وأهمية بناء الأمم على أساس العدالة"، مبينا "اننا بدأنا بهذه الحكومة سوية بمواجهة تحديات كبيرة، اقتصادية، وأمنية، وسياسية، وصحية، وقبلنا خوض التحدي، ومنذ سنتين ونصف السنة تقريباً ما زلنا نعمل على تذليل جميع العقبات في ظروف معقدة جداً".:
واضاف ان "العراق يواجه مشكلة سياسية حقيقية في مرحلة ما بعد الانتخابات، وهي بحاجة إلى حل، والحل يتطلب الحوار، والحكمة، والتضحية، مثلما ضحّى الإمام الحسين (عليه السلام)؛ من أجل العدالة، والقيم، والدين، وكذلك مطلوب من القادة السياسيين تقديم التضحيات من أجل الوطن، ومن أجل أبنائنا"، مشيراً إلى أن "التحديات التي نواجهها تنعكس على أداء الحكومة وكل مؤسسات الدولة العراقية، حيث أمضت هذه الحكومة 28 شهراً، ومن المؤسف أنها خلال هذه المدّة كانت هناك موازنة فقط لـ6 أشهر، فكيف يمكن أن تعمل الدولة بغياب الموازنة؟".
وتابع "نمر في فترة عصيبة، ومع كل هذا عملنا على تذليل الكثير من المشاكل"، مشيرا الى انه "كانت هناك مشاريع متلكئة أو فاشلة تم التخطيط لها منذ سنوات طويلة، وعملنا على إحيائها وتحويلها إلى فرص للنجاح، في إعادة بناء المستشفيات المتلكئة ومشاريع أخرى تخص الكهرباء، والنفط، والغاز، والطاقة البديلة، ولكن بلا موازنة فإن حياة الناس ستتعطل".
وذكر "اننا الآن في الشهر الثامن من عام 2022، ولا وجود للموازنة، والخلل ليس في الحكومة إنما بسبب الوضع السياسي الموجود"، متسائلا "كيف نقوم ببناء المدارس وتعبيد الطرق وبناء المشاريع مع غياب التوافق السياسي على تشكيل الحكومة أو إيجاد حل للانسداد السياسي؟".
وحذر الكاظمي من "خطورة موضوع الموازنة"، موضحاً، "لدينا وفرة مالية جيدة ونحتاج إلى استثمارها في اعادة بناء البنى التحتية وتحقيق مطالب شعبنا الكريم، فالعراقيون يستحقون أن يروا بلدهم وهو يحفظ كرامة مواطنيه، والأمنيات بأن يروا أبناءهم في مدارس جيدة وطرق معقولة ومؤسسات حكومية فاعلة".
واكد "اننا تاخرنا منذ 17 عاماً والآن لدينا فرصة، وهذه الحكومة كانت على مسافة واحدة من الجميع وركزت على الجانب الفني أكثر من الجانب السياسي"، لافتا الى "اننا نقف في منتصف الطريق، وعلى مسافة واحدة من الجميع؛ وأتمنى من الكتل السياسية أن تدعم هذه الحكومة لإنجاز مهمتها".
واوضح الكاظمي "وفرنا أموالاً لمشاريع الكهرباء والصحة والمشاريع المتلكئة، ويجب أن نعمل بكل قوة لمساعدة أبنائنا"، مبينا ان "المواطنين ينتظرون منا الكثير وهذا من حقهم في مطالبة الحكومة".
واعرب الكاظمي عن اسفه لـ"ما يحدث، إذ إن شعبنا لا يستحق هذا الظرف، بل يستحق الأفضل وأن نضحي من أجل الناس والمستقبل"، مشيرا الى ان "الخلاف السياسي بدأ ينعكس على الواقع الخدمي في الدولة؛ وعليه يجب أن نبحث عن حل".
ودعا الكاظمي "الجميع إلى الحوار بكل جدية"، لافتا الى ان "الحوار هو الحل الوحيد لحل مشاكلنا وليس لدينا غيره، أمّا اللجوء إلى أساليب التصعيد الإعلامي، والسوشيال ميديا، وإشاعة الفوضى، والإحباط لدى الناس، فإن هذا لن يساعد في بناء التجربة الديمقراطية الحديثة، فنحن ديمقراطية فتية، ونحتاج إلى التصرف وفق الحكمة والعقل".
ودعا الكاظمي "المواطنين الى أن يعرفوا أن في كل يوم يتم التأخر فيه بإيجاد حل للانسداد السياسي، فإنه يتم تقييد الحكومة، وتكون في وضع من الصعوبة القيام بواجباتها"، موضحا ان "عمل حكومة تصريف الأعمال حسب الدستور، هو أن يكون مقروناً بمدة قصيرة وليس البقاء لتسعة أشهر من دون حكومة جديدة".
وذكر "من غير المعقول أن تبقى الحكومة مكبّلة، وتم تجاوز التوقيتات الدستورية والمطلوب منا أن نبقى حكومة تصريف أعمال؛ وهذا غير ممكن"، مشددا على ضرورة "أن تتعاون الكتل السياسية مع الحكومة لإيجاد حل لموضوع الموازنة، ونحن جاهزون للمساعدة والقيام بدورنا كسلطة تنفيذية وفق القانون".
وتابع "لقد قبلنا التحدي في الماضي ونحن جاهزون الآن أيضاً، فقد عملنا بكل هدوء وتحمّلنا الظلم والافتراءات، وكل الإشاعات التي حاولت أن تأخذ من عزيمة الوزراء والحكومة؛ من أجل العراق والعراقيين"، لافتا الى "اننا قبلنا المسؤولية؛ كي نحقن دماء الناس، وجئنا في ظروف صعبة ورغم غياب جميع مقومات النجاح، والحمد لله نجحت الحكومة في تقديم إنجاز خلال مدة قصيرة، من تقديم أعمال لم تحققها حكومة إلّا في دورتين".
وأكد "لدينا القدرة على الاستمرار في خدمة شعبنا، لكن يجب أن يتوفر دعم سياسي حقيقي للحكومة بدلاً من الخلافات السياسية"، مشيرا الى ان "هناك أطرافاً تحوّل دائماً الصراع تجاه الحكومة، والحكومة لا علاقة لها فإننا لسنا طرفاً في الصراع السياسي".
وبين "مررنا بمحنة خلال الأسبوعين أو الثلاثة الماضية، وتم التعاطي بكل هدوء مع الأزمة، ونجحنا في ألّا تكون هناك دماء عراقية تسيل على الأراضي العراقية، وسنستمر بهذا النهج"، لافتا الى ان "من يظن أن هذه الحكومة تعمل على توتير الأجواء فهو مخطئ".
وذكر "قلنا منذ اليوم الأول: إننا مستعدون لتسليم السلطة لأي حكومة منتخبة، وفي اللحظة التي تتفق فيها الكتل السياسية نحن جاهزون. وما الحديث بشأن أن الحكومة أو رئيس مجلس الوزراء يعمل على تعطيل تشكيل الحكومة أو الحل إلا هراء"، متسائلا "من هو الذي يقبل بالبقاء في هذه الظروف الصعبة؟".
واكد ان "القصة ليست قصّة منصب، إنما قصّة نجاح، إما أن نكون ناجحين ونقبل التحدي، وإما أن الكتل السياسية عليها أن تقبل القيام بدورها لإيجاد حل للانسداد؛ كي ننطلق نحو عراق مشرق وفيه فرصة للأمل، ويجب أن نكون متفائلين"، مشددا ان "لا حل إلّا بالحوار".
وأكد "ذكرت بالأمس، وقبل أسبوع، وأكررها الآن: إن ألف سنة من الحوار أفضل من لحظة واحدة فيها صدام بين العراقيين"، مشيرا الى ان "الدم العراقي غالٍ، وشعبنا عانى الكثير منذ 70 عاماً، وعليه يجب ألا نكرس ثقافة تدمير أنفسنا بأنفسنا، وتدمير الفرصة التأريخية".
ولفت الى ان "العراق من الممكن أن يكون اليوم في موقف متقدم، فلديه إمكانيات وثروات ووفرة مالية تساعدنا في بناء بلدنا، ونجحنا خلال السنتين بإعادة ترميم علاقاتنا مع كل دول العالم، وأصبح العراق نقطة للقاء والتكامل مع الآخرين؛ من أجل خدمة شعبنا وشعوب المنطقة"، مشيرا الى "اننا قدمنا مبادرة وقد لاقت استحسان أغلب الكتل السياسية، وما زلنا نعمل على تهيئة فرصة للحوار".
واكد على "أهمية الحفاظ على نظامنا الديمقراطي"، مشددا على "ضرورة أن نصحح إذا كانت هناك مسارات خاطئة أو أن هناك فقرات في الدستور، التصحيح أو التغيير يجب أن يكون هناك توافق عليه من كل أبناء الشعب العراقي".