وأكدت في بيان اليوم الجمعة، أن لبنان يواجه أزمة اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة في تاريخه المعاصر، التي بات معها يعيش 80% من اللبنانيين تحت خط الفقر، موضحة أنه "قد تتعدد أسباب هذه الأزمة الاقتصادية الحادة وتتشابك، بين إصلاحات داخلية واجبة تسعى الحكومة جاهدة لإقرارها، إضافة إلى إجراء التصحيح البنيوي المطلوب، والتزامات دولية أهمها إنجاز الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي، لوضع لبنان على مسار التعافي المستدام.
وشددت الخارجية على أنه "لا يمكننا أن نتجاهل أن أحد الأسباب الرئيسة لما يرزح تحته لبنان، متصل بأعباء الأزمة السورية وتداعياتها، لاسيما النزوح السوري الكثيف إلى لبنان"، مبينة أن التواجد الكبير للنازحين السوريين على الأراضي اللبنانية شكل سببا رئيسيا للأزمة الاقتصادية العميقة.
وذكرت أن نتيجة لذلك بدأت الفئات الاقتصادية الأكثر ضعفا من اللبنانيين تتنافس على الخدمات والموارد الغذائية المحدودة المقدمة، مع النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين، الذين أصبحوا يشكلون معا نحو 40% بالمئة من عدد اللبنانيين، مما أدى مؤخرا إلى زيادة نسبة التوترات والحوادث الأمنية بين الفئات الاقتصادية كافة الأكثر ضعفا في لبنان.
كما لفتت إلى أن بعد انقضاء أحد عشر عاما على بدء الأزمة السورية، زادت مخاوف لبنان، حيث تبين له غياب خارطة طريق لدى مجتمع الدول المانحة لعودة النازحين السوريين إلى وطنهم الأم بكرامة وأمان، أو ترحيلهم لدولة ثالثة كما بدأت تفعل بعض الدول مؤخرا، مركزة على أن استمرار ربط العودة بالحل السياسي في سوريا، في ظل انسداد واضح ومعلوم من الجميع في الأفق السياسي، يعني بقاءهم في لبنان إلى أجل غير مسمى.
وأفادت بأن التطورات الدولية المتسارعة أدت كذلك إلى تغيرات جذرية في أولويات المجتمع الدولي واهتماماته، بعيدا عما يحصل في سوريا، مشيرة إلى أن أكثر من عقد قد مضى على وجود النازحين السوريين في لبنان، وهم بمعظمهم نازحون اقتصاديون يستفيدون من المساعدات الدولية المباشرة والانتقائية دون المرور بالسلطات الرسمية اللبنانية، وما تؤمنه لهم من مداخيل بالعملة الصعبة يرفدون بها الداخل السوري.
وجزمت الخارجية أن لبنان لم يعد قادرا على الاستمرار بالوسائل التقليدية المتبعة، الآيلة إلى إبقاء النازحين في أماكن تواجدهم، بدل البحث عن وسائل لإعادتهم إلى ديارهم بصورة كريمة وتدريجية وآمنة، معلنة أن حرصا منا على أوضاع لبنان الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، نخشى أنه لن يكون أحد بمنأى عن تداعيات هذه الأزمة، لاسيما مع تزايد ظاهرة زوارق الهجرة غير الشرعية المتجهة إلى أوروبا، بالرغم من تشدد السلطات اللبنانية في منع هذه الظاهرة.
إلى ذلك، أوضحت أن انطلاقا من المصلحة المشتركة اللبنانية - الأوروبية بإيجاد حل مستدام لملف النزوح السوري، يحمي لبنان اجتماعيا واقتصاديا وأمنيا، ويقي الدول الأوروبية استباقيا تبعات أي تدهور محتمل، وإذ تثني الوزارة على الجهود المبذولة من دول الاتحاد الأوروبي للتخفيف من التداعيات الإنسانية للأزمة السورية، تدعو بصدق إلى التعاون والتشاور والحوار، لوضع خارطة طريق تسمح بعودة النازحين السوريين تدريجيا إلى ديارهم بكرامة وأمان، حرصا على استقرار لبنان والمصالح المشتركة مع أوروبا.