وأوضح صباغ في بيان أمام مؤتمر الاستعراض العاشر لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية 2020 الذي عقد في الجمعية العامة، أن التمديد اللانهائي للمعاهدة جاء نتيجة الاتفاق على حزمة قرارات متكاملة تم التوصل إليها بتوافق الآراء خلال مؤتمر الاستعراض عام 1995 والتي كان من ضمنها تبني قرار يدعو إلى إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل في المنطقة.
وأشار صباغ إلى أنه في الوقت الذي أبدت فيه جميع دول المنطقة استعدادها لاتخاذ خطوات عملية نحو إنشاء تلك المنطقة واصل كيان الاحتلال الإسرائيلي تهديده للسلم والأمن الإقليمي والدولي وتحديه للمجتمع الدولي من خلال رفضه الانضمام لمعاهدة عدم الانتشار كطرف غير حائز وإخضاع منشآته النووية لنظام الضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية مستنداً في ذلك إلى دعم مطلق من الولايات المتحدة والدول الغربية التي لم تكتف بذلك بل انتهكت أيضاً التزاماتها بموجب المادة الأولى من المعاهدة إذ زودت على مدى عقود الكيان الإسرائيلي بالتكنولوجيا النووية المتطورة التي ساعدته على بناء قدرات عسكرية نووية.
ولفت صباغ إلى أن سوريا وجميع الموقعين الأوائل على هذه المعاهدة أدركوا على نحو مبكر خطورة التهديدات الناشئة عن السعي إلى امتلاك وتطوير الأسلحة النووية على السلم والأمن الإقليمي والدولي وخاصة بعد استخدامها المأساوي في هيروشيما وناغازاكي في العام 1945 مبيناً أن المؤتمر مطالب بالإجابة عن العديد من الأسئلة وفي مقدمتها هل المخاوف من وقوع تهديد نووي موجودة أم لا، وهل نجحت الدول الأطراف في تنفيذ المعاهدة على نحو متوازن وغير تمييزي، والسؤال الأهم لماذا لم يتم حتى الآن تنفيذ قرار العام 1995 القاضي بجعل منطقتنا خالية من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل رغم مرور 27 عاماً على صدوره؟.
وأكد صباغ التزام سوريا بأحكام المعاهدة وإيمانها بأن مصداقية هذه المعاهدة تقوم على الإعمال المتوازن للركائز الأساسية الثلاث التي قامت عليها وتنفيذها بالقدر نفسه من الأهمية كما تشدد على أهمية نزع السلاح النووي بشكل كامل وشامل وقابل للتحقق وهو ما أيده الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الصادر في عام 1996 والقاضي بعدم مشروعية الاستخدام أو التهديد باستخدام الأسلحة النووية.
وبين صباغ أن سوريا عملت بإخلاص من أجل تنفيذ هذا القرار فبادرت خلال عضويتها في مجلس الأمن إلى تقديم مشروع قرار في العام 2003 لإخلاء منطقتنا من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل إلا أن الولايات المتحدة أجهضت تلك المبادرة كما انضمت سورية لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية في العام 2013 في خطوة منها نحو إنشاء هذه المنطقة.
وأوضح مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة أن المرونة التي أظهرتها دول المنطقة خلال مؤتمر الاستعراض عام 2010 ساهمت في إقرار خطوة عملية لتنفيذ قرار دول المنطقة لعام 1995 من خلال الطلب إلى الأمين العام للأمم المتحدة أو للدول الثلاث مقدمة القرار بالتشاور مع دول المنطقة عقد مؤتمر في عام 2012 تحضره جميع دول المنطقة بشأن إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وجميع أسلحة الدمار الشامل الأخرى في المنطقة لكن لم يتم عقد هذا المؤتمر بسبب مماطلة ومناورة الولايات المتحدة إرضاء لـ “إسرائيل” حيث تجلت هذه المراوغة السياسية بكل وضوح خلال مؤتمر الاستعراض عام 2015 عندما أعاقت مع دولتين حليفتين لها اعتماد مشروع الوثيقة الختامية له رغم كل الجهود الكبيرة والمبادرات المهمة التي قدمتها بعض الدول وفي مقدمتها روسيا.
ولفت صباغ إلى أنه إزاء حالة الاستعصاء التي واجهت تطبيق قرار دول المنطقة لعام 1995 وكخطوة لكسر حالة الجمود جاء اعتماد الجمعية العامة للمقرر رقم 456-73 الذي عهد إلى الأمين العام بمهمة عقد مؤتمر يهدف إلى صياغة معاهدة ملزمة قانوناً لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل في المنطقة وحظيت هذه الخطوة بدعم جميع دول المنطقة باستثناء كيان الاحتلال الإسرائيلي والمؤسف أيضاً هو مقاطعة الولايات المتحدة الأمريكية له على الرغم من أنها دولة وديعة لمعاهدة عدم الانتشار وإحدى الدول الثلاث الراعية لقرار دول المنطقة لعام 1995.
وجدد صباغ تأكيد سوريا على أن إنشاء هذه المنطقة جزء لا يتجزأ من التزامات الدول الأطراف بموجب المعاهدة ما يتطلب منها تنفيذ هذا الالتزام بشكل كامل وعلى أن قرار دول المنطقة لعام 1995 سيبقى نافذاً إلى حين تحقيق أهدافه وغاياته وتنفيذه كاملاً موضحاً أن وضع خطوات جادة لتنفيذه هو معيار أساسي لنجاح هذا المؤتمر.
وشدد صباغ على حق الدول الأطراف الثابت وغير القابل للتصرف في الحصول على التكنولوجيا النووية واستخدامها في مختلف التطبيقات السلمية وضرورة الالتزام بتنفيذ أحكام المادة الرابعة من المعاهدة بشكل متوازن ودون تمييز مؤكداً دعم سوريا دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية المنصوص عليه في نظامها الأساسي وأحكام المادة الثالثة من المعاهدة ووجوب تحقيق التوازن بين الأنشطة الرقابية للوكالة وأنشطتها الأخرى المتعلقة بنشر التقنيات النووية وتطبيقاتها السلمية وضرورة التمييز بين الإجراءات الملزمة قانوناً والأخرى الطوعية وعدم الخلط بينهما.
وقال صباغ، إن سوريا تطالب بعدم إخضاع مسائل التعاون والمساعدات الفنية التي تقدمها الوكالة إلى الدول الأطراف لأي قيود سياسية أو اقتصادية تتعارض مع أحكام النظام الأساسي للوكالة وتدين في هذا المجال الإجراءات القسرية غير الشرعية أحادية الجانب التي يفرضها الغرب ضد بلدان عدة من بينها سوريا مبيناً أن هذه الإجراءات تعيق وصول المساعدات الفنية اللازمة للاستخدامات السلمية للطاقة النووية وخاصة في المجالات الصحية وعلاج أمراض السرطان ما يؤثر سلباً على حياة شعوب هذه الدول.
وأعرب صباغ عن تطلع سوريا إلى أن يتمكن مؤتمر استعراض المعاهدة 2020 من إحراز تقدم حقيقي نحو تحقيق أهداف المعاهدة واستعدادها للتعاون مع جميع الدول الأطراف للوصول إلى وثيقة ختامية واحدة شاملة يتم اعتمادها بتوافق الآراء وتغطي أوجه قلق جميع الدول الأطراف.