هويته الشخصية:
كان مسلم من صحابة رسول الله (ص) ومن أبطال العرب في صدر الاسلام، شهد يوم "أذربيجان" وغيره من أيام الفتوح، ومن خواص أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام), شهد معه معارك الجمل وصفين والنهروان, ومن أصحاب الإمام الحسين (ع).
نصرته لمسلم بن عقيل في الكوفة
كان مسلم بن عوسجة مناصراً لمسلم بن عقيل (عليه السلام) عند قدومه إلى الكوفة وكان يهيؤ له المال والسلاح، ويأخذ البيعة من الناس للإمام الحسين . واختار مسلم بن عقيل قادات لمناصريه في الكوفة لضرورة التنسيق بينهم فجعل مسلم بن عوسجة على ربع مذحج وأسد.
وعثر عبيد الله بن زياد على موضع مسلم بن عقيل من خلال مسلم بن عوسجة بعد أن أرسل جاسوسه "معقل" إلى مسلم بن عوسجة وطلب منه أن يدلّه إلى مسلم بن عقيل بحجة تسليم الأموال إليه والبيعة معه فدله مسلم بن عوسجة إلى مسلم وعرف عبيد الله موضع مسلم بن عقيل.
إنّ مسلم بن عوسجة بعد أن قُبض على مسلم وهاني وقتلا اختفى مع أهله والتحق بالامام الحسين (ع) بكربلاء وفداه بنفسه.
دوره في واقعة كربلاء
حضر مسلم مع زوجته وابنه "خلف" في واقعة كربلاء، ويذكر المؤرخون أنّ خلف بن مسلم الأسدي خاض الحرب يوم عاشوراء إلى جنب أبيه واستشهد في تلك الواقعة.
ليلة عاشوراء
ليلة عاشوراء لما جنّ الليل جمع الإمام الحسين أصحابه وقال: (هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً وليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي وتفرقوا في سواد هذا الليل وذروني وهؤلاء القوم فإنهم لا يريدون غيري).
فقال مسلم بن عوسجة: (نحن نخليك هكذا وننصرف عنك، وقد أحاط بك هذا العدو، لا والله لا يراني الله أبدا وأنا أفعل ذلك حتى أكسر في صدورهم رمحي وأضاربهم بسيفي ما ثبت قائمة بيدي، ولو لم يكن لي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة ولم أفارقك أو أموت معك. والله لو علمت أني أقتل ثم أحيا ثم أحرق ثم أحيا ثم أذرى، يفعل ذلك بي سبعين مرة مافارقتك حتى ألقى حمامي دونك، فكيف لا أفعل ذلك وإنما هي قتلة واحدة ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبداً).
يوم عاشوراء
كتب الشيخ المفيد في الإرشاد أنّ أصحاب الإمام الحسين ألهبوا النار في الخندق من ورائهم لكيلا يأتوهم من الخلف، وأقبل القوم يجولون حول بيوت الحسين فيرون الخندق في ظهورهم والنار تضطرم في الحطب والقصب الذي كان ألقي فيه، فنادى شمر بن ذي الجوشن (لعنه الله) بأعلى صوته: "يا حسين أتعجلت النار قبل يوم القيامة؟". فقال الحسين : "من هذا؟ كأنّه شمر بن ذي الجوشن"؟ فقالوا له: نعم، فقال له: "يا ابن راعية المعزى، أنت أولى بها صليا"".
ورام مسلم بن عوسجة أن يرميه بسهم فمنعه الحسين من ذلك، فقال له: "دعني حتى أرميه فإن الفاسق من عظماء الجبارين، وقد أمكن الله منه". فقال له الحسين : "لا ترمه، فإني أكره أن أبدأهم".
رجزه في ساحة القتال
برز مسلم بن عوسجة يوم عاشوراء في ساحة القتال وهو يرتجز ويقول:
إن تسألوا عني فإني ذو لبد *** وإن بيتي في ذرى بني أسد
فمن بغاني حائد عن الرشد *** وكافر بدين جبـــــــار صمد
مسلم بن عوسجة شهيدا
كان مسلم أول أصحاب الحسين (ع) الذين استشهدوا معه في واقعة كربلاء. خرج مسلم بن عوسجة (رض) إلى ساحة القتال يوم عاشوراء، فقاتل قتالاً شديداً وصبر على أهوال البلاء حتى سقط إلى الأرض وبه رمق فمشى إليه الامام الحسين (ع) ومعه حبيب بن مظاهر (رض) فقال له الحسين: رحمك الله يا مسلم، ﴿ فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً﴾.
آخر وصيته
قال حبيب لمسلم: عزَّ عليَّ مصرعك يا مسلم، أَبشر بالجنّة! فقال له مسلم قولاً ضعيفاً: بشّرك اللّه بخير. فقال حبيب: لولا أنّي أعلمُ أنّي في إثرك لاحقٌ بك من ساعتي هذه لأحببتُ أن توصي إليَّ بكلّ ما أهمّك حتّى أحفظك في كلّ ذلك بما أنت له أهل من الدين والقرابة. فقال له: بلى، أوصيك بهذا رحمك اللّه! وأومأ بيديه إلى الحسين (ع) أنْ تموت دونه! فقال حبيب: أفعل وربّ الكعبة. وفي رواية لأنعمنك عيناً. ثم فاضت روحه الطاهرة رضوان الله عليه.
فتنادى أصحاب عمرو ابن الحجّاج: قتلنا مسلم بن عوسجة الأسديّ، فقال شبث لبعض من حوله من أصحابه: ثكلتكم أمّهاتكم! إنّما تقتلون أنفسكم بأيديكم، و تذلّلون أنفسكم لغيركم، تفرحون أن يقتل مثل مسلم بن عوسجة! أما والّذي أسلمت له، لربّ موقف له قد رأيته في المسلمين كريم! لقد رأيته يوم سَلَقِ أذربيجان قتل ستّة من المشركين قبل تتامّ خيول المسلمين، أفيقتل منكم مثله وتفرحون.
الزيارات
في زيارة الناحية المقدسة، وقع التسليم على مسلم بن عوسجة في زيارة الشهداء، وأشيد بمواقفه يوم عاشوراء، وذكر أيضاً في زيارة الإمام الحسين في نصف شعبان عند السلام على شهداء كربلاء.
سلام الله عليك يا مسلم بن عوسجة وعلى ولدك خلف في الشهداء، وفقنا الله للسير على نهجك ورزقنا شفاعتك يوم القيامة... اللهم آمين.