البث المباشر

القرآن وقوانين معاجز الاولياء

الثلاثاء 29 يناير 2019 - 10:48 بتوقيت طهران

الحلقة 114

تصدر من انبياء الله (عليهم السلام) افعال تخرق المألوف وتلفت اليها انظار الاخرين لتحملهم على تصديق رسالته والايمان بأنه مرسل من الله تعالى اليهم اقامة للحجة.
وموقف الاسلام من المعجزات النبوية موقف واضح صريح لا يحتمل التأويل وقد اقر كتاب المسلمين الذي انزله الله عزوجل كل معجزات الانبياء السابقين وصحح حقائقها واوردتها كما وقعت بحق، بل ان هناك معجزات تسكن عنها الاناجيل والتوراة ولم يسكت عنها القرآن الكريم، ان عيسى بن مريم (عليه السلام) مثلاً قد تكلم في المهد، تكلم بعد ولادته خارقاً بذلك القانون المألوف الذي يجعل الاطفال المولودين لا يقدرون على‌ الكلام قبل سنتين تقريباً، سكنت الاناجيل من هذه المعجزة واوردها القرآن في سورة مريم في موقف يؤكد ان اتهاماً اثيماً قد وجه الى مريم فرد عيسى من مهده على الفور وكان الرد معجزة من عيسى (عليه السلام) بوصفه نبيا وكان كرامة لمريم سلام الله عليها بوصفها من اولياء الله، يقول تعالى في سورة مريم: «فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا، يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا، فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا، قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا، وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا، وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا، وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا»
قال عيسى هذه الكلمات وهو مولود واثبت بكلماته اكثر من حقيقة، نسف الاتهام الظالم لمريم بأنها قد اتت منكراً من الفعل واكد انه عبد الله الذي آتاه الكتاب وجعله نبياً مباركاً واوصاه بأقامة الشعائر واشار الى ان الله تبارك وتعالى قد جعل ميلاده وموته وبعثه سلاماً عليه، هذه المعجزة تؤيد عيسى (عليه السلام) في دعوته الى الله وهي معجزة علنية شهدها الذين اتهموا مريم (سلام الله عليها) وشهدها الذين تجمعوا في موقف الاتهام هذا من الفضوليين وما اكثرهم، وحكاها هؤلاء بعد ذلك وربما يكونوا هؤلاء قد اسدلوا عليها ستاراً من الصمت فلم يذكروها تحقيقاً لمصالحهم الخاصة في انفرادهم بالشريعة وكجزء من خطتهم في حرب هذا النبي الجديد.
ومن الاولياء الذين تحدث كتاب الله المجيد عن كراماتهم مريم ابنة عمران وكانت من كراماتها ما يحكيه القرآن عنها «كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا» وقد ورد في التفسير انه كان يجد فاكهة الشتاء عندها في الصيف، ومن الاولياء الذين يورد القرآن قصص ولايتهم هذا العبد الصالح الذي آتاه الله رحمة من عنده وعلمه من لدنه علماً وهو الخضر (عليه السلام) وقد سار هذا العبد مع موسى (عليه السلام) وعلمه من علمه ولم يصير موسى عليه كما تنص سورة الكهف المباركة، ومن الاولياء الذين ورد ذكرهم في القرآن بغير اشارة الى اسماءهم هذا الذي عنده علم من الكتاب قال تعالى في سورة النمل «قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ» قال الذي عنده علم من الكتاب انا اتيك به قبل ان يرتد اليك طرفك فلما رآه مستقراً‌ عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر ام اكفر ومن شكر فأنما يشكر لنفسه ومن كفر فأن ربي غني كريم» نحن في مجلس سليمان (عليه السلام)، يطلب سليمان احضار عرش بلقيس من اليمن حيث مملكتها الى بلاد الشام حيث مقر ملكه، عفريت من الجن يتقدم لاحضارة ويحدد مدة من الوقت هي المدة التي يستغرقها سليمان في مجلسه قبل ان تقوم من مقامك، المدة ‌ساعة او شيء بين الساعات ولم يرتض سليمان هذه المدة ربما اشار بيده او بدا من ملامح وجهه ان مدة احضار العرش هذه طويلة‌ عندئذ تقدم واحد كان يحضر المجلس واحد لن يحدثنا القرآن عن اسمه، اشار اليه القرآن اشارة «قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ» وعفريت الجن قد عرض خدماته وسيحضر العرش من مسافة تبعد خمسة الاف كيلومتراً من مملكة اليمن الى فلسطين ورفض سليمان هذه الخدمة رغم انها عمل خارق في مألوف البشر، المطلوب شيء فوق طاقة الجن، من الذي يملك قدرات فوق قدرات الجن المسخر عند سليمان، انه الذي عنده علم من الكتاب تقول الروايات انه آصف بن برخيا فكيف اذن بمن عنده علم الكتاب كله.
اعزائي المستمعين نلاحظ ان اولياء الله الذين اشار اليهم القرآن قليلون منهم ولي جاء ذكره في سورة الكهف «فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا، قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا، قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا» وكشفت عن اسمه كما قلنا فأذا هو الخضر، ويرد ذكر ولي آخر في سورة النمل: «قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ» وتذكر الروايات انه آصف، واتصلت قدرة العبد الذي يحضر مجلس سليمان مع علم العبد الذي صاحبه موسى احدهما يملك قدرة تعجز عنها قدرة الجن والاخر يملك علماً يعجز عنه صبر نبي من اولي العزم.
حين تتعلق ارادة الله بشيء فلا محالة انه يتحقق، تخرج قوانين هذا الشيء عن طبيعتها المألوفة، خاضعة لمشيئة الله خالق القوانين وموجدها، حين انشق البحر امام موسى وليس من طبيعة البحران ينشق كان هذا الامر خروجاً من قوانين البحار الى مشيئة الله وهذه المشيئة هي التي قضت من قبل ان يكون البحر بحراً فلا ينشق الا بمعجزة، وحين احيا عيسى الموتى امام اعين الناس خرج هؤلاء من طبيعة الموت التي تقضي بعدم القيام الا يوم البعث وكان خروجهم خاضعاً لمشيئة الله عزوجل، وحين نام اهل الكهف اكثر من ثلاثة قرون واستيقظوا من نومهم وليس في الطبيعة البشرية نوم كهذا او يقظة كهذه حين وقع هذا خضع اهل الكهف لقانون الخوارق والله سبحانه وتعالى قد بسط امام اعين الناس قوانينه في الكون المخلوق وامرهم بتتبع دقائقها واكتشاف حقائقها ودعا الى النظر والسياحة والتأمل والاكتشاف فأنه سبحانه قد اخفى قوانيه التي تتصل بالخوارق وحجبها وراء ستائر السر لانها تتصل بمشيئة الله وبالحكم الخفية العميقة التي جعلها في العالم تباركت مشيئته وجلت حكمته.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة