سلسلة الأحداث:
البيعة ليزيد
لما هلك معاوية في منتصف رجب سنة 60 هـ كتب يزيد إلى الوليد بن عتبة والي المدينة أن يأخذ الحسين عليه السلام بالبيعة له، فأنفذ الوليد إلى الحسين عليه السلام فاستدعاه، فعرف الإمام الحسين عليه السلام ما أراد، فدعا جماعة من مواليه وأمرهم بحمل السلاح وقال: "اجلسوا على الباب فإذا سمعتم صوتي قد علا فادخلوا عليه ولا تخافوا علي".
وصار عليه السلام إلى الوليد فنعى الوليد إليه معاوية، فاسترجع الحسين عليه السلام ثم قرأ عليه كتاب يزيد بن معاوية.
فقال الحسين عليه السلام: "إني لا أراك تقنع ببيعتي ليزيد سرا حتى أبايعه جهرا فيعرف ذلك الناس".
فقال له الوليد: أجل.
فقال الحسين عليه السلام: "فتصبح وترى رأيك في ذلك".
فقال الوليد: انصرف على اسم الله تعالى.
فقال مروان: والله لئن فارقك الساعة ولم يبايع لا قدرت منه على مثلها أبدا حتى يكثر القتلى بينكم وبينه، احبس الرجل فلا يخرج من عندك حتى يبايع أو تضرب عنقه.
فوثب عند ذلك الحسين عليه السلام وقال: "أنت يا بن الزرقاء تقتلني أو هو؟ كذبت والله وأثمت". ثم خرج.
خروج الإمام من المدينة إلى مكة ومكاتبة أهل الكوفة
غادر الإمام عليه السلام المدينة إلى مكة، ولما بلغ أهل الكوفة هلاك معاوية اجتمعت الشيعة في منزل سليمان بن صرد الخزاعي فاتفقوا أن يكتبوا إلى الإمام الحسين عليه السلام طالبين منه القدوم إليهم في الكوفة وألحّوا في ذلك الأمر أيما إلحاح، مبينين للإمام (عليه السلام) أن السبل ميسرة والظروف مهيأة لقدومه، حيث كتب له وجهاؤهم من جملة ما كتبوه: "أما بعد، فقد اخضر الجناب وأينعت الثمار، فإذا شئت فأقبل على جند لك مجندة".
مسلم بن عقيل سفيراً
ولما جاءت رسائل أهل الكوفة تترى على الإمام عليه السلام أرسل إليهم ابن عمه مسلم بن عقيل عليه السلام ممثلا عنه لأخذ البيعة له منهم، وللتحقق من جدّية هذا الأمر.
قيام الكوفيين وبيعتهم لمسلم
فلما وصل مسلم إلى الكوفة اجتمع أهلها عنده وبايعه خلق كثير حتى امتلأ المسجد والسوق منهم.
مقتل مسلم وهاني بن عروة
ولكن لم تدم تلك البيعة طويلاً، ففي الثامن من ذي الحجة سنة 59 هـ اعتقل عبيد الله بن زياد هاني بن عروة وأودعه سجن قصره، وحاصر مسلماً فوقعت بينه وبين من اجتمعوا عليه مبارزة وقتال حتى أمسكوا به وأخذوه للقصر، تم قُتل وألقيت جثته من أعلى القصر، وقُتل معه هاني وسُحبت جثتيهما في الأسواق.
حركة الإمام (ع) من مكة إلى كربلاء
في يوم 8 ذي الحجة خرج الإمام الحسين عليه السلام من مكة متوجهاً إلى الكوفة بناءً على ما وصله من الكتب والمراسلة بينه وبين مسلم وخلال مسيره توقف في 18 منزلاً بين كل منزل قرابة 3 فراسخ إلى أن وصل كربلاء.
الحر يتعرض الإمام (ع)
بعث عبيد الله بن زياد الحر بن يزيد الرياحي لقتال الإمام عليه السلام في 1000 فارس مدججين بالسلاح، فلما نظر إليهم الإمام عليه السلام وقف في أصحابه، ووقف الحر في أصحابه... ثم إن الإمام عليه السلام وأصحابه ساق قافلته والنساء بين أيديهم، فقدمت خيل الكوفة حتى حالت بينهم وبين المسير... فطلب الحر من الإمام النزول على أمر يزيد و البيعة، فرفض الإمام ذلك.. فطلب من الإمام أن يغير طريقه، فتقدم الطرماح بن عدي الطائي فسار بالقافلة.
وصول كربلاء
في اليوم الثاني من محرم سنة 61 هـ وصل الإمام الحسين عليه السلام إلى كربلاء، وقال بعض العامّة: وصل يوم الثامن.
نصيحة لعمر بن سعد
في مساء اليوم السادس التقى الإمام الحسين عليه السلام بعمر بن سعد وألقى عليه الحجة، فأرسل خولي بن يزيد الأصبحي كتاباً إلى ابن زياد يخبره بما حدث، فأرسل ابن زياد إلى عمر بن سعد يهدده ويأمره بقطع الماء عن الإمام عليه السلام.
تزايدت الجيوش وقُطع الماء
في اليوم السابع اجتمعت العساكر على الإمام الحسين وأهل بيته وصحبه (عليهم السلام) وقطعوا الماء عنهم.
اشتد الحصار على الإمام وأصحابه وأهل بيته
في اليوم التاسع اشتدّ الحصار على الإمام وأهل بيته وأصحابه (عليهم السلام) كما روي عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام.
الأمان للعباس وإخوته
وفي اليوم التاسع جاء شمر بن ذي الجوشن إلى خيمة الإمام برسالة أمان إلى أبي الفضل العباس وإخوته جعفر و عثمان فقال له الفتية: "لعنك الله ولعن أمانك... أتؤمننا وابن رسول الله لا أمان!".
أمهلونا سواد هذه الليلة
عندها نادى عمر بن سعد: "يا خيل الله اركبي وأبشري" فركب في الناس ثم زحف نحوهم بعد صلاة العصر... فأرسل الإمام إليهم العباس يطلب منهم أن يؤخرهم إلى الغد ليصلي ويناجي ربه قال: "فإنه يعلم أني أحب الصلاة له وتلاوة كتابه".
لهم دوي كدوي النحل
ولما حل الظلام ليلة العاشر اغتنم الإمام وأصحابه (عليهم السلام) الوقت فقضوا تلك الليلة بالدعاء والمناجاة والاستغفار، فباتوا بين تالٍ للقرآن وآخر راكع وساجد... فكان لهم دوي كدوي النحل.
باقون على الوفاء بالعهد
لما أن حل ظلام اليوم التاسع، جمع الإمام الحسين عليه السلام أصحابه فحمد الله وأثنى عليه وقال: "أما بعد، فإني لا أعلم أصحابا أصلح منكم ولا أهل بيت أبر، ولا أفضل من أهل بيتي، فجزاكم الله جميعا عنى خيرا وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً، ثم ليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي، ثم تفرقوا في سوادكم ومدائنكم حتى يفرج الله، فان القوم انما يطلبوني ولو قد أصابوني لهوا عن طلب غيري".
ولما أن أتم الإمام كلامه قام بنو هاشم وكذلك الأصحاب واحداً بعد الآخر فأكدوا له بيعتهم وثباتهم، ورجّحوا البقاء معه والشهادة بين يديه على العودة عنه، ثم قام زهير بن القين وقال: "والله ـ يا ابن رسول الله ـ لوددت إني قتلت ثم نشرت ألف مرة وإن الله تعالى قد دفع القتل عنك وعن هؤلاء الفتية من إخوانك وولدك وأهل بيتك"وتكلم جماعة من أصحابه بنحو ذلك، وقالوا: "أنفسنا لك الفداء نقيك بأيدينا ووجوهنا"، وقال محمد بن بشير الحضرمي: "أكلتني السباع حياً إن فارقتك".
في هذا الأثناء قام [زهير ين القين] وذهب إلى عمر بن سعد ليعظه وينصحه، لكنه رجع إلى الإمام وقال: "إن عمر بن سعد قد رضي أن يقتلك بملك الري".
يوم العاشر
لما أن أصبح الإمام عليه السلام وصلى الصبح بأصحابه قام بعد الصلاة بتنظيم صفوف جيشه وكانوا 32 راكباً و40 راجلاً، فجعل زهير بن القين على ميسرة الجيش، وجعل حبيب بن مظاهر على ميمنته، وأعطى الراية لأخيه العباس، وجعل الخيام من خلفهم، وحفر من حولها خندقاً وملأه بالحطب والقصب وأشعلها كي تكون حائلاً دون وصول أعداء الله إليها.
خطاب الإمام (ع)في جيش بني أمية
ثم قُرب إلى الإمام عليه السلام فرسه، فاستوى عليه وتقدم نحو القوم في نفر من أصحابه، وبين يديه برير بن حضير الهمداني فتقدم برير فوعظهم وذكّرهم بمقام الإمام عليه السلام، ثم وقف الإمام عليه السلام يخطب في القوم يعظهم ويذكّرهم... وطلب منهم أن يسألوا جابر بن عبد الله الأنصاري، و أبا سعيد الخدري، و سهل بن سعد الساعدي، و زيد بن أرقم، و أنس بن مالك عمّا سمعوا من رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم في حقه وحق أخيه الإمام الحسن المجتبى عليه السلام... ثم نادى عليه السلام: يا شبث بن ربعي، ويا حجار بن أبجُر، ويا قيس بن الأشعث، ويا يزيد بن الحارث ألم تكتبوا إلي أن قد أينعت الثمار، واخضر الجناب، وإنما تقدم على جند لك مجندة؟
لكن القوم كانوا مصرين على قتله... فلم يكن منهم إلاّ أن قالوا له: "ما ندري ما تقول ولكن انزل على حكم بني عمك".
لا أحب أن أبدأهم بقتال
وأقبل القوم يجولون حول بيوت الإمام عليه السلام فيرون الخندق في ظهورهم والنار تضطرم في الحطب والقصب الذي كان ألقي فيه، فنادى شمر بن ذي الجوشن بأعلى صوته: "يا حسين، أتعجّلت النار قبل يوم القيامة؟"فقال الإمام عليه السلام: "من هذا؟ كأنه شمر بن ذي الجوشن"فقالوا له: نعم، فقال له: "يا ابن راعية المعزى، أنت أولى بها صليا".
ورام مسلم بن عوسجة أن يرميه بسهم فمنعه الإمام عليه السلام وقال: "لا ترمه، فإني أكره أن أبدأهم"..
توبة الحر بن يزيد الرياحي
فلما كثرة موعظة الإمام عليه السلام فيهم... أقبل الحر وكان يقول لصاحبه: "إني والله أخير نفسي بين الجنة والنار، فوالله لا أختار على الجنة شيئاً ولو قُطّعت وحُرقت". ثم ضرب فرسه فلحق بالإمام عليه السلام.
بداية الحرب من قبل عمر بن سعد
تقدم عمر بن سعد فقال لحامل الراية: أدنِ رأيتك، فأدناها ثم وضع سهمه في كبد قوسه ثم رمى وقال: "يا أهل العراق، اشهدوا أني أول رامٍ"، ثم ارتمى الناس وتبارزوا، ورشقوا كالسيل، فقال الإمام عليه السلام: "هي رسل القوم إليكم فقوموا ـ رحمكم الله ـ إلى الموت الذي لا بد منه".
شهداء وجرحى الحملة الأولى قبل ظهر عاشوراء
بدأت المعركة عشوائية، فأسفرت عن استشهاد قرابة 50 من أصحاب الحسين.
شهداء وجرحى الحملة الثانية بعد ظهر عاشوراء
بدأت المعركة ـ كما في زيارة الناحية باستشهاد مسلم بن عوسجة حتى استشهاد أخر أصحاب الحسين إبرهيم بن الحصين الأسدي ثم بدأت شهداء بني هاشم بسقوط علي الأكبر عليه السلام و انتهت باستشهاد أصغرهم وهو عبد الله الرضيع عليه السلام.
الإمام الحسين (ع) صريعاً
تقدم الإمام عليه السلام إلى القوم مصلتا سيفه ودعا إلى البراز، فكان يقتل كل من برز إليه، وكان كلما يشد على القوم يهربون من بين يديه عندها صاح ابن سعد: "ويلكم أتدرون من تقاتلون!! هذا ابن الأنزع البطين، هذا ابن قتال العرب، احملوا عليه من كل جانب".
ثم لم يزل يقاتل حتى أنهكه التعب والعطش وكثرة الجراح، وقف ليستريح عندها رماه ملعونٌ بحجر أصابه في جبهته، فلما رفع الثوب ليمسح الدم رماه أخر بسهم أصابه في قلبه، ولما أعياه نزف الدم فجلس على الأرض ينوء برقبته فضربه مالك النسر على رأسه. وبقي عليه السلام مطروحاً على الأرض وهو مغشي عليه.
طفل على صدر الإمام
فجاء عبد الله (الأصغر) ابن الحسن يدفع عن عمّه الحسين عليه السلام لكنه قًتل على صدر، رماه حرملة بن كاهل بسهم فذبحه.
رأس الحسين على رأس الرمح
ثم جاؤه وهو مُلقىً... ضربه زرعة بن شريك على كفه اليسرى وضربه أخر على عاتقه فكبا بها على وجهه، وطعنه سنان بن أنس بالرمح في ترقوته ثم في بواني صدره، وطعنه صالح بن وهب في خاصرته، ورماه الحصين بن نُمير في حلقه، ثم جاء إليه الشمر وضربه برجله وألقاه على قفاه ثم أخذ بكريمته المقدسة فضربه بالسيف 12 ضربة واحتز رأسه الشريف ودفع به إلى خولى بن يزيد... فرُفع على رأس الرمح.
رضوا جسد الإمام (ع)
ثم نادى عمر بن سعد في أصحابه من يوطئ الخيل ظهر الإمام وصدره، فانتدب منهم عشرة فداسوا الإمام عليه السلام بحوافر خيلهم حتى رضوا صدره وظهره.
قطع الرؤوس
بعد قطع رأس الإمام بعث به عمر بن سعد في نفس اليوم إلى عبيد الله بن زياد مع خولي بن يزيد الأصبحي وحميد بن مسلم الأزدي، ثم أمر بقطع بقية الرؤوس، وكانت 72 رأساً وأرسلها إلى الكوفة مع شمر بن ذي الجوشن وقيس بن الأشعث وعمرو بن الحجاج.
شهيد بعد مصر الإمام (ع)
محمد بن أبي سعيد بن عقيل بن أبي طالب، خرج من الخيام إلى المعركة بعد مصرع الإمام عليه السلام فشد عليه لقيط بن اياس الجهني فقتله.
نهب الخيام
بعدها خَلّى ابن سعد جماعته تتسابق على نهب بيوت آل الرسول و قرة عين البتول حتى جعلوا ينتزعون ملحفة المرأة على ظهرها وخرج بنات آل الرسول و حريمه يتساعدن على البكاء و يندبن لفراق الحماة و الأحباء.
السبايا
في اليوم التالي، أمر ابن سعد جلاوزته أن يركبوا النساء والأطفال على أحلاس أقتاب الجمال بغير وطاء مكشفات الوجوه بين الأعداء و هن ودائع الأنبياء، و ساقوهن كما يساق سبى الترك و الروم في أشد المصائب.
في الكوفة
وصلت قافلة السبايا الكوفة فما أن وصلوا جعل أهل الكوفة ينوحون و يبكون فقال الإمام السجاد عليه السلام: "تنوحون و تبكون من أجلنا فمن ذا الذي قتلنا".
ثم دخلوا بهم مجلس عبيد الله بن زياد ، وفيه خطبت السيدة زينب و فاطمة الصغرى و أم كلثوم بنت علي و الإمام السجاد (عليهم السلام).
ثم أمر ابن زياد برأس الحسين عليه السلام فطيف به في سكك الكوفة.
ثم بعد ثلاثة أيام بعث بهم ابن زياد إلى الشام.