وعيد الغدير هو عيد يحتفل به الشيعة يوم الثامن عشر من ذي الحجة من كل عام احتفالاً باليوم الذي خطب فيه النبي محمد ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ خطبة عين فيها علي بن ابي طالب ـ عليه السلام ـ مولى للمسلمين من بعده، فالنبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قد اعلن علياً خليفة من بعده اثناء عودة المسلمين من حجة الوداع الى المدينة المنورة في مكان يسمى بـ (غدير خم) في السنة العاشرة للهجرة وقد عبر الرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ عن ذلك اليوم بقوله: "يوم غدير خم افضل اعياد امتي وهو اليوم الذي امرني الله تعالى ذكره فيه بنصب اخي علي ابن ابي طالب علماً لامتي يهتدون به من بعدي وهو اليوم الذي اكمل الله فيه الدين واتم على امتي فيه النعمة ورضي لهم الاسلام ديناً".
هذه الوقائع التاريخية نجدها في كتاب الغدير لمؤلفه العلامة الأميني اذ يعد كتابه من أهم المصادر العلمية التي يرجع إليها الباحثون في اثبات واقعة الغدير وهو الموسوعة الكبرى الكاملة من العلوم الاسلامية والتأريخية والكلامية وعلم الدراية وعلم التفسير.
وبمناسبة عيد الغدير الاغر، أجرت وكالة الأنباء القرآنية الدولية حواراً مع الأكاديمي العراقي وأستاذ الدرساسات القرآنية في "جامعة ذي قار" العراقية "الدكتور ستار قاسم عبد الله" حيث أكد أن الدفاع عن التشيع والرد على الشبهات كانا ضمن الأسباب التي دفعت العلامة الأميني الى تأليف موسوعة "الغدير".
وقال الدكتور ستار قاسم عبد الله ان من يريد أن يغترف من الغدير العذب الصافي فانه يجد ما يروي ظمأه الفكري والعلمي والعقائدي في مصنف الشيخ الاميني، مضيفاً ان الباحث في التراث الشيعي العظيم الذي كتبه افذاذ الرجال يجد ان بعض المصنفات انمازت عن غيرها من حيث المحتوى الفكري ومن هذه المصنفات التي حظيت بعناية الدارسين والباحثين هي موسوعة الغدير للعلامة الاميني (رحمه الله تعالى).
وصرح عبد الله، أن هذا المصنف الكبير قد حظي بتقريضات العلماء الكبار كآية الله العظمى السيد عبد الهادي الشيرازي وآية الله العظمى السيد محسن الحكيم والاديب الاستاذ بولس سلامه، مبيناً أن سبب تأليف هذه الموسوعة هو غيرة العلامة الاميني على المذهب وحرصه الشديد على الدفاع عن التشيع ورد الشبهات التي يثيرها المغرضون حيث تناول العلامة الأميني في الجزء الأول بواعث الكتابة والتاريخ الحقيقي وأهمية واقعة الغدير أما الجزء الثاني فقد تعرض فيه للشعر ومنزلته في الإسلام وفيه اشار الى موقف النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ من الشعر وتأيده للشعر الداعم للعقيدة الصحيحة وفي هذا الجزء كذلك ذكر الأميني شعراء الغدير وقد ضمنه تراجم لبعض الصحابة ونخبة من الشعراء المبرزين امثال الكميت والحميري والعبدي وابو تمام مع بيان بعض قصائدهم.
أما الجزء الثالث فقد تناول فيه شعراء الغدير في القرنين الثالث والرابع الهجريين فضلاً عن نقده لكتابين مهمين هما "حياة محمد" صلى الله على محمد وآله وسلم، و"كتاب العقد الفريد".
واذا ماجئنا الى الجزء الرابع فنجد ان العلامة الأميني ضمنه تراث اكثر من شاعر واديب ومنهم الناشئ الصغير والصاحب بن عباد والشريف الرضي وغيره.
وتخصص الجزء الخامس بايراد ترجمات لشخصيات عاشت في القرنين السادس والسابع الهجريين مع مناقشة لأحداث كثيرة ووقفات ومحاكمة للدسّ التأريخي الذي قام به الوضاعون بكذبهم على رسول الله.
وأضاف أنه حوى الجزء السادس شعراء القرن الثامن الهجري مع مناقشة لآراء الخليفة الثاني عمر بن الخطاب وبيان بعض اجتهاداته مقابل النص.
والجزء السابع كان يبحث في شعراء الغدير في القرن التاسع ومناقشةٍ لآراء الخليفة الأول ابي بكر وبيان لفضائل من غالوا فيه مع بيان حياة ابي طالب ـ عليه السلام ـ ومواقفه في دعم الاسلام والرسالة.
والجزء الثامن فيه ترجمة لحياة الصحابي الجليل ابي ذر الغفاري مع نقد ووقفات لبعض المؤرخين ومنهم الطبري وابن كثير.
اما الجزء التاسع فقد تناول فيه الفضائل المنسوبة للخليفة الثالث عثمان بن عفان مع استعراض لحياة وفضائل كبار الصحابة امثال عمار بن ياسر مع بيان شامل لواقعة محاصرة عثمان ووقائع الثورة ضده التي انتهت بقتله.
ويعد الجزء العاشر اتماماً لما ورد في الجزء التاسع ذلك انه استعرض فيه مناقب الخلفاء الثلاثة مع بيان لمجموعة فضائل مجعولة لمعاوية بن ابي سفيان.
والجزء الحادي عشر كان مضمونه استعراض مواقف معاوية من الشيعة مبيناً فيه كيف كان ينتقم منهم ويطاردهم في البلاد حتى أصبح التشيع جريمة يقتل عليها الانسان.
سبب تأليف موسوعة الغدير
وفي معرض حديثه عن أسباب تأليف الموسوعة من قبل العلامة الأميني، قال إن حرصه على المذهب ودفاعه عنه بقلمه المخلص بعد أن رأى صدور بعض كتب الضلال التي تشكك بمذهب أهل البيت ـ عليهم السلام ـ مما حدا بالعلامة الأميني ان ينبري للدفاع عن المذهب وقد وظف كل إمكانياته في سبيل هذا الأمر ورد الشبهات والأباطيل عنه وان عظمة موسوعة الغدير تأتي من عدة جوانب من هذه الجوانب اخلاص الأميني ومصداق هذا الإخلاص انه عندما انتشر هذا الكتاب وذاع صيته صدرت تقاريظ تشيد بالمؤلف الأميني فما كان الأميني يرضى بهذا التقريظ وكان يطلب ممن يكتبون ذلك ان يوجهوا تقاريظهم الى صاحب الغدير (علي بن ابي طالب).
ومن القضايا التي تدل على عظمة موسوعة الغدير هي الجد والمثابرة من قبل الشيخ الأميني حيث تروي المدونات التاريخية ان الشيخ الأميني افنى نصف عمره في البحث والتأليف وبواقع 18 ساعة في اليوم ويروى أنه طالع عشرة آلاف كتاب وراجع ما يقترب مئة ألف مخطوطة وكان يضطر احياناً للسفر الى البلدان بحثاً عن المدونات التي تدخل في صميم بحثه كما لا ننسى ان نذكر هنا ان عناية أهل البيت ـ عليهم السلام ـ كانت حاضرة مع السيد الأميني تسدده وتسهل له بعض الأمور صعبة المنال.
من بركات هذه الموسوعة هو دفع الشبهات ورد ادعاءات المدعين فقد كان الأميني شديد الدفاع عن مذهب أهل البيت وعن أحقية علي بن ابي طالب قبل غيره من الصحابة، ومن مزايا هذه الموسوعة وبركاتها البعد العلمي فقد كان الأميني موضوعياً في طروحاته ليس منحازاً ولذا نجده عندما يطرح القضايا يطرحها بتجرد وموضوعية دونما تعصب لأحد.
ولا ننسى أن نشير الى البعد الأدبي في موسوعة الغدير فالقاريء يجد أن وراء هذا الانشاء قلم سيال وموهبة أدبية كبيرة استطاعت أن تسطر هذا السفر الخالد وما كان ذلك ليكون لولا العناية الالهية التي أمدته بالصبر على البحث فضلاً عن وجود نفحات أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ التي أخلصت الأميني في اثبات غديره بالأدلة التأريخية والأدبية فضلاً عن بقية الشواهد التي تؤكد رأيه، وبفضل هذا الاخلاص والتفاني من العلامة الأميني في اثبات يوم الغدير فقد نال العلامة الأميني مكانة مرموقة بين أهل العلم ودارسيه فقد ذاع صيته في الآفاق فضلاً عن صيته الحسن عند أهل الفضل فقد رؤي في المنامات من قبل أهل الفضل والعلم وهو محاط برعاية خاصة من قبل أمير المؤمنين عليه السلام.