شهد العصر المغولي والتيموري استمراراً لفن الحفر على الخشب في ايران بيد انه لم يصل الينا من آثار هذين العصرين شيء ذوبال، ومما وصل الينا ابواب في مسجد بايزيد في مدينة بسطام ومنبر في المسجد الجامع بمدينة نايين تقوم زخرفته على حشوات مربعة ومستطيلة في اوضاع هندسية متناسقة وفيها رسوم نباتية كثيرة التحوير عن واقعها الطبيعي والكتابة الموجودة على هذا المنبر القديم تشهد انه قد صنع في سنة ۷۱۱ للهجرة وفي المسجد الجامع بأصفهان منبر خشبي آخر تماثل زخارفه زخارف منبر مسجد نايين وعلى هيئة نجمانية ثمانية الرؤوس تشتمل على رسم محراب كبير، وفي وسطه محراب آخر وفي حين تزاد سائر ارضيتها بالوريقات والازهار والفروع النباتية والكتابات، لقد كانت العناصر الهندسية عنصراً مهماً في زخرفة الخشب في ايران خلال القرن الثامن الهجري وكذلك الرسوم النباتية من وريقات وازهار وغيرها، ومن ابدع نماذجها سقف بمدخل الايوان الرئيس في المسجد الجامع في شيراز وفي متحف الوترا بوليكان كرسي مصحف مشهور لعله ابدع الكراسي المعروفة من العصر المغولي وعلى هذا الكرسي كتابة فيها اسماء الائمة الاثني عشر (عليهم السلام) وفيها اسم الفنان الذي صنعه وهو حسن بن سليمان الاصفهاني فيها تاريخ صناعة الكرسي سنة ۷٦۱ للهجرة ويتجلى في هذا الكرسي ابداع الزخرفة في عدة مستويات واتقان الرسوم والوريقات والازهار وانسياب هذه الرسوم في سهولة وجمال ففي الجزء العلوي من الكرسي نرى هذه المستويات المختلفة في الحشوة المربعة ونرى كلمة الله مكررة اربع مرات فوق ارضية من زخارف ملتوبة تنطلق في حركة دائرية وتحتها زخارف كتابية تختلط بها، اما القسم السفلي من الكرسي فزخارفه متداخلة وقوامها شبه محراب له عقد ذو فصوص وعليه مروحة خيلية وتحت العقد شجرة سرو تخرج من اناء وزخارف هذا الكرسي محفورة او مخرمة او ملصوقة وكلها امثلة دقيقة من زخارف العصر المغولي وثمة تحف توفق فيها الفنان توفيقاً عظيماً في الزخرفة ذات المستويين والجمع بين الرسوم النباتية والاشكال الهندسية التي تحبس هذه الرسوم ومن هذه التحف ابواب مسجد احمد ياسوين في تركستان وهي تنتمي الى ما بين عامي ۸۰۰ و ۸۰۲ للهجرة.
وقد زاد ازدهار صناعة الحفر على الخشب بأبان القرن التاسع الهجري كما يظهر من باب ذي زخارف محفورة وملونة وهو من خشب الجوز وموجود في جامع شاه رنده بمدينة سمرقند، كما يظهر ذلك في بابين من قبر تيمور محفوظين في متحف الارميتاج، وكان اقليم مازندران معروفاً بغاباته الواسعة واخشابه الثمنية وقد عثر فيه على تحف خشبية نفيسة معظمها ابواب وصناديق للمقابر، وعلى بعضها تاريخ صناعتها واسماء صانعيها وللكتابة في زخرفتها المكان الاول، لكن هذه التحف الخشبية لن تدرس حتى الان دراسة كافية ولن تنشر صورها ومما يمكن نسبته الى هذا الاقليم صندوق موجود الان في مدرسة الفنون في مدينة بيرفيدانس في مقاطعة رودايلن بأمريكا، وقوام الزخرفة في هذا الصندوق شبه حشوات ذوات رسوم نباتية ومرتبة في اوضاع هندسية مختلفة من دوائر متشابكة واشكال متعددة الاضلاع اعلاه شريط من الكتابة بخط النسخ على ارضية من الفروع النباتية ونصها «بسم الله الرحمن الرحيم» امر بزينة هذه التربة الشريفة والمرقد المنور والمشهد المقدس ملك اعظم افتخار ملوك العجم ملك جلال الدين كستهم ابن المرحوم ملك اشرف استندار تحريراً في تاريخ رمضان المعظم سنة ۸۷۷ عمل استاذان احمد النجار وحسن بن حسن، ويبدو ان كستهم هذا هو امير من اسرة كانت تحكم مازندران وانه امر بعمل هذا الصندوق لقبر احد الائمة العلويين.
ومن امثلة التحف الخشبية المصنوعة في غربي تركستان او شرقي ايران في نهاية القرن التاسع وبدايه القرن العاشر الهجري مصراع باب من مدينة خوقند في فرفانة وهو محفوظ في متحف المتروبوليتان والحشوة الداخلية في هذا المحراب مزخرفة برسوم محفورة حفراً عميقاً وتمثل فروعاً نباتية ومراوح نخيلية متشابكة وقد كانت ارضية هذه الرسوم مرسومة باللون الارزق في حين كانت الرسوم نفسها مطلية بالاحمر والاخضر والبني اما اطار هذه الحشوة فمن رسوم نباتية اخرى لكنها اقل عمقاً وتكاد الزخرفة في هذا الباب يبدو فيها الورود والجفاف اللذان يؤذنان بانحطاط صناعة الحفر على الخشب.
اما فن الحفر على الخشب في العصر الصفوي في ايران فهناك آثار باقية تدلل على وضع هذا الفن فما تزال المساجد في ايران وتركستان تضمن عدداً من الابواب من هذا العصر كما ان بعض التحف الخشبية قد الت الى بعض المتاحف ولا سيما متحف طهران والملاحظ بوجه عام ان زخارف هذه التحف قوامها فروع نباتية ورسوم ازهار وقد تدخل فيها رسوم حيوانات وطيور. ومن ابدع الامثلة المعروفة من التحف الخشبية الصفوية باب محفوظ في متحف طهران قوام الزخرفة فيه ست حشوات اثنتان صغيرتان في اعلاه واثنتان كبيرة في اسفله واثنتان كبيرتان في الوسط، في هاتين الحشوتين الاخيرتين رسوم نباتية مرتبة ترتيباً هندسياً بديعاً يجعلها شديدة الشبه بالرسوم النباتية بالزخاف الغربية اما الحشوتان العلويتان ففيهما كتابة بخط الثلث نصها «الله مفتح الابواب واليه المرجع والمآب» وفي الحشوتين السفليتين كتابه بخط النسخ تسجل ان هذا الباب من عمل النجار الفنان علي بن صوفي الباساني سنة ۹۱٥ للهجرة.
وكان في الجناح الاسلامي من متحف برلين قبل الحرب العالمية الثانية باب قوام زخرفته ست حشوات، اثنتان كبيرتان في وسط الباب وتتألف زخرفتها من حشوات صغيرة ذوات رسوم هندسية مرتبة على هيئة اطباق نجمية يحيط بها اطار من فروع نباتية ومراوح نخيلية متصلة وفي الحشوات الصغيرة في اعلى الباب واسفله كتابة بخط نستعليق تسجل ان صانع هذا الباب حبيب الله وان صناعته كانت سنة ۹۹۹ للهجرة، وللباب اطار ضيق على نحو ما عرفته جلود الكتاب واطار السجاد والصفحات المذهبة. وقد ظهر في العصر الصفوي اسلوب جديد في زخرفة التحف الخشبية برسوم في جامة وسط واربع جامات في الاركان بحيث يبدو سطح التحفة كأنه جلد كتاب او سجادة ذات جامة ويبدو ذلك جلياً في صندوق محفوظ في مجموعة مزار اغا وفي صندوق آخر في مجموعة كيفوركيان، ثم ازدهر في القرنين الحادي عشر والثاني عشر بعد الهجرة اسلوب جديد في التحف الخشبية اذ انحدرت صناعة حفر الزخارف في الخشب واصبحت الابواب والخزانات وغيرها تزخرف باللاكية وتدهن بالرسوم الملونة ومن امثلة هذه الصناعة باب من مصراعين محفوظ في متحف المتروبولتيان وآخر في متحف فيكتوريا وهما يرجعان الى النصف الاول من القرن الحادي عشر ويقال انهما كانا في قصر جهل ستون في مدينة اصفهان.
*******