ايها الاحبة عندما تخلصت الدولة الاموية من حجر بن عدي ورفاقه في سنة ٥۱ للهجرة تحت شعار حفظ الامن الداخلي كان الجهاز السري لنظام حكم بني امية يدبر الخطط لاغتيال بعض الشخصيات الذين لا يمكن قتلهم على طريقة حجر وغيره من اجل افساح المجال امام النظام الارثي الذي عزم عليه معاوية في الشام وقد تبدت رغبة معاوية في تنصيب ابنه يزيد خليفة على الملسمين عندما قدم له المغيرة بن شعبة مفتاح هذا الامر واقترحه عليه خشية ان يستغني عنه معاوية ويعزله عن ولاية الكوفة، وهكذا فتح المغيرة على امة محمد (صلى الله عليه وآله) باباً لم يأت بخير حتى ان المغيرة نفسه قال لاتباعة عقب خروجه من عند معاوية والله لقد وضعت رجله في ركاب طويل القي عليه امة محمد، وروي ان معاوية بعد لقاءه بالمغيرة بن شعبة خطب اهل الشام فقال يا اهل الشام كبرت سني وقرب اجلي وقد اردت ان اعقد لرجل يكون نظاماً لكم وانما رجل انا منكم، اراد حاكم الشام بهذا ان يدخل اليهم بلافتة الشورى ويترك الامر اليهم في اختيارهم ثم يتصرف مع هذا الاختيار حسبما يحب، وروي ان اهل الشام اجتمعوا واتفقوا على عبد الرحمن بن خالد بن الوليد فشق هذا على معاوية واسرها في نفسه وروي كذلك ان عبد الرحمن بن خالد كان مريضاً فدخل عليه ابن اثال النصراني وسقاه سماً وذكر الطبري وغيره ان معاوية امر ابن اثال ان يحتال في قتله وضمن له ان هو فعل ذلك ان يضع عنه خراجه مدة حياته وان يوليه جباية خراج حمص فلما قدم عبد الرحمن بن خالد من حمص دس اليه ابن اثال شربة مسمومة فشربها فمات وولاه معاوية خراج حمص ووضع عنه خراجه وكان ذلك عام ٤٦ للهجرة اي بعد صلحة مع الحسن (عليه السلام) بخمس سنين تقريباً.
كان معاوية قد تصالح مع الامام الحسن بن علي (عليه السلام) بشروط بيد انه فرق صحيفة الشروط بعد ان استبان له ان الموقف العسكري في مصلحته وكان من ضمن هذه الشروط ان يكون الامر من بعده للحسن (عليه السلام)، وكان الامام السبط يريد من وراء هذا ان تتذوق الامة نظام معاوية الذي لن يكون على اية حال حاملاً روح الاسلام ومعاينة الرفيعة العادلة فيكون في هذا دعوة لرفضه جماهيرياً او دعوة للالتفاف حول الامام الحسن من بعده بيد ان حاكم الشام هذا بادر الى قتل الامام الحسن (عليه السلام)، روي ان جعدة بنت الاشعث بن قيس امرأة الحسن سقته السم وقد كان معاوية دس اليها انك ان احتلت في قتل الحسن وجهت اليك بمئة الف درهم وزوجتك من يزيد فكان هذا دافعاً لها على سم الامام فلما استشهد الامام الحسن بالسم وافى لها معاوية بالمال ولم يف لها بالزواج من يزيد، وكان الجهاز السري يعمل بكل قواه من اجل التمهيد لعهود تتربع فيها الاغيلمة السفهاء الذين حذر عنهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحتى سعد بن ابي وقاص لم ينجو من ضربات هذا الجهاز فروى ابو الفرج الاصفهاني ان معاوية لما اراد ان يعهد لولده يزيد دس لسعد السم فمات وبعد ان فرغت الساحة من الذين يخشى معاوية تصفيتهم على مسمع ومرئى من قريش ولم يبق الانفر يمكن ان يقوم العسكر بالقضاء عليهم بدأ معاوية يبايع لولده يزيد وروى الطبري وابن الاثير ان سعيد بن عثمان عندما سمع لمبايعة معاوية لابنه قال لمعاوية لقد اصطنعك ابي حتى بلغت بأصطناعه المدى الذي لايجارى اليه ولا يسامى فما شكرت بلاءه ولا جازيته، وقدمت علي هذا يعني يزيد وبايعت له ووالله انا خير منه اباً واماً وقد حاوره معاوية وارضاه بأن ولاه حرب خراسان.
وذكر مؤلف كتاب تاريخ الخلفاء ان عمر بن حزم وفد الى معاوية وقال له اذكرك الله في امة محمد بمن تستخلف عليها فقال نصحت وقلت برأيك وانه لم يبق الا ابني وابناءهم وابني احق، وروى ابن كثير ان معاوية وهو يعد المسرح ليزيد امر بأحضار رؤوس القبائل وعند حضروا قام رجل من الازد واشار الى معاوية وقال انت امير المؤمنين فأذا مت فأمير المؤمنين يزيد فمن ابى هذا فهذا واخد بقائم سيفه فسله، فقال له معاوية اقعد فأنت من اخطب الناس.
وفي سنة ٥٦ هجرية دعا معاوية الناس الى بيعة ابنه يزيد من بعده وجعله ولي العهد، قال بن القتيرة وهو ممن يدافع عن يزيد قال وهو يصف يزيد كان فيه خصال محمودة وكان فيه ايضاً اقبال على الشهوات وترك بعض الصلوات في بعض الاوقات واماتتها في غالب الاوقات.
في حين كان الاعلام الاموي يشيد بأبناء بني امية ويردد قول معاوية انه «لم يبق الا ابني وابناءهم وابني احق» كان النبي (صلى الله عليه وآله) قد اقام الحجة على هذا القول وامثاله واودع هذه الحجة في ذاكرة الجيل المسلم الاول مما يطرد عن الساحة الادعاء الاموي في هذا الخصوص ومن هذه النصوص قوله تعالى: «فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ».
وقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للحسن والحسين: «هذان ابناي اللهم اني احبهما».
وقوله: «ان الله جعل ذرية كل بني في صلبه وان الله جعل ذريتي في صلب علي بن ابي طالب».
وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «ان لكل بني اب عصبة ينتمون اليها الا ولد فاطمة فأنا وليهم وانا عصبتهم» وقوله ايضاً: «نحن خير من ابناءنا وبنونا خير من ابناءهم وابناء بنينا خير من ابناء ابناءهم» الى آخر الاحاديث التي ذكرت علاقتهم بالنبي (صلى الله عليه وآله).
ان هذا كله لا يطرح ادعاءات معاوية وغيره ويطيح بها وهذا كله ايضاً كان في ذاكرة الجيل الاول من المسلمين وقد حصن النبي ذريته وحذر من اقتحامهم يسوء لان حربهم حربه ومن اذى اهله فقد اذاه ومن ابغض الحسن والحسين فقد ابغض رسول الله، وشاء الله جل جلاله ان تبدأ حركة الحسين السبط (عليه السلام) وهو حجة على عصره في هذا الوقت علماً ان في ذاكرة الجيل الاول الاحاديث التي تضع ابناء امية وابناء الحكم في دائرة التحذير منهم فهم الذين رآهم النبي (صلى الله عليه وآله) على منبره ينزون نزو القردة وهم الذين سيتخذون مال الله دولاً ودين الله دخلاً وعباده خوله، وفي نفس الوقت تحتوي الذاكرة على ابناء دائرة الطهر ابناء الكساء والمباهلة وقد علم الجميع انهم اهل البيت ولا احد غيرهم، فالنبي (صلى الله عليه وآله) كان يمر ببيت فاطمة مدة سبعة اشهر ويقول في وقت الصلاة والناس في المسجد، الصلاة يا اهل البيت، ان الحسين بن علي (عليه السلام) قد تحرك في الوقت المناسب لكي يقود الناس الى الطريق المستقيم وهو سلام الله عليه يقف عند مرحلة من مراحل الاخبار بالغيب والامام الحسين (عليه السلام) ادخره الله تعالى لوقت سارت به الامة في اعماق الفتن والابتلاء وكان (عليه السلام) يعلم انه مقتول في نهاية الطريق والذين من حوله يعرفون هذا جيداً انه جاء ليخرج اهل عصره من كهف مظلم واهل عصره احرار في الاختيار فمن اجابه ونصره يكون قد عبر قنطرة الدنيا بأمان وركب معهم من جاء من بعدهم وشايع موكبهم ومن قتله وسفك دمه فله عند الله العقوبة والنكال وركب معه من ايده ونصره من بعد في طول الزمان حتي يصل الناس فسطاطين ايمان لانفاق فيه ونفاق لا ايمان له حتى يأتي الله بأمره فيقود المهدي الموعود ارواحنا لتراب مقدمه الفداء فسطاط الايمان ويسوق الدجال فسطاط النقاق. جاء في الحديث الذي رواه احمد وغيره «ما صنعت فتنة مذ كانت الدنيا صغيرة ولا كبيرة الا لفتنة الدجال».
*******