ويصادف اليوم الذكرى السنوية للجريمة الكبرى التي ارتكبتها أمريكا عند استهدافها طائرة ركاب مدنية فوق مياه الخليج الفارسي والذي أدى إلى مقتل جميع ركاب الطائرة بمن فيهم 66 طفلا و53 امرأة.
وكانت الطائرة قد أقلعت في الثالث من تموز/يوليو 1988 من مطار بندر عباس متجهة إلى دبي لكن استهدافها من قبل صاروخ أمريكي خلق مأساة كبيرة وجريمة بشعة مازالت ماثلة في أذهان الإيرانيين.
ولم يكن يدرك مسافرون رحلة 655 إن زيارتهم هذه تكون رحلتهم الأخيرة حيث كانت المسافة المقررة 28 دقيقة فقط ليصلوا إلى مطار دبي، إلا أن السفينة الأمريكية «يو إس إس وينسنس» غيرت مصير الركاب حيث لقي جميع ركاب الطائرة مصرعهم في الحادث الإجرامي الذي ارتكبته أمريكا.
وكان هذا الحادث الإجرامي الذي ارتكبته الولايات المتحدة عبر إطلاقها صاروخاً من سفينة عسكرية بحرية قد تحول إلى كبرى كارثة شهدها القرن العشرون رافقتها حرب مفروضة من حزب البعث العراقي ضد إيران الذي كان يسعى إلى مد الصراع إلى مياه الخليج الفارسي وتهديد أمن الطريق الترانزيتي للطاقة، ما وفر الأرضية وأعطى المبرر لواشنطن كي تتواجد بأسطولها العسكري البحري في مياه الخليج الفارسي وتستهدف حقول النفط الإيرانية والسفن الإيرانية وترتكب أبشع الجرائم وأكثرها دموية وحقداً تمثلت في تصويب صاروخ من سفينة حربية أمريكية تدعى «يو إس إس وينسنس» باتجاه طائرة نقل ركاب كانت قد أقلعت في الثالث من تموز/يوليو 1988 من مطار طهران متجهة إلى دبي بعد توقف قصير في ميناء عباس جنوب البلاد.
وكان قائد السفينة الأمريكية ويل روجرز منذ بداية مهمته في مياه الخليج الفارسي يستفز البوارج الحربية الإيرانية زاعماً بأنها تحاول إغراق سفينته ومدعياً بأنه استهدف طائرة الركاب الإيرانية حفاظاً على سفينته وعلي حياة طاقمها مصرحاً بأنه كان يظنها طائرة حربية في حين أن تعليقات ما يزيد عن 100 خبير والأشرطة الصوتية المستخرجة من السفينة نفَت جميعها هذه المزاعم.
وكانت إذاعة بي بي سي آنذاك أعلنت بأن السفينة الحربية الأمريكية وينسنس كانت مزودة بأجهزة إلكترونية تساعدها على التمييز بين طائرة عسكرية ومدنية.
ونشرت الحكومة الأمريكية آنذاك بعد أسابيع من الحادث تقريراً يتكون من 53 صفحة اعترفت فيه بعدم صحة مزاعم المسؤولين الأمريكيين السابقة لكنها أكدت في نفس الوقت على صحة أداء القبطان وضباط السفينة «وينسنس» ما جعل جورج بوش يرى هذا الاستهداف للمدنيين دفاعاً عن النفس رافضاً أي اعتذار ومؤكداً على عدم تحمل بلده مسؤولية ما جرى.
وبعد أربع سنوات من يوم الحادث الذي استهدفت فيه الولايات المتحدة طائرة ركاب إيرانية اعترف رئيس أركان الجيش الأمريكي بأن الطائرة الإيرانية لحظة استهدافها كانت محلقة في الأجواء الإيرانية.
وبعد يومين من الحادث تقدمت إيران بطلب لرئيس مجلس الأمن لتشكيل اجتماع طارئ بغية متابعة الملف ما أدى إلى إصدار قرار رقم 598 بعد أسبوعين من الطلب الإيراني تم فيه التأكيد على ضرورة تبيين الحقيقة دون انحياز أعرب الأعضاء فيه عن أسفهم حيال ما جرى.
ولم تقم منظمة إيكاو رغم تشكيلها لجنة تقصي الحقائق بإدانة الولايات المتحدة إثر الجريمة التي ارتكبتها بحق المدنيين.
وكان الأداء الإعلامي الدولي وردة فعله إزاء الحادث غير عادل ومماثل لما فعله الإعلام الغربي عند قيام نظام البعث الصدامي بقصف إيران بالأسلحة الكيماوية والذي وصف هذا الإعلام الغربي ضحاياه بأنهم ضحايا هجوم كيماوي مزعوم! .
ولا تخلوا المعاهدات الدولية من بنود وقوانين واضحة ذات صلة بجرائم الحرب ومنها معاهدة شيكاغو التي تنص على عدم السماح لدولة باستهداف طائرة مدنية بسلاح حربي.
وسيبقى استشهاد 300 راكب مدني كانت تقلُهم الطائرة تحطمت بصاروخ أمريكي، وصمة عار على جبين واشنطن وسيبقي العالم يتحدث عنه ويصفه بأنه جريمة كبرى ضد الإنسانية ارتكبتها الولايات المتحدة.
وانتهت عملية متابعة الحادث إلى إغلاق الملف وإرغام الولايات المتحدة المعتدية على دفع غرامة مالية وذلك بسبب ضعف المجتمع الدولي في التعامل مع ملفات كهذه.
من الواضح أن السلطات الأميركية في عهد الرئيس رونالد ريغان ونائبه جورج بوش الأب سعت لإخضاع الجمهورية الإسلامية عبر ارتكاب هذه الجريمة الجبانة ، ومنحت السلطات الأمريكية آنذاك وسام الشجاعة لقائد البارجة فينسنس تقديرًا لدوره المباشر في استهداف الطائرة بدلا من تقديمهم اعتذارا إزاء الجريمة.
وسيبقي استشهاد ركاب هذه الطائرة، وصمة عار على جبين واشنطن وسيبقي العالم يتحدث عنه كجريمة كبرى ضد الإنسانية ارتكبها من يتشدق بحقوق الإنسان.