السلام عليكم ايها الاحبة ورحمة الله وبركاته. كانت القبائل الرحل في بلاد القوقاز تقبل على نسج السجاد منذ قرون طويلة ولكن معظم سجاجيد القوقاز في المجموعات الفنية واسواق التحف ترجع الى القرن الماضي، اما القديم من تلك السجاجيد فنادر، وهو ينتمي الى القرنين العاشر والحادي عشر بعد الهجرة، ولعل اهم السجاجيد القديمة من منطقة القوقاز ما ينسب احياناً الى ارمينيا واحياناً الى اقليم كوبا في جنوب شرق القوقاز ويعرف ايضاً بأسم سجاجيد التنين نسبة الى الرسوم الرئيسية في زخارفه وقوام هذه الزخرفة رسوم معينات من اوراق الشجر الكبيرة المحورة عن الطبيعة، تضم رسوماً نباتية ومراوح نخيلية ورسوم حيوانات خرافية محورة ايضاً في اسلوب تحطيطي ذي زوايا، والمقصود بهذه الرسوم ان تمثل التنين وحده او تصور العراك بين التنين والعنقاء، والملاحظ في الزخارف النباتية في تلك السجاجيد ان تشبه الى حد كبير زخارف السجاجيد الايرانية ولاسيما سجاجيد الزهريات، اما الوانها فبراقة وغير متلائمة وطبيعي ان هذا شأنه ان يزيد من مظرهها الزخرفي، والملاحظ ايضاً ان رسوم الحيوانات واضحة في السجاجيد التي صنعت من هذه النوع في القرن العاشر الهجري، كما هو الحال في صورة السجادة المشهورة التي كانت محفوظة في الجناح الاسلامي من متاحف برلين قبل الحرب العالمية الثانية وهي ذات ارضية زرقاء والاوراق في زخارفها صفراء وحمراء، اما رسوم الحيوانات لاسيما التنين والعنقاء فمرتبة في تقابل وتماثل والاطار ابيض وفيه زخارف نباتية ولعل هذه السجادة اقدم المعروف من هذا النوع وفي السجاجيد المصنوعة منه في القرن الحادي عشر يغدو رسم التنين اكثر تحريف وهو يتطور في هذا السبيل حتى لا يمكن تبينه في السجاجيد المصنوعة في القرن التالي، وتنقسم سجاجيد القوقاز في القرنين الماضيين الى عدة انواع بحسب المراكز التي صنعت فيها ومن اهم هذه الانواع السجاجيد التي تصنع في الجنوب الغربي من القوفاز وتعرف بأسم سجاجيد كازاك، كما تعرف في سوق التحفيات بأسماء اخرى مثل داغستان وهي تمتاز بألوانها البراقة وبزخارفها الهندسية الكبيرة وبوبرها اللامع ومعظم هذه السجادات سميك ويسودها اللونان الاحمر والازرق، اما الاطار فزبدي اللون في اغلب الاحيان ومعظمها صغير المساحة، اما السجاجيد التي تصنع في الجزء الشرقي من القوقاز ادق صناعة ووبرها اقصر واقل لمعاناً وليست الوانها ساطعة اوحية بقدر الوان سجاجيد كازاك، ومن اهم هذه السجاجيد ما ينسب الى شروان والى كوبا، فأن في كثير منها موضوعات زخرفية نباتية تشبه ما عليه السجاجيد الايرانية ومما يلاحظ في سجاجيد شروان ان وبرها قصير وصوفها قليل اللمعان وان اللونين السائدين فيها هما الاحمر والازرق وقد يوجد فيها اللون البنفسجي ويلاحظ ايضاً ان زخارفها نباتية ورسوم الطيور فيها محورة عن الطبيعة تحويراً كبيراً ويشاهد في سجاجيد كوبا وشروان ان قوام اطارها في بعض الاحيان زخارف شبه كتابية اما في تركستان وآسيا الصغرى فقد اقبلت العشائر الرحل على نسج السجاد بأستعماله في اغراض شتى فكانوا يتخذون منه الفرشة وبعض اجزاء الخيام والاكياس ومعظم ما وصل الينا من منتجات تلك الاقاليم ليس اقدم من القرن الماضي ومعظم زخارفه هندسية بحته ويلاحظ ان السجاجيد التي كانت تصنع في بلاد التركستان الشرقية كانت متأثرة الى حد كبير بالموضوعات الزخرفية الصينية.
من السجاجيد الاسلامية نوع اختلف مؤرخو الفنون بشأنه فكان ينسب في البداية الى دمشق كما نسب الى مراكش وآسيا الصغرى لكن الراجح الان انه من صناعة مصر ويمتاز هذا النوع بأن ارضيته حمراء وبأن فيه عدا ذلك اللون الاخضر الناصع ومواضع قليلة باللون الازرق وله صوف لامع فضلاً عن انه معقود على سداة من الحرير، وقد يحدث ان تصنع هذه السجاجيد كلها من الحرير، اما قوام زخرفتها فمناطق هندسية مختلفة تضم رسوماً هندسية اخرى ورسوم ازهار واشجار محورة عن الطبيعة والواقع ان ساحة السجادة من هذا النوع تتألف من عدة مناطق متعددة الاضلاع، اما الاطار ملا يختلف عن ساحة السجادة باللون والرسوم الا نادراً، والملاحظ ان الزخارف الهندسية في هذه السجاجيد تشبه الرسوم الهندسية التي ترجع الى عصر المماليك بمصر ولا سيما جلود الكتب ورسوم الفسيفساء الرخامية، اما سجاجيد المغرب فتشير كثير من المصادر الادبية والتاريخية الى ان بعض المدن في الاندلس اشتهرت بصناعة السجاد في القرنين الخامس والسادس بعد الهجرة ولكن اقدم ما نعرفه من السجاجيد الاندلسية يرجع الى القرن الثامن الهجري، ومنه النوع المعروف بأسم السيانا جوج وكنموذج معروف من هذا النوع سجادة كانت محفوظة في الجناح الاسلامي من متاحف برلين، وهي ذات ارضية حمراء قاتمة واطارها ابيض وفيه زخرفة من حروف كوفية، اما الزخرفة الرئيسية في ساحة السجادة فرسوم تشبه الشمعدانات وفوقها رسم بناء او ضريح ومن السجاجيد الاندلسية التي تعزى الى القرن التاسع الهجري نوع يمتاز بزخرفة من اشكال هندسية مثمنة تضم رسوم نجوم كثيرة الاطراف وارضيته حمراء غالباً واطاره ازرق داكن والملاحظ ان السجاجيد التي صنعت في اسبانيا منذ القرن العاشر الهجري كانت تضم موضوعات زخرفية اوروبية ورسوم من التي اقبل عليها الفنانون في عصر النهضة ولكن بعضها كان يحتفظ ببعض الزخارف المغربية الطراز كما ان بعضها الاخر تظهر في زخارفه التأثر بالطراز التركي، والواقع ان دراسة السجاجيد الاسبانية في العصر الاسباني ما تزال ناقصة ولن يمكن الوصول فيها الى نتائج حاسمة قبل ان ندرس السجاجيد المحفوظة في الكنائس والاديرة الاسبانية، ويظن بعض الاختصاصيين انه من المحتمل ان اسبانيا كانت تستورد معظم السجاد من الشرق وان ما كان يصنع فيها كان ينسج للكنائس والاديرة او للقصور التي تستعمل فيها، هذا وقد امتازت السجاجيد الاسبانية في القرنين الثامن والتاسع بعد الهجرة بطولها العظيم الذي لا يتناسب وعرضها القليل، مما يحمل على الظن ان الالوان التي كانت تنسج عليها كانت ضيقة ولن تكن في مصانع لنسج السجاد غرف يمكن ان تحتوي على انوال عريضة، اما السجاجيد التي تصنع في مراكش فكان معظم زخارفها رسوماً هندسية وكانت تقلد احياناً رسوم بعض السجاجيد التركية.
اما السجاد في الهند الاسلامية فقد قامت صناعته على اكتاف صناع من الايرانيين اذا قبل الاباطرة المغول منذ عهد الامبراطور اكبر على استقدام اولئك الصناع وتشجيعهم على الاستقرار في الهند لتوطيد صناعتهم فيها، ومن هنا كانت السجاجيد الهندية في القرنين العاشر والحادي عشر بعد الهجرة متأثرة بزخارف السجاجيد الايرانية والوانها وكان الصناع في الهند يعنون بتقليد السجاد الايراني ذي الزخرفة المؤلفة من الرسوم النباتية ورسوم الازهار وفي المتاحف والمجموعات الفنية امثلة من منتجات الهند في هذا المجال، وقد تحسب خطأً بين السجاجيد الايرانية ولكنها تمتاز بلون برتقالي لا تعرفه صناعة ايران وبلون بني مائل الحمرة، وكثيراً ما تعرف تلك السجاجيد الهندية بأسم السجاجيد الهندية الايرانية، ولكن الصناع الهنود استطاعوا ان يستقلوا بعد ذلك عن تلك التأثيرات الايرانية واتجهوا الى رسم الصور الادمية والطيور والحيوانات والازهار في منتجاتهم ولكنهم لم يفقدوا كل الصلة بالاساليب الفنية الايرانية ومثال ذلك ما نراه في احدى السجادات التي وصلت الى العصر الحاضر، فأن في ساحتها مناظر غير متصلة تضم مناظر من قصص هندي ورسوم حيوانات وطيور ولكن رسوم الاطار ما تزال تحتفظ ببعض الموضوعات الزخرفية التي عرفت في السجاد والمنسوجات من العصر الصفوي، ومهما يكن فأن السجاجيد الهندية تتسم بأن رسومها اقرب الى محاكاة الطبيعة وبأن المناظر الطبيعية والعمائر فيها تشبه ما عليه الصور الهندية من اتباع بعض اصول الرسم وقواعده في الحال الحاضر، ويلاحظ في السجاجيد الهندية المصنوعة من الصوف في عصر جهان شاه ان ويرها من الدقة بحيث تبدو وكأنها حرير، اما السجاجيد الحريرية فكانت ايضاً معروفة في الهند، وكان نزجها دقيق وعقدها متلاصقة بحيث تبدو كأنها مصنوعة من المخمل، وحسبنا ان احدى هذه السجاجيد الهندية الحريرية يقال ان بها ۲٥٥۲ عقدة في البوصة المربعة الواحدة. ودمتم بألف خير والسلام عليكم.
*******