وبنتيجة الدورة الأولى التي جرت الأحد الماضي، حصل تحالف الرئيس "معاً" الذي يتضمن ليبراليي الوسط، و"الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد" اليساريّ، على نتائج متقاربة تمثّلت في 25,75 في المئة من الأصوات للأول مقابل 25,66 في المئة للثاني.
وتجري اليوم السبت الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية في "أقاليم ما وراء البحار" الفرنسية، وستستكمل غداً الأحد داخل فرنسا وعلى أساسها سيُنتخب النواب البالغ عددهم 577 في الجمعية الوطنية.
ماكرون يبحث عن أغلبية مطلقة
بعد إعادة انتخابه في 24 نيسان/أبريل ضدّ مرشحة اليمين المتطرّف مارين لوبن، يتعيّن على إيمانويل ماكرون التعامل مع توازن قوى أقل ملاءمة ممّا كان عليه خلال الانتخابات التشريعية السابقة في العام 2017، عندما نجح في الحصول على الأغلبية المطلقة مع ما يقرب من 350 مقعداً.
بعد خمسة أعوام، يبدو الوضع أكثر صعوبة بالنسبة إليه، ولا شيء يوحي بأنّ ائتلافه سيحصل على 289 مقعداً على الأقل، العتبة المطلوبة ليتمكّن من تطبيق سياسته والإصلاحات التي أعلن عنها.
ويكمن السبب في هذا الانطباع في الاختراق المفاجئ الذي حققه اليسار الذي خاض الانتخابات موحداً في ائتلاف واحد في الدورة الأولى، والتقدّم الذي حقّقه اليمين المتطرّف الذي قد يتمكن من تشكيل كتلة في الجمعية الوطنية.
وفي حال حصوله على الأغلبية النسبية، سيكون على الرئيس الفرنسي البحث عن دعم مجموعات سياسية أخرى لتوافق على مشاريع القوانين.
وضمن هذا السيناريو يمكن لحزب "الجمهوريين" اليميني، الذي يتحضّر لخسارة موقعه كأوّل حزب معارض، أن يلعب دوراً مهماً. ولكن رئيسه كريستيان جاكون أعلن مسبقاً أنّ حزبه "لن يكون بأي حال من الأحوال قوة إسناد".
هل سيتمكن اليسار من تحقيق التقدم المنشود؟
في الجولة الأولى، نجح تحالف "الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد" الذي يجمع الشيوعيين والخضر والاشتراكيين واليسار الراديكالي في الدخول في لعبة متساوية مع التحالف الرئاسي.
وحلّ التحالف الذي يقوده جان لوك ميلانشون في المرتبة الثالثة في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، وهو يسعى للحصول على أغلبية ويأمل في أن يفرض تعايشاً مع رئيس الجمهورية.
إلّا أنّ المراقبين لا يعتبرون أنّ هذا السيناريو ممكن التحقيق في ضوء التوقّعات بشأن المقاعد وانخفاض عدد الأصوات الاحتياطية المتاحة لليسار، على عكس الأغلبية الرئاسية.
وفي غياب الأغلبية، يكاد يكون من المضمون أن يشكّل اليسار كتلة المعارضة الرئيسية في المجلس، وهو الدور الذي كان يضطلع به اليمين.
مجموعة لليمين المتطرّف؟
بات من شبه المؤكّد أنّ "التجمّع الوطني" الذي يمثّل أقصى اليمين سيحصل على 15 مقعداً على الأقل في نهاية الاقتراع، ما يجعله يبلغ العتبة المحدّدة لتشكيل كتلة.
وتعدّ هذه سابقة منذ الانتخابات التشريعية التي جرت بين عامي 1986-1988، عندما سمح التمثيل النسبي الذي أدخل على قانون الانتخاب آنذاك للحزب الذي كان يُسمى "الجبهة الوطنية" بتشكيل كتلة. وبعيداً عن القيمة الشكلية، يمكن لكتلة في البرلمان أن تطلب تشكيل لجنة خاصة أو الاعتراض عليها أو المطالبة بتعليق اجتماع أو حتى الاستفادة من مزيد من وقت التحدّث في القضايا الحكومية.
نحو رقم قياسي جديد؟
الأحد الماضي، توجّه أقلّ من واحد من كل ناخبَين إلى صناديق الاقتراع، بنسبة امتناع بلغت 52.49 في المئة، وبحسب معاهد الاستطلاع قد يرتفع هذا المعدّل غداً الأحد.
وتشهد العملية الانتخابية صعوبة في التعبئة خصوصاً لدى الشباب، ذلك أنّ 75 في المئة من الفئة العمرية 18-24 عاماً و65 في المئة من الفئة العمرية 25-34 عاماً لم يشاركوا الأحد الماضي في الانتخابات، وفقاً لمعهد "إيفوب".
وبشكل خاص سيترقّب "الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد" غداً الأحد درجة مشاركة هؤلاء، خصوصاً أنّ الناخبين من هاتين الفئتين العمريتين كانوا قد صوّتوا لصالح مرشّحي اليسار.
المصدر: الميادين نت