سألني الأخ نور اليقين الموسويّ من دهلي الجديدة بالهند أن من القائل، وفيمن كان قوله:
من سالموا نال الكرامة كلّها
أو حاربوا ألوى مع العنقاء؟
قلت للأخ الكريم نور اليقين الموسويّ (دام عزيزاً سعيداً): قائل هاذا البيت هو لأحد الثلاثة المقدّمين على سائر الشعراء في الجاهلية، ولا اختلاف في تقديم هاألاء الثلاثة، وهم: امرؤ القيس، وزهير، والنابغة الذبياني.
وكان يقال: زهير شاعر أهل الجاهليّة، وهو قائل ما سألتني عنه، وهو أحد أبيات من جيّد المدح قالها في بني الصّيداء، وهي:
إنّي سترحل بالمطيّ قصائدي
حتى تحلّ على بني ورقاء
مدحاً لهم يتوا رثون ثناءها
رهن لآخرهم بطول بقاء
حلماء في النادي اذا ما جئتهم
جهلاء يوم عجاجة ولقاء
من سالموا نال الكرامة كلّها
أو حاربوا ألوى مع العنقاء
وألوى مع العنقاء: ذهب معها، وهي طائر لم يره أحد.
وجاءني من الصّديق ماجد الأسديّ من كربلاء بالعراق أن لمن هاذا البيت:
عدوّك مسرور وذو الودّ للذي
أتى منك من غيظ عليك كظيظ
والكظيظ: المغتاظ أشدّ الغيظ.
قلت للصّديق الأسديّ العزيز: هاذا البيت للشاعر زياد بن سليمان، وهو هجاء جزل الشّعر، فصحي الالفاظ، كان في لسانه عجمة، فلقب بالأعجم.
واكثر شعره في مدح الأمراء، وهجاء بخلائهم، وكان الفرزدق يتحاشى هجاء بني عبد القيس خوفاً منه، ومات نحو سنة مئة.
وبيته المسئول عنه من أبيات جيّدة قالها في هجاء غيّاظ بن حصين بن المنذر، وهي:
وسمّيت غيّاظاً ولست بغائظ
عدوّاً ولكن الصديق تغيظ
عدوّك مسرور وذو الودّ للذي
أتى منك من غيظ عليك كظيظ
نسيّ لما أوليت من صالح مضى
وأنت لتعدا الذّنوب حفيظ
تلين لأهل الفلّ والغمر منهم
وأنت على أهل الصّفاء فظيظ
والغمر والغمر هو الغمر والغمر والمغمّر، وهو من لم يجرّب الأمور.
والفظيظ: الجافي الغليظ الخشن الكلام.
هتف إليّ الأخ يوسف القاضي من بغداد ان أذكر له مثلاً من غزل أبي صخر كثيرّ بن عبد الرحمن بن الأسود بن عامر الخزاعيّ أحد عشاق العرب المشهور بكثيرّ عزَّة.
فقلت للأخ القاضي البغدادي الكريم: من أجود الغزل في العربيّة قول شاعرك (رحمه الله)
يودّ بأن يمسي سقيماً لعلّها
إذا سمعت عنه بشكوى تراسله
ويهتزّ للمعروف في طلب العلى
لتحمد يوماً عند ليلى ثمائله
وبهاذا العذب الزّلال يستودعكم احلى الكلام تنعمون بأزكى التحيّة والسلام.
*******