سألني الأخ عبد الرّحيم التميميّ من البصرة ثغر العراق الباسم أن لمن هاذا القول:
إذا سئل المعروف أشرق وجهه
سروراً فلم تكبر عليه المسائل
إذا راح فوج بالفنى من نواله
أناخ به فوج من الناس نازل
قلت للأخ عبد الرّحيم التميمي ومن لذ له هاذا العذب الزلال من السحر الحلال: هاذا السهل الممتنع من قصيدة لعيسى بن أوس أبي الجويرية العبديّ مدح بها الجنيد بن عبد الرّحمان المّريّ.
وعيسى شاعر محسن أقام في خراسان مدّة، ثم استقر في العراق، ومات سنة عشرين ومئة. وها هي ذي قصيدته بين أيديكم:
إلى مستنير الوجه طال بسودد
تقاصر عنه الشاهق المتطاول
إذا سئل المعروف أشرق وجهه
سروراً فلم تكبر عليه المسائل
إذا راح فوج بالغنى من نواله
أناخ به فوج من الناس نازل
عفافك معروف وعقلك كامل
ورأيك لا وان ولا متواكل
وحزمك معلوم وجدّك صاعد
كذاك جدود الناس عال وسافل
مدحتك بالحق الذي أنت أهله
ومن مدح الأقوام حق وباطل
يعيش الندى ما دمت حيّاً وإن تمت
فليس لباق بعد موتك نائل
إذا قيل أيّ الناس اكرم خلّة
أشارت ولم تظلم إليك الأنامل
وما لا مري عندي مخيلة نعمة
سواك وقد جادت عليّ مخائل
والمخيلة: الكِبر.
وسألني الأخ نور الدّين خليل من فلسطين أن لمن هذا البيت:
نشر الجمال على محاسنه
بدعاً وأذهب همّه الفرح؟
قلت للسيّد نور الدّين خليل (أعزّه الله): هاذا البيت من جملة أبيات لمحمد بن وهيب الحميريّ، وهو من شعراء بغداد المعروفين بالتصوير الحسن، ورقة التعبير.
وكتب إلي الصّديق غائم الغانميّ من السّنية بالعراق أن لمن هاذا القول:
هلا ببعض خلاله حنطته
فيضوع أفق منازل وقبور
قلت للصديق الغانمي العزيز: هاذا البيت لدعبل بن عليّ الخزاعي الشاعر المجيد البارع المعروف بولائه الصريح لأهل البيت (عليهم السّلام) وهو من جملة أبيات له في الرّثاء فائقة عالية البناء، هاذا هو ترتيبها:
هلا ببعض خلاله حنطته
فيضوع أفق منازل وقبور
بالله لو بنيم أخلاق له
تعزى إلى التقديس والتطهير
طيبت من سكن الربى وعلا الرُّبى
لتزودوه عدّة لنسور
فاذهب كما ذهب الشباب فإنه
قد كان خير مجاور وعشير
واذهب كما ذهب الوفاء فإنه
عصفت به ريحا صباً ودبور
وأبيك ما أبنته لأزيده
شرفاً ولاكن نفثة المصدور
وبعث إليّ الأخ معتصم أحمد من الشام أن لمن هاذا القول:
بأبي الوليد تولّدت بدع الندى
ووردت زناد المجد بعد إصلاد؟
فقلت للأخ معتصم: هاذا البيت أحد ثلاثة أبيات لليمان بن أبي اليمان البندفيجي الشاعر الضرير، العارف باللغة معرفة نادرة، وقد لقي ابن السكيت والزيادي والرياشي وغيرهم من أعلام البصريّين والكوفيين.
ولد سنة مئتين، وتوفي (رحمه الله) سنة أربع وثمانين ومئتين. وهاذه هي أبياته:
بأبي الوليد تولّدت بدع الندى
ووردت زناد المجد بعد إصلاد
كهل المروءة والتجارب والحجى
وفتى الندى والعلم والميلاد
في سنّ مقتبل ورأي مجرب
وعزيم محتنك وبذل جواد
*******