السيناتور غراهام يستمد مكانته واهميته من كونه من ابرز المقربين إلى الرئيس دونالد ترامب، ويعتبر من اكبر داعميه، ووقف بقوة خلف القرار الذي أصدره مجلس الشيوخ الأميركي بالإجماع قبل شهر، بإدانة ولي العهد السعودي واعتباره المسؤول الأول عن اغتيال خاشقجي، مثلما كان المحرك لقرار آخر في المجلس نفسه حظى بموافقة 60 سناتورا من مجموع مئة، يعارض اي تعاون اميركي مع السعودية في حرب اليمن، هذا في الوقت الذي اعلنت فيه مجموعة من المشرعين الأميركيين طرح مشروع قانون الخميس يطالب بوقف جميع أشكال المساعدات الأمنية الأميركية للسعودية وبيع الأسلحة للرياض فورا ردا على مقتل الصحافي السعودي.
كان لافتا ان السناتور غراهام اصدر هذه التصريحات القوية من العاصمة التركية انقرة اثناء زيارته لها، ومن غير المستبعد ان يكون مضيفوه الاتراك الذين لا يكنون أي ود للسعودية، قد اطلعوه على المزيد من الأدلة، والمعلومات، وربما الأشرطة المصورة، عن الطريقة البشعة التي استخدمت لاغتيال خاشقجي.
اخطر ما قاله السناتور غراهام أيضا انه يشعر بالندم على تأييده "الحماسي" لولي العهد السعودي في البداية، وتأكيده بأنه، وشيوخا آخرين، سيصدرون بيانا قاطعا في الأيام القليلة المقبلة يشددون فيه على انه، أي الأمير بن سلمان، عَلِم عِلم اليقين بعملية القتل وهو مسؤول عنها وسيتم فرض سلسلة من العقوبات حتما.
لم يفصح السناتور الأميركي المذكور عن طبيعة هذه العقوبات، ولكنه لمح إلى انها ستبدأ بالمتورطين بشكل مباشر في هذه الجريمة، موحيا بأن الأمير بن سلمان بينهم، ومطالبا بتنحيه من منصبه بطريقة غير مباشرة، عندما قال "توصلت إلى استنتاج مفاده انه لا يمكن للعلاقة بين السعودية والولايات المتحدة للمضي قدما حتى تتم معالجة مسألة بن سلمان".
السؤال الذي يطرح نفسه هو عما اذا كان السناتور غراهام ورفاقه قادرين على فرض هذه العقوبات وإقناع الرئيس ترامب بالموافقة عليها، اما السؤال الآخر المتفرع عن الأول والمهم أيضا، هو عن ردود فعل ولي العهد السعودي على هذه التهديدات وكيفية تعاطيه معها، ومن ثم هل سيقبل ابرز مطالبها، وهي تخليه عن منصبه؟
لا نستبعد ان ينجح غراهام ومجلس الشيوخ الأميركي في الضغط على الرئيس ترامب من اجل فرض عقوبات على المملكة اذا لم تتم تسوية مسألة الأمير بن سلمان، أي تنحيه عن منصبه؟ لان الرئيس ترامب يعيش حالة من الضعف غير مسبوقة مع اقتراب اعلان المحقق روبرت مولر عن تقريره النهائي حول علاقته بالروس، وتدخلات الأخيرين في الحملة الرئاسية لصالحه، ولا نعتقد ان الرئيس ترامب سيقامر بخسارة مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون في وقت يستعد فيه لشن حملة اطاحته.
الأمير محمد بن سلمان هو الحاكم الفعلي في السعودية، بات يسيطر على معظم مفاصل الدولة السعودية، الأمنية والعسكرية منها خاصة، ولذلك ربما يكون من الصعب الإطاحة به من منصبه كولي للعهد، ويقول المقربون منه انه سيقاتل حتى اللحظة الأخيرة لمنع أي محاولة للإطاحة به.
الأيام المقبلة ستكون صعبة بالنسبة إلى المملكة العربية السعودية، والأمير بن سلمان على وجه الخصوص، فالسناتور غراهام وعندما يتحدث بمثل هذه اللهجة، ومن المنبر التركي، لا بد انه يعرف ما لا يعرفه الكثيرون داخل الرياض وخارجها.. وما علينا الا الانتظار لمعرفة تطورات هذه المعركة.. ونتائجها أيضا اذا بدأت فعلا.