(1) جلَّ رِزْءٌ بأنْ يُغالَ وَصيٌّ:
أزِفَ الكَرْبُ واستُبيحَ الذِّمارُ
مُذْ قضى حيدرٌ وحَلَّ الدَّمارُ
غِيلَ مَنْ كانَ بلسماً للبرايا
والجميلَ الخِلاق فهو المنارُ
قُتِلَ البَرُّ والأمامُ المُواسِي
بِفدا النفْسِ في الوغى كرّارُ
بابُ علمِ النبيِّ خيرُ البرايا
معهُ الحقُّ تابِعٌ دَوّارُ
أشهَرَ الخير فاستضاءَتْ قلوبٌ
واستَنارتْ بعلْمهِ الأفكارُ
نفْسُ طه النبيِّ ثُمَّ أخُوهُ
وأبو الأطهَرِينَ نِعمَ البِذارُ
هو زَوجُ البتولِ اُمِّ أبيها
هو بدرُ الدُّجى به يُستَنارُ
يا بلاءً صَبَّ الشُّجونَ علينا
هدَّنا الفَقدُ فالرزايا كِبارُ
فلقد فاتَ قائدٌ ذو أناةٍ
واعتلى فاسِقٌ وذئبٌ سُعارُ
وانحنى فوقَ صدرِ الأناسِي
مَخلبُ الحقدِ قاطعٌ بتّارُ
جلَّ رِزْءٌ بأنْ يُغالَ وَصيٌّ
طاهرُ النفسِ ما عليهِ غُبارُ
وبِبَيتِ اللّطيفِ يُضرَبُ عبدٌ
زاهدٌ .. في خُشُوعهِ الإقرارُ
ويُنادي الشقِيُّ: "لستَ مُطاعاً"
ثمّ تُـدمى محاسنٌ أنوارُ
زمرةُ المارقينَ ضلُّوا مِراراً
وهمُ اليوم لعنَةٌ واندِحارُ
جعلوا القتلَ للأنامِ شِعارا
حيثُما استوطنوا فثَمَّ انفجارُ
يا حبيبَ الإلهِ في كلِّ حينٍ
يا فتى خيبرٍ بَكاكَ الفِقارُ
كنتُّ دِرعَ الرّسُولِ يومَ الدواهي
في حُنينٍ لمَّـا بَدا الإدبارُ
رحِمَ اللهُ عِتْرةَ الطُّهرِ طه
فلقدْ أخلصوا ونَهجاً أنارُوا
وهُمُ الخيرُ للأنامِ وَرِدْءٌ
منبعُ الغيثِ غادقٌ مِدرارُ
وهمُ جُنَّةٌ من التّيهِ حتمَاً
ومَلاذُ الهُدى بِهِم يُستجارُ
فسلامٌ على قِبابٍ حوتْهُم
طاهراتٍ يُسعى إليها تُزارُ
تغمُرُ الخَلقَ بالغَوالي عَطاءاً
عَظُمَتْ أقبُـرٌ إليها يُشارُ
حسبُنا وُدُّنا عَليّاً إماماً
وعليهِ السلامُ مِنّـا الكِثارُ
طِبْتَ حيّاً وميّتاً يا إمامِي
إنّكَ المَجدُ فخرُهُ الإبهارُ
يا شهيدَ المحرابِ شِعري زهيدٌ
في خُلودٍ حَفّتْ بهِ الأسرارُ
(2) إيهٍ أميري عليّاً هذه مِحنٌ:
غالُوا خُشُوعَكَ ما غالُوك مُنْتَصِبا
يا صِنوَ أحمدَ ذا مِحرابُكَ اضْطَرَبا
غالُوا سُجُودَكَ يا مولاي مشتملا
كلَّ المكارمَ فـذّاً يصنعُ العَجَبا
ما قاتِلُوك اُناساً آمنوا عَمَلاً
بلْ وُلْدُ إبليسَ صلّى عُمرَهُ كذِبا
هاهم بنو مُلجمٍ يَفنُونَ اُمّتَنا
دواعشاً ناوأُوا الايمانَ والأدبَا
أجدادُهم ناصَبُوكَ البغضَ مَفسدَةً
فقُلتَ : صبراً ولكنَ حاذِروا الشَغَبا
لسنا نحاربُ قوماً أنَّهم جَهَلُوا
لكنما الويلُ للغدّارِ لو حَرَبَا
يا سيدَ النُبلِ ما القالُونَ قومَ هدىً
ولا بنُوهُم فهُم يُؤذون من نَجُبـَا
دواعشُ اليومَ فاقُوا في جرائِمهم
خوارجَ الأمسَ حِقداً يُحرِقُ الخَصِبا
ديّانُهُمُ ناصبيٌّ يشتفي فَرَحـاً
بذَبحَ أبناءِ مَنْ قد وَدَّكم قُرَبا
إيهٍ أميري عليّاً هذه مِحنٌ
أدمَتْ قلوباً لَنا يا خَيرَ مَنْ وَهَبا
نفديكَ أرواحَنا يا فخرَ داعيةٍ
للمكرماتِ وخيرَ الخلْقَ مُنقلَبا
غالُوكَ غَدْراَ ذوُو الأحقادِ مُختضِباً
بالزاكياتِ دِماءً خُلِّدتْ حُقُبا
ما بالُ حُسّادِ قومٍ خانَ قائلُهم
فناهضَ المَجْدَ لمّا نابَذَ الحَسَبا
صَبْراً فَقدْ خاصَمُوا عَلْياكَ مِن حسَدٍ
فلم نَجِدْ مِنْ فَحِيحِ الحِقْدِ مُقْترِبا
غُذِّيتَ بِالطُّهْرِ فَخْرَاً في جِوارِهما
يا بنَ العَظِيمَينِ اُمَّاً اُكرِمَتْ وأَبا
وَأنتَ مَعْ سَيِّدِ الدّارَينِ تَصْحَبُهُ
نِعمَ الرّبيبُ أصابَ المَنْهَلَ العَذِبَا
فَأَنتَ لِلدّينِ بابٌ دُونَهَ كُتُبٌ
في العَزْمِ والزُهدِ والإيثارِ إنْ طُلِبا
أبا الشَّهيدَينِ ما أقْسَى المُرُوقَ أذىً
عادَى بِقتْلِكَ أهْلَ البَيتِ والنَسَبا
فَأنتم الدِّينُ والميزانُ مُؤتَمَنَاً
وذاكَ جَهلٌ أَطاعَ العِجْلَ مُحتَرِبا
والخَلْقُ طُرّاً اُذيقُوا مِن فظائعِهِ
بَغْياً وفَتْكَاً وتَكْفِيراً لهُمْ نَصَبا
فَدَهْرُنا اليومَ نارٌ من جرائِمِهِ
تُحَرِّقُ النَّسْلَ والأَمْصارَ والكُتُبَا
فِدَاً لمثواكَ ذا الأمجادِ أنتَ لَنا
إمامُ عَدْلٍ أطاعَ اللهَ مُحْتَسِبا
وَقدْ أتَاكَ العُلى مِنْ كلِّ شاهِقةٍ
فَأنْتَ والحَقُّ مَحبُوبانِ فَانتَسَبا
(3) فيا أبانا أجِرْنا إننا أرَقٌ:
إلى مقامِكَ يسعى العالَمُ الفطِنُ
عطشانَ اُنموذجٍ يحيا به الزمَنُ
فَاْرأَفْ حنانَيكَ يامولايَ مكرُمةً
يا ملهِمَ الخيرِ فالآفاقُ تحتزِنُ
عليكَ منّا سلامُ اللهِ مُنسحِباً
مِمَّنْ أضاعُوكَ والأيامُ مُمتحَنُ
فيا أبانا أجِرْنا إننا أرَقٌ
طولَ الحياةِ وإنّا اُمّةٌ تَهِنُ
واطلُبْ لنا العَفوَ والإحسانَ مغفِرةً
مِن قبلِ أنْ تنضبَ الأمصارُ والمدُنُ
إغفرْ لنا الذَّنبَ ذنباً دامَ يُرهِقنا
وامنُنْ علينا بأَمْنٍ إنّكَ السَكَنُ
ويا أبانا أنِرْ ظَلماءَ شِقوَتِنا
بمُستضيءٍ بهِ يُستنصَرُ الوطَنُ
إسْقِ الأنامَ رُواءً يزدهي ظَفَراً
على الشياطينِ مَنْ أهدافُهمْ فِتنُ
فقد سئِمنا مِن الإذلالِ مَظلُمةً
وحانَ ميعادُ مقدامينَ لم يهِنوا
أبناكَ هُم يا أبا الحَسَنينِ قاطبةً
وما سبيلُكَ إلّا المنهجُ الحسَنُ
بقلم الكاتب والاعلامي
حميد حلمي البغدادي