البث المباشر

احلى الكلام -۱۹

السبت 19 يناير 2019 - 11:07 بتوقيت طهران

الحلقة 19

من روائع ما يلذّ تكراره كلّ حين هذا التّسبيح البديع اللفظ الرّفيع المعنى السّهل الممتنع، وهو يتلألأ بصفات الجمال والجلال السّاطع بأسنى آيات الكمال. وهو لسيّدة نساء العالمين الرّاضية المرضية فاطمة الزّهرا البتول (سلام الله عليها) تقرؤه بعد صلاة معروفة باسمها الزّكيّ المبارك، وهذا هو التسبيح، زكّى الله به جوارحنا وقلوبنا: سبحان ذي العزّ الشامخ المنيف، سبحان ذي الجلال الباذخ العظيم، سبحان ذي الملك الفاخر القديم. سبحان من لبس البهجة والجمال، سبحان من تردّى بالنّور والوقار، سبحان من يرى أثر النّمل في الصفا، سبحان من يرى وقع الّطير في الهواء، سبحان من هو هكذا، ولا هكذا غيره.
ومن روائع الأدعية الحكيمة المحيطة بمطالب العبد إلى ربّه العزيز الحكيم - تبارك لطفه الرّحيم - هذا الدّعاء العارف لله - تعالي - بجميله القديم، وإحسانه الكريم وهو لعلم الدّعاء والّطاعة المطهّر الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين عليهما السّلام بعد صلاة معروفة باسمه الشريف، وهو مناسب للتوسّل بالله سبحانه كلّ حين ونصّه المبارك: يا من أظهر الجميل وستر القبيح، يا من لم يؤاخذ بالجريرة ولم يهتك السّتر، يا عظيم العفو يا حسن التجاوز، يا واسع المغفرة، يا باسط اليدين بالرّحمة يا صاحب كلّ نجوى، يا منتهى كلّ شكوى، يا كريم الصّفح، يا عظيم الرّجاء، يا مبتدئا بالنّعم قبل استحقاقها، يا ربّنا وسيّدنا ومولانا، يا غاية رغبتنا أسألك اللهمّ أن تصلّي على محّمد وآل محمّد.
سألني الأستاذ منصور الّطباطبائي من جامعة طهران نسبة هذا البيت الجميل:

كأنّك من كلّ النّفوس مركّب

فانت إلى كلّ النّفوس حبيب

قلت: هذا البيت الجميل للقاضي التّنوخي أبي القاسم عليّ بن محمّد بن أبي الفهم داوود قاضي البصرة والأهواز سنين، وتوفي بالبصرة سنة اثنتين وأربعين وثلاث مئة، وهو والد القاضي المحسّن التنّوخي صاحب الفرج بعد الشّدّة ونشوار المحاضرة، وكلّ منهما له ديوان شعر جيّد. والبيت المسئول عنه هو ثاني بيتين هما:

رضاك شباب لا يليه مشيب

وسخطك داء ليس منه طبيب

كأنّك من كلّ النفوس مركّب

فأنت إلى كلّ النّفوس حبيب

ومن محاسنه قوله البديع:

بأبي حسنك لو أت

جهه منك صنيع

أنت بدر ماله في

فلك الوصل طلوع

وكتب إلىّ الأخ موسى الخضريّ أن ممّن أخذ أبو الّطيّب المتنبّي قوله:

كأنّ الهام في الهيجا عيون

وقد طبعت سيوفك من رقاد

وقد صغت الأسنّة من هموم

فما يخطرن إلاّ في فؤاد

قلت: أخذ المتنبّي هذا القول من الشاعر المحسن المشهور أبي الحسن عليّ بن عبد الله بن وصيف المعروف بالناشيء الأصغر الذي انتقل من حلب إلى الكوفة، وراح يملي شعره في جامعها، وكان المتنبّي وهو صبيّ يحضر إملاءه، وكتب منه لنفسه في مدح أمير المؤمنين عليّ (عليه السّلام) قوله:

كأنّ سنان ذا بله ضمير

فليس عن القلوب له ذهاب

وصارمه كبيعته بخمّ

مقاصدها من الخلق الرّقاب

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة