واعجبني بيتان رثى بهما الشاعر البصري المشهور ابو عبد الرحمن محمد بن عبيد الله الاموي المعروف بالعتبي نسبة الى جد جده عتبة بن ابي سفيان بعض ولده وهما:
اضحت بخدي للدموع رسوم
اسفا عليكم وفي الفؤاد كلوم
والصبر يحمد في المواطن كلها
الا عليك فانه مذموم
والبيت الاخير من الابيات المشهورة.
وكان العتبي اديباً فاضلاً وشاعراً مجيداَ يروي الاخبار وايام العرب، ومات له بنون رثاهم رثاءً حسنا، وكان هو وابوه اديبين فصيحين، وله من التصانيف اشعار الاعاريب، واشعار النساء اللاتي احببن ثم ابغضن، وكتاب الاخلاق.
ومن قوله: سمعت اعرابياً يقول لرجل: ان فلاناً وان ضحك لك، فان عقاربه تسري اليك.
فان لم تجعله عدواً في علانيتك، فلا تجعله صديقاً في سريرتك.
وتوفي العتبي الذي يدعوه اهل زماننا العتبي بفتح العين خطا سنة ثمان وعشرين ومئتين. ويجوز ان تكون نسبته الى امرأة اسمها عتبة كان يقول فيها الشعر.
واعجبني هذان الجديران بالحفظ:
رأيتك ان ايسرت اقمت عندنا
مقيماً وان اعسرت زرت لماما
فما انت إلا البدر ان قل ضوؤه
اغبّ وان زاد الضياء اقاما
وهما يشيران الى قول ابنة عبيد الله بن مطيع لزوجها يحيى بن طلحة: ما رأيت ألأم من اصحابك، اذا ايسرت لزموك، واذا اعسرت تركوك.
فقال: هذا من كرمهم، ياتوننا في حال القوة منا عليهم، ويعافوننا في حال الضعف منا عليهم.
جاء في تاريخ بغداد او مدينة السّلام للحافظ ابي بكر احمد بن علي الخطيب البغدادي المتوفى سنة ثلاث وستين واربع مئة بسلسلة من الرواة الثقاة (رحمهم الله) ان اذن الامام جعفر بن محمد الصادق (عليهما السّلام) قال له: سفيان الثوري بالباب.
فقال: ايذن له.
فدخل، فقال له الصادق: يا سفيان انك رجل يطلبك السلطان، وانا اتقي السلطان. قم فاخرج غير مطرود.
فقال سفيان: حدّثني حتّى اسمع واقوم.
فقال جعفر: حدّثني ابي عن جدّي ان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) قال: من انعم الله عليه نعمة، فليحمد الله. ومن استبطأ الرزق، فليستغفر الله. ومن حزبه امر، فليقل: لا حول ولا قوة إلا بالله.
فلما قام سفيان خارجاً، قال جعفر: خذها ياسفيان! ثلاث، واي ثلاث!؟
*******