المذيع: أعزائنا عودة إلى متابعة قصة سلامان وأبسال وهي من القصص الرمزية في الادب الفارسي.
سؤال: دكتور … بقي لنا أن نعرف ماذا جرى لأبطال هذه القصة العجيبة، تفضل.
خبير البرنامج: بسم الله الرحمن الرحيم.
تقع اهمية هذه القصة لانها جاءت عن اقلام كبار العلماء والشعراء. كما ذكرنا سالفاً وهم ابوعلي سينا والشيخ نصير الدين الطوسي والشاعر العالم الصوفي نور الدين عبد الرحمن الجامي. ولكن نذكر المستمع الكريم بما تقدم من القصة. نوجز ما قلناه.
كان في سالف الزمان أخوان من اب واحدٍ وام واحدة وكان الاخ الاكبر، يسمّى سلامان والاصغر يسمى أبسال، وكان سلامان قد تعهد تربية أبسال فاحسن تربيته، وكان أبسال بديع الحسن والكمال، فأحبته زوجة أخيه سلامان وأخذت تتحايل على الوصول اليه لكنه كان عفيفاً فلم تظفر ببغيتها الخبيثة. وزوجته باختها لكنها تقمصت شخصيتها ووضعت نفسها ليلة الزواج مكان أختها، فبرق بارق من لسماء فعرفها أبسال فهرب وبقي سنون طوال مشغولاً بالفتوحات وعندما عاد وجدها اكثر هياماً به فهرب هائماً على وجه الارض. (هذا ما ذكرناه في الحلقة الماضية). وفي هذه الاثناء هاجم الاعداء أرض سلامان فسمع أبسال، وقاد الجيش لصد الأعداء لكن زوجة أخيه سلامان أغرت قواد الجيش بالمال، فخانوا أبسال وانهزم الجيش ووقع أبسال مضرجاً بدماه وظن افراد جيشه بانه قتل، فتركوه في الميدان ووجده حيوان فأرضعه وغذاه حتى استعاد سلامته، وما إن رجع أبسال إلى أرضه حتى وجد الاعداء محيطين بأخيه سلامان، فشّد على الاعداء ومزقهم عنه وأعاد له هيبته وسلطانه.
المذيع: وماذا عن زوجة أخيه؟
خبير البرنامج: أما زوجه أخيه فلم يستقر لها بال وراحت تدبر لقتله فتواطأت مع الطاهي والخادم، فوضعا في طعامة السم ومات.
أما سلامان فقد حزن لاخيه، ذلك الرّجل النبيل الاصيل حتى ترك ملكه وعهد به إلى شخص من أقاربه، واعتزل يناجي ربّه ويطلب منه أن يعينه على قتلة أخيه، واستطاع بالهامات غيبية أن يعرف سرّ قتل أخيه فأخذ من ذلك السّمّ وأطعمه زوجته والخادم والطباخ فقتلهم جميعاً.
المذيع: بسماعي لهذه القصة، أحسست كأن بعض مشاهدها مرّ عليّ في أي قصة او أسطورة لا ادري.
خبير البرنامج: أنت على صواب ففي هذه القصة بعض المشاهد جاءت في اساطير ومسرحيات، وأنا أشير إليها ولكنني لست واثقاً من محاكاة مؤلفيها أو إفادتهم بمن سبقهم فمثلاً في نزوات زوجة سلامان مشابهات واضحة مع زليخا وحبها ليوسف وإتهامه بالخيانة والقائه في السجن. كذلك هناك مشابهة واضحة في قصة (السياووش) أحد أبطال الشاهنامة للشاعر الايراني الكبير الفردوسي.
المذيع: وهل ممكن ايجاز هذه القصة؟ فقد سمعت عن هذا البطل كثيراً؟
خبير البرنامج: لا بأس، وارجو من المستمع أن يدقق في المشابهات بين قصة سلامان وأبسال لابي علي سينا وقصه سياووش في الشاهنامة، بعدها إذا شاء فليكتب لنا عن رأيه، هل استفاد أحد صاحبي هذين الاثرين من الآخر علماً بانهّما كانا معاصرين؟
المذيع: والان ما هي قصة السياووش؟ اي موجزها.
خبير البرنامج: هو السياووش بن الملك كاووس من ملوك ايران الاسطوريين وبعد أن ولد السياووش عهد الملك تربيته إلى رستم، حتى صار شاباً، وفي يوم من الايام كان جالساً عند أبيه فرأته زوجة أبيه (سودابة) فهامت به من النظرة الأولى، فطلبت منه أن يأتي إلى مقصورة النساء فأبى ( هذا موقف من أبسال) فطلبت من أبيه أن يرسله إلى مقصورة النساء ليختار زوجة له هناك، وبعد اصرار من أبيه ذهب سياووس إلى جناح النساء، واختلت به سودابة فاعترفت بحبها له (وهذا موقف آخر من زوجة سلامان) وقالت له نعين لك إحدى الفتيات الصغار خطيبة على شرط أن تبقى معي، ولم يقبل السياووش، (هذا المشهد يشبه تزويج أبسال باخت زوجة أخيه) فجعلت سودابة تصرخ وشقت جيبها وخمشت وجهها وقالت للملك الذي قد حضر إن سياووش قد تعرض لها (موقف من زليخا ـ ما جزاء من أراد باهلك سوء) وأخذت سودابة تكيد للسياووش، حتى حكم عليه بان يقفز من لهب النار الذي جمعوا لها الحطب أياماً، ونجا سياووش من جبل النار، واستمر حقد سودابة بايذاء سياووش. حتى هجم افراسياب قائد جيش القوران وهم الترك على ايران، فتقدم سياووش للحرب رغبة في الفرار من كيد سودابة (مشهد من حروب أبسال) ويحتاج سياووش في ميدان الحرب إلى مدد لكن سودابة تعرقل في ذلك و يقع سياووش في الاسر ثم يقتل. وهذا المشهد يشبه مشهد إغراء زوجة سلامان القادة بالمال. ليبقى أبسال وحيداً كما يبقي السياووش في ميدان الحرب.
المذيع: أشرتم إلى أن هناك مشابهات بين قصة سلامان وأبسال مع الادب الانجليزي، فما هي؟
خبير البرنامج: هذه المشابهات تثير الفضول وتغري بالبحث عنها، لكنني لم أتوغل فيها في الوقت الحاضر كما أنني لم أجد من أشار اليها ممن كتبوا في الادب المقارن، ولا استبعد إفادة الادب الانجليزي من هذه القصة.
ففي مأساة هملت هذه الرائعة الشهيرة ما يثير الاهتمام بالقيام بالمقارنة: وفي هذه المأساة، هناك مؤامرة من جانب اوكلاديوس الدنماركي لقتل أخيه ملك الدنمارك فقد تواطأ اوكلاديوس مع زوجة أخيه لقتل الملك، ونفذا الخطة، وكان هملت بطل القصة وابن الملك رجلاً شجاعاً، فتظاهر بالجنون، وعرف بصورة الهامية قتلة أبيه، فصّب السمّ في أذن عمه وقتله لكنه فقد من أجل ذلك الانتقام حياته وخطيبته التي انتحرت غرقاً من أجله.
المذيع: بقي أن نعرف ما هي الرموز التي استخدمها الشيخ الرئيس ابوعلي سينا في هذه القصة وقد ذكرتم أنه كان يقصد بهذه القصة الرمزية قضايا اخلاقيه وعرفانية.
لكن الوقت قد أدركنا وشارفت هذه الحلقة على نهايتها نرجوا أن نتابع معك هذا الموضوع في الحلقه القادمة شاكرين لك حضورك ومحاظراتك. كما نشكر المستمعين الكرام على حسن متابعاتهم.
اعزائنا وحتى نلتقي بكم في الحلقة القادمة، نستودعكم الله.
*******