وجاء في مزار الشيخ المفيد، ومزار السيّد ابن طاووس، أنّه عندما يستأذن الزائرُ في الدخول إلى روضة أبي الفضل العبّاس(عليه السلام) المباركة، يدخل وينكبّ على القبر الشريف، ويقول وهو مستقبِلٌ القبلة: ((السّلام عليك أيّها العبد الصالح...)).
وفي زيارةٍ أُخرى له (عليه السلام): ((ثمّ تنكبّ على القبر وتقبّله، وتقول: بأبي أنت وأُمّي يا ناصر دين الله...)).
ومن أجل ذلك كان العلماء الأعلام والمراجع العظام إذا قصدوا أبا الفضل العبّاس (عليه السلام)، وتشرّفوا بزيارته في روضته المباركة، قبّلوا عتبته الشريفة ولثموها عند دخولهم إليه، كما يلثمون عتبة الإمام الحسين(عليه السلام) ويقبّلونها عند الدخول إليه والتشرّف بزيارته.
ويُنقل عن العلاّمة الدربندي صاحب كتاب [أسرار الشهادة] أنّه قال يوماً للشيخ الأنصاري، وذلك في أيّام مرجعية الشيخ: إنّ الشيعة يرجعون إليكم ويقتدون بكم ويقتفون آثاركم، فلو كنتم عند تشرّفكم إلى زيارة الإمام الحسين(عليه السلام) تقبّلون عتبته المقدّسة حين دخولكم في روضته المباركة، اقتدى الشيعة بكم في ذلك، وفعلوا كما تفعلون، فتشتركون في ثوابهم، وتؤجرون بأجرهم.
فأجابه الشيخ الأنصاري قائلاً: إنّي أُقبّل عتبة أبي الفضل العبّاس (عليه السلام) المقدّسة وألثمها، ناهيك عن أعتاب الأئمّة الطاهرين من أئمّة أهل بيت رسول الله(صلّى الله عليه وآله) كالإمام الحسين(عليه السلام).
ثمّ أضاف قائلاً: إنّي إنّما أقبّل عتبة أبي الفضل العبّاس(عليه السلام) وألثمها؛ لأنّها موطئ أقدام زوّاره الكرام، ناهيك عن أنّها عتبة باب الحوائج وباب الإمام الحسين(عليه السلام) أبي الفضل العبّاس بن الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام).
هذا بعض ما لأبي الفضل العبّاس(عليه السلام) من الجاه العظيم، والمقام الرفيع عند الله ورسوله (صلّى الله عليه وآله)، وعند ابنته فاطمة الزهراء(عليها السلام) وعند الأئمّة الطاهرين(عليهم السلام) من أهل بيت رسول الله(صلّى الله عليه وآله)، وعند أمّه أُمّ البنين(عليها السلام) وعند أخته السيّدة زينب(عليها السلام)، وعند شيعته ومحبّيه.
وأمّا حقيقة مقام أبي الفضل العبّاس(عليه السلام)، وواقع منزلته فممّا لا يعلمها إلّا الله تبارك وتعالى. رزقنا الله زيارته، وحشرنا معه في الدنيا والآخرة، آمين ربّ العالمين.