دراسات مقارنة في الاداب الفارسي والاداب الاخرىعنوان هذه الحلقة: ملحمة (الشاهنامة والملاحم الاخرى) أن الحديث عن الملحمة العالمية الكبرى ( الشاهنامة) للمفكر العبقري الشاعر العملاق الحكيم ابي القاسم الفردوسي لحديث ذوشجون وها نحن في الحلقة الماضية من هذه السلسلة الادبية قدمنا ملخصاً عن نشأة الملحمة الفارسية حتى وقفنا على أعتاب ابواب (الشاهنامة) هذا الاثر الخالد، ونحن اليوم نحاول أن نطرق أول باب منها بعد أن أنهينا الحلقة السابقة بوعد منا على أن نقص على مستمعينا الافاضل، كيف قدم الفردوسي (الشاهنامة) للسلطان محمود الغزنوي وماذا جرى بعد ذلك التقديم.وفي الاستوديو معنا الان، خبير البرنامج، الدكتور عباس العباسي استاذ الادب العربي والخبير باللغة الفارسية وآدابها. نحييه … ـ اهلاً و سهلاً… ـ وأنا ايضاً، أحييكم وأتقدم إلى المستمعين الافاضل بجزيل شكري وامتناني لمواصلتهم معنا هذه الرحلة الادبية الطويلة، والله أسأل أن يوفقنا واياهم لما فيه الخير.
سؤال: … ما هي قصة تقديم الشاهنامة وما تبعات ذلك؟بسم الله الرحمن الرحيم
خبير البرنامج:
أن أباالقاسم الفردوسي، رغم حقيقة وجوده الناصعة المتجسده باثره الخالد، تحيط بحياته الأساطير، ومما يستخلص من كل ذلك أن الفردوسي أتم الشاهنامة في سنة اربعمائة هجرية وهو يقول في ذلك:
زهجرت بشد پنج هشتادبار
كه گفتم من اين نامه شاهوار
المعنى: أي أنني نظمت سيرة الملوك في تاريخ اربعمائة من الهجرة.
مداخلة من المذيعة: وهذا معنى (پنج هشتاد بار) أي مضروب الخمسة بالثمانين؟نعم، وإثر اتمامها سافر الفردوسي من طوس إلى مدينة غزنة، ليقدم الشاهنامة إلى السلطان محمود الغزنوي الذي قيل إنه كان قد وعد الفردوسي إزاء كل بيت من الشاهنامة بدينار من ذهب لكنه لدى وصوله الى بلاط السلطان، ثم يلق ترحيباً ولم يظفر بمكافئة مرضية، بل أعطاه السلطان بدل الدنانير دراهم. فكانت ستين الف درهم. وهكذا تأذم الموقف بينهما إذ خرج الفردوسي غاضباً تاركاً ورائه السلطان حانقاً عليه، وراح الفردوسي يتنقل بين البلاد متخفياً من بطش السلطان.أما الدراهم فقد دفعها الفردوسي لفقاعي وحمامي إثر خروجه من بلاط السلطان: ويقول الفردوسي في ذلك:
فقاعي بيرزيدم از گنج شاه
از آن من فقاعي خريدم براه
المعنى:لم يرني الملك أساوي اكثر من قيمة شراب من عصير الفواكه، فلذلك اشتريت بما اجازني في من خزانته فقاعاً وأنا في الطريق.وقد جاء هذا البيت في مقدمة الشاهنامة التي تضمنت كثيراً من الهجاء والقذف اللاذعين للسلطان ومن ذلك عندما رأى الفردوسي عدم اهتمام السلطان بالشاهنامة: يقول:
نكردي در اين نامه من نگاه
بگفتار بدگوي گشتي ز راه
هر آنكس كه شعر مرا كرد پست
نگيردش گردون گردنده، دست
المعنى:
أنت لم تنظر الى رائعتي
ان أعدائي غيروا رأيك عني
فمن يقلل من شأن شعري
لن يقدّره الكون ولن يأخذ بيده
ثم يطالبه بالوعد الذي قطعه له، فيقول:
نه زينگونه دادي مرا تو نويد
نه اين بودم از شاه گيتي اميد
المعنى:
أنك لم تعدني بمثل هذا
وليس هذا ما توقعته من السلطان
ويشكو من السعاة والاعداء الذين أوغروا صدر السلطان عليه غيظاً.
بدانديش كش روز نيكي مباد
سخنهاي نيكم به بدكرد ياد
بر پادشا پيكرم زينت كرد
فروزنده اختر چو أنگشت كرد
المعنى:
ألا لا رأي ذلك اللئيم خيراً
فقد ذكر بالسوء طيّب اقوالي
وشوه حسن صورتي عند الملك
وجعل نجمي الوظاء كالفحم
ويتهم السلطان بالبخل فيقول:
جهاندار اگر نيستي تنگدست
مرا بر سر گاه بودي نشست
كه سفله خداوند گيتي مباد
جوانمرد را تنگدستي مباد
المعنى:
لولم يكن الملك بخيلاً
لبؤاني مكاناً عليّا
فلا بارك الله للئيمٍ يحكم وسيادةٍ
ولا جعل ذا المروء معوزا
ثم يصف السلطان بقدم الاهتمام بالعلم والبعد عن عالم المعرفة:
بدانش نبد شاه را دستگاه
وگرنه مرا بر نشاندي به گاه
المعنى:
فلو كان الملك من أهل العلم
لأجلسني في مكان رفيع
ويعلن أن السلطان ليس من سلالة الملوك ولذلك لا يحب الحديث عن ذوي التيجان:
چو ديهيم دارش نبد در نژاد
زديهيم داران نياور ياد
چو اندر تبارش بزرگي نبود
نيارست نام بزرگان شنود
المعنى:
اذ ليس في سلالته صاحب تاج
فلم يتناول حديث ذوي التيجان
وإذ لا مجد يذكر في اصله
فلم يطق سماع ذكر العظماء
و يعاتبه مطالباً بحقه والمكانة التي تليق به فيقول:
چو سي سال بردم به شهنامه رنج
كه شاهم ببخشد به پاداش گنج
مرا زين جهان بي نيازي دهد
ميان مهان سرفرازي دهد
به پاداش، گنج مرا درگشاد
به من جز بهاي فقاعي نداد
فقاعي بيرزيدم از گنج شاه
از آن، من فقاعي خريدم براه
المعنى:
لقد عانيت في إعداد هذه (الشاهنامة) التعب ثلاثين عاماً
وليجعلني في هذه الدنيا غنياً
ويجلني بين ذوي الرتب
ولكن بدلاً من أن يفتح الخزانة في وجهي
فتح خزانه علمي
ولذلك اشتريت بحصتة في الطريق ماء فقاع (عصير الفاكهة)
سؤال: بعد كل هذا الهجوم، لابد أن الامور ساءت كثيراً بين السلطان، والشاعر الكبير الفردوسي، ولكن ما هي اسباب غضب السلطان محمود الغزنوي على شاعرنا الكبير يا ترى؟
جواب: هناك شطر بيت لا أعرف قائله، أعجبني كثيراً، يقول:(فمن كان أعلا كان أوفى تهشما)
المذيعة: وهذا يشبه المثل الفارسي المعروف (هر كه بامش بيش برفش بشتر)ـ نعم هكذا، فيا سيدتي من كان مثل الفردوسي لا يخلو من الاعداء الألداء والمحققون يلخصون أسباب غضب السلطان محمود على الفردوسي كالآتي أولاً: الخلاف الديني، إذ كان الفردوسي شيعي المذهب، وكان السلطان محمود سني المذهب، وكانا كلا هما متشددين في معتقداتهما.فهذا الفردوسي يقول:
مرا غمز كردند كان پر سخن
بمهر نبي و علي شد كهن
من از مهر اين هر دو شه نگذرم
اگر تيغ شه بگذرد بر سرم
نترسم كه دارم زروشن دلي
بدل مهر جان نبي و علي
المعنى:
وقال العداة باني ولي
لحب النبي وحب علي
فعن حب هذين لا لن أحيد
و إن كان بطش المليك شديد
فلم أخش شيئاً وفي القلب نور
بحب النبي وعليٍ يفوز
ويبدو أن اعداء الفردوسي قاموا بالسعاية ضده عند السلطان، وأفهموه أن الفردوسي شيعي، وقد وجدوا الأذن المصغية، فزادوا من غضب السلطان على الفردوسي.
سؤال: وهل من نماذج تدل على تشيّع الحكيم الفردوسي؟ في الشاهنامة:ـ نعم، هذا ظاهر في شعره كظهور الشمس في رابعة النهار. إسمعي:
خردمند گيتي چو دريا نهاد
برانگيخته موج ازو تندباد
چو هفتاد كشتي دروساخته
همه بادبانها برافراخته
ميانه يكي خوب كشتي عروس
برآراسته همچو چشم خروس
پيامبر بدو اندرون با علي
همه اهل بيت نبي و وصي
اگر خلد خواهي بديگر سراي
بنزد نبي و وصي گير جاي
گرت زين بد آيد: گناه من است؟
چنين دان واين راه راه من است
بر اين زادم و هم برين بگذرم
يقين دان كه خاك پي حيدرم
المعنى:
وفجّر سبحانه ذي البحار
وماجت بها الريح هوجاً كبار
وأجرى بها السفن الماخرة
بسبعين أشرعة عامرة
سفين بها خلتها كالعروس
تتوق اليها كرام النفوس
بها المصطفى جالس مع علي
بها أهل بيت النبي والوصي
فإن كنت تطلب يوم التناد
من الله جناته والسداد
فكن للنبي(ص) وعلي رفيق
لهذين كن في الحياة شفيق
وإن كنت ترفض هذا فما
ذنيي؟ وذا ديني وما أعظما
ولدت محباً لآل الرسول(ص)
وأبقي على حبهم لن أزول
أقبل ترب ثرى حيدره
تيقّن سامشي على أثره
سؤال: هذا كان السبب الاول، وما هي الأسباب الأخرى في غضب السلطان محمود على شاعرنا الحكيم الفردوسي؟
جواب: ثانيا: (السبب الثاني): إن في الشاهنامة أبيات مدح لوزير السلطان أبي العباس فضل بن احمد. وكان السلطان قد أقاله قبيل محبي الفردوسي عند السلطان ليقدم له الشاهنامة، فكان ذلك من أسباب توتر العلاقة بينهما.ثالثا: والسبب الثالث، عبروا عنه ببخل السلطان محمود.رابعاً: أما السبب الرابع وهو الأخير في هذا الوجيز، فهواختلاف الراى بين الفردوسي والسلطان محمود، في القضايا القومية والوطنية أذا صحّ التعبير ـ فأن الفردوسي كان رجلاً وطنياً هائما بحب وطنه وقومه، وكان يشيد بهما وببطولات شعبه، لكن السلطان محموداً لم يكن يؤمن بشيء من هذا، كان يسوءه سماع التغني ببطولات الاقوام الأخرى. (تاريخ ادبيات ايران، دكتر صفا، ج.۱.ص ٤۸۱). وفي مثل هذا الموقف يقول صاحب تاريخ سيستان (ص ۸۷)، ما مفهومه: (…. عند ما كان الفردوسي يقرأ على السلطان محمود الشاهنامة قال له السلطان إن كتابك هذا لا شيء فيه غير حديث رستم، وفي جيشي تجد الف رجل مثل رستم. فأجابه الفردوسي: أطال الله عمر الملك لا اعلم كم من رجالك يشبهون رستم لكني اعلم ان الله لم يخلق عبداً آخر مثل رستم، ثم استاذن الفردوسي وخرج من عند الملك فقال السلطان: باللغة الفارسية اين مردك مرا تبعريض دروغ زن خواند اي: هذا الرجيل لمحّ بتكذيبي، فقال الوزير لابد من قتله، فذهبوا يطلبونه فلم يجدوه.
*******