وتعتبر قوى معارضة أن الحكومة استبقت الدعوات المتصاعدة للتظاهر في عيد الثورة، وتستّرت وراء قرارات اللجنة العلمية لمجابهة فيروس كورونا، بتجنب التجمعات والتظاهرات ومنع التجوّل خلال الأسبوعين القادمين.
وتوعّد والي تونس كمال الفقي -المعيّن حديثا من قبل رئيس الجمهورية- المخالفين للبروتوكول الصحي بعقوبات صارمة، كما هاجم الأحزاب المعارضة وقال إنها "تعيش في حالة غيبوبة، ولم تحقق شيئا منذ 10 سنوات".
وتابع الفقي قائلا "من حقهم معارضة المسار الحالي، ولكنهم لا يعنون لنا شيئا، وما نقوم به لا يعتبر مسّا بالحريات، وممارساتهم تُعد عملية تشويش على الحكومات".
في المقابل، اعتبر القيادي في حركة النهضة سامي الطريقي أن تصريحات محافظ تونس "تعكس ذهنية السلطة ومدى ازدرائها للأحزاب المعارضة، وقمع حقها في التظاهر، حتى إن كانت احتفالات بعيد الثورة".
وقال الطريقي إن السلطة تخفّت تحت عباءة الإجراءات الوقائية الصحية لفرض أمر واقع بمنع أي تحرك احتجاجي، كما "استبقت إجراءاتها التعسفية بجملة تعيينات في سلك الوُلاة والأمن، لمزيد من تكريس المنحى الاستبدادي السلطوي".
ودعت حركة النهضة -في بيان رسمي- التونسيين للنزول إلى الشارع الجمعة، والاحتفال بعيد الثورة، و"التصدي للدكتاتورية الناشئة".
كما أعربت الحركة عن رفضها لما وصفته بـ"التوظيف السياسي لجائحة كورونا من قبل السلطات لضرب ما تبقى من هامش الحريات".
كما رفض حزب العمال "القرار السياسي المقنّع" كما سمّاه، لرئيس الجمهورية بمنع حق التظاهر، مشددا على أن توقيت إعلان الإجراءات الخاصة بجائحة كورونا، "هو توقيت سياسي لم تملهِ الظروف الصحية على خطورتها، وإنما رغبة في منع التظاهرات السياسية المناهضة للانقلاب".
وجدد الحزب دعوته أنصاره وعموم التونسيين للنزول إلى الشارع احتفالا بعيد الثورة، ورفض "الانقلاب"، مع التقيد بإجراءات الوقاية.
بدورها، دعت تنسيقية "مواطنون ضد الانقلاب" للاحتجاج، الجمعة أيضا، رغم قرار الحكومة منع التجمعات. وهي التي يخوض أعضاؤها إضرابا عن الطعام منذ أسابيع، احتجاجا على إجراءات الرئيس قيس سعيد منذ 25 يوليو/تموز الماضي التي قضت بتجميد عمل البرلمان، وتوليه جميع السلطات.
وفي ندوة صحفية مشتركة عقدتها قيادات أحزاب الجمهوري والتيار الديمقراطي والتكتل الخميس، دعت هذه الأحزاب أنصارها للتظاهر والنزول إلى الشارع، معتبرة أن السلطة بصدد تسييس وتوظيف قرارات اللجنة العلمية لقمع الاحتجاجات وحق التونسيين في التعبير.
وأكد أمين عام التيار الديمقراطي غازي الشواشي، أن الأحزاب الثلاثة انتقلت من "مرحلة المعارضة إلى المقاومة"، وأنها لن تحترم القرار الصادر عن السلطة، وستخرج للشارع في الموعد والمكان المحدد.
وتابع "السلطة تلتجئ للتخويف والتهديد والقمع، وهي تعكس خوف الرئيس وخشيته من الشارع ومن دفاع التونسيين عن حريتهم".
وأكد الشواشي في السياق ذاته أن السلطات بصدد التضييق على الحريات، بعد إغلاق مكتب قناة الجزيرة في تونس، والتضييق على العاملين في التلفزيون الحكومي ومحاولة تركيعه.
من جهة أخرى، وصف رئيس حزب "التحالف من أجل تونس" سرحان الناصري قرار الحكومة منع التجمعات والتظاهرات بأنه "وجيه"، وأنه جاء بتوصية مباشرة من اللجنة العلمية المخول لها تقدير تطور الوضع الوبائي في تونس، واتخاذ الإجراءات المناسبة للحفاظ على صحة وحياة التونسيين.
واستغرب الناصري تشكيك المعارضة في استقلالية اللجنة العلمية، وإمكانية توظيفها سياسيا من قبل السلطة لقمع الاحتجاجات، معتبرا أن الوضع الوبائي وسرعة انتشار كورونا في المدارس والمعاهد باتت تنبئ بكارثة صحية قد تتعمق في حال تم السماح بالتظاهر والتجمع.
وعن الاتهامات التي تطال الرئيس قيس سعيد والحكومة بتوظيف الوضع الوبائي لقمع التحركات الاحتجاجية ومنع التظاهر الجمعة، وصف الناصري الأمر بالكذب والافتراء المجاني، مؤكدا أن أرقام العدوى بفيروس كورونا وسرعة انتشارها كفيلة بدحض تلك المزاعم.
وكانت وزارة الصحة قد أعلنت في آخر تحديث للحالة الوبائية، عن تسجيل 11 وفاة بفيروس كورونا، و6323 إصابة، بتاريخ 11 يناير/ كانون الثاني 2022، لتبلغ نسبة العدوى اليومية في حدود 26.5%.