ومن بين الخلاصات المثيرة؛ ما توصل إليه علماء من جامعة برينستون الأميركية، حول قدرة سحلية الأنول بنية اللون، على فكّ أحد أكثر ألغاز الحياة تعقيدًا، وهو "التنفس".
وفي حين أن رئة الإنسان تتطور على مدى شهور وسنوات إلى هياكل معقدة، فإن رئة سحالي "الأنول" تتطور خلال أيام قليلة إلى فصوص بدائية مغطاة بنوات منتفخة، وهو ما يساعد السحلية على إتمام عملية تبادل الغازات، على غرار ما تفعله رئة الإنسان.
ولأن رئتي سحالي "الأنول" تنمو بسرعة فإنها ستلهم المهندسين الذين يصممون التقنيات الحيوية المتقدمة مثل عضو الرئة الاصطناعية.
تقول سيليست نيلسون، أستاذة الهندسة الحيوية بجامعة برينستون والباحثة الرئيسية في الدراسة "مجموعتنا البحثية مهتمة حقًا بفهم تطور الرئة للأغراض الهندسية".
وأردفت "إذا فهمنا كيفية بناء الرئتين، فربما يمكننا الاستفادة من الآليات التي تستخدمها الطبيعة الأم لتجديد الأنسجة أو هندستها".
بحسب الدراسة التي عملت عليها نيلسون ونُشرت مؤخرًا في مجلة "ساينس أدفانسيس"، فإن تكوين رئة "الأنول" بسيطًا للغاية وأقل تعقيدًا فيما يشبه كرة الضغط الشبكية (لعبة يستخدمها الموظفون للتخلص من التوتر)، على العكس من تطور رئة الطيور والثدييات المعقد للغاية، حيث التفرع غير المتناهي والإشارات الكيميائية الحيوية المعقدة.
وفقًا لرصد العلماء، فإن رئة "الأنول" تبدأ في التطور لبضعة أيام كغشاء مجوف ممدود محاط بطبقة موحدة من العضلات الملساء، وأثناء التطور، تفرز خلايا الرئة السوائل، ثم ينتفخ الغشاء الداخلي ببطء، ويصبح خفيفًا مثل البالون، وبعد ذلك يدفع الضغط العضلات الملساء، مما يؤدي إلى شدها لتشكل في النهاية شبكة على شكل قرص العسل.
وتستمر السوائل في دفع الغشاء إلى الخارج، حتى ينتفخ من خلال الفجوات الموجودة في الشبكة الجيبية وتشكيل بصيلات مملوءة بالسوائل تغطي الرئة، هذه الانتفاخات تخلق مساحة سطحية يحدث فيها تبادل الغازات، وتتضمَّن عملية تبادُل الغازات في الرئتين دخول الأكسجين والتخلُّص من ثاني أكسيد الكربون.
وتستغرق عملية تطور الرئة برمتها في السحالي أقل من يومين وتكتمل خلال الأسبوع الأول من الحضانة، أي بعد أن فقس السحلية، يدخل الهواء إلى الجزء العلوي من الرئة، ويدور حول التجاويف، ثم يتدفق للخارج.
حاولت نيلسون دراسة رئتي الدجاج في أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، حيث كانت الحكمة التقليدية تقول إن "رئتي الدجاج تطابق رئتي الفأر ورئتي الإنسان"، غاكتشف في نهاية المطاف أن ذلك لم يكن صحيحًا.
وبعد دراسة سحالي "الأنول"، يقول العلماء إن نموذج تطور رئة "الأنول" ألهمهم لتطوير نوعًا جديدًا من الرئة الاصطناعية، وإطارًا يمكن للمهندسين صقله للوصول إلى نهايات مستقبلية غير معروفة.
توضح نيلسون "الكائنات الحية المختلفة لها هياكل عضوية مختلفة، وهذا جميل، ويمكننا أن نتعلم الكثير منه"، وأضافت "إذا قدرنا أن هناك الكثير من التنوع البيولوجي الذي لا يمكننا رؤيته، وحاولنا الاستفادة منه، فإننا كمهندسين سيكون لدينا المزيد من الأدوات لمعالجة بعض التحديات الرئيسية التي تواجه المجتمع".