وأعلن القائمون على المشروع أن هذه المدينة «ستكون الأولى من نوعها في العالم» وسوف يتم تشييدها قبالة سواحل مدينة بوسان في كوريا الجنوبية.
وقال تقرير مفصل نشرته جريدة «دايلي ميل» البريطانية، إن هذه المدينة العائمة يتم تشييدها بدعم من الأمم المتحدة، وستحتوي على «بنية تحتية مقاومة للفيضانات» وتتألف من عدة جزر من صنع الإنسان ترتفع جميعها عن البحر للقضاء على مخاطر الفيضانات.
وحسب التقرير فإن هذه المدينة التي تشكل قارب نجاة للبشر ستتمتع بالاكتفاء الذاتي وسوف تقوم بتوليد الكهرباء من الألواح الشمسية التي ستوضع فوق المباني، كما تنتج طعامها ومياهها العذبة، ويتنقل السكان بين مناطقها وجزرها على متن قوارب مستقبلية.
كما يمكن لها تحمل الكوارث الطبيعية، بما في ذلك الفيضانات وأمواج تسونامي والأعاصير من الفئة الخامسة، حيث ستثبت منصاتها العائمة في قاع البحر، حسب ما أورد التقرير.
وسيبدأ بناء المدينة العائمة، التي تقدر تكلفتها بـ200 مليون دولار أمريكي قريباً بفضل «اتفاقية تاريخية» وقعتها مدينة بوسان في جمهورية كوريا الجنوبية مع الأمم المتحدة في نيويورك.
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان سيتم فرض رسوم على السكان للعيش هناك، أو سيتم الاكتفاء بدفع تكلفة الإيجار للمباني السكنية فقط، حيث لم تفصح شركة «Oceanix» التي تتولى المشروع عن مزيد من المعلومات. وقالت الشركة إن العمل لا يزال جارياً «لتحديد من سيكونون وكيف سيتم اختيارهم».
كما لا يزال يتعين أيضاً تحديد الموقع الدقيق لـ«النموذج الأولي» للجزيرة العائمة، على الرغم من وجود خيار محتمل قبالة ميناء بوسان الشمالي، حسب ما أوردت الشركة.
وتعد المدن العائمة المستدامة جزءاً من ترسانة استراتيجيات التكيف مع المناخ المتاحة للبشر، حيث قالت ميمونة محمد شريف، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، إنه «بدلاً من القتال بالماء دعونا نتعلم كيف نعيش في وئام مع هذه المياه».
وأضافت: «نتطلع إلى تطوير حلول للتكيف مع المناخ والحلول القائمة على الطبيعة من خلال مفهوم المدينة العائمة، وبوسان هي الخيار الأمثل لنشر النموذج الأولي».
وحسب ما نشر موقع «بزنس إنسايدر» في تقرير منفصل فإن كل جزيرة في هذه المدينة العائمة سوف تكون سداسية الشكل وتحتوي على طلاء من الحجر الجيري أقوى بمرتين إلى ثلاث مرات من الخرسانة.
ويضيف تقرير الموقع إنه يمكن استخدام الأقفاص الموجودة أسفل كل منصة لحفظ عشب البحر أو غيرها من المأكولات البحرية، بينما يمكن استخدام النفايات من الأسماك لتخصيب النباتات.
ويجب على السكان العيش على «نظام غذائي نباتي أساساً مما سيقلل من الضغط على الفضاء والطاقة وموارد المياه» كما تقول شركة «أوشانيكس».
وستتم زراعة المنتجات العضوية بكفاءة في الأنظمة الهوائية مع استكمالها بالمزارع الخارجية والصوبات الزراعية التقليدية. وتتضمن الزراعة المائية زراعة النباتات في الهواء أو بيئة الضباب بدون استخدام التربة، في حين تتضمن الزراعة المائية زراعة النباتات وتربية الأسماك بمساعدة البكتيريا المفيدة.
وسيعطي بناء المدينة الأولوية للمواد ذات المصادر المحلية، بما في ذلك الخيزران سريع النمو الذي يحتوي على ستة أضعاف قوة الشد للفولاذ وبصمة كربونية سلبية.
ووفقًا لشركة «أوشانيكس» سيتم الاحتفاظ بجميع الهياكل المبنية في المدينة أقل من سبعة طوابق لإنشاء مركز ثقل منخفض ومقاومة الرياح.
وغالباً ما يكون الصيف في بوسان حاراً ورطباً، لذا فإن أسطح المبنى ستزيد من المناطق المظللة من الداخل، مما يوفر الراحة وتكاليف التبريد المنخفضة مع زيادة مساحة السطح لالتقاط الطاقة الشمسية.
ولم يتم تحديد حجم المدينة بعد لكن القرى الأكبر التي تغطي 75 هكتاراً يمكن أن تستوعب ما يصل إلى عشرة آلاف ساكن، وفقاً لتقديرات الشركة.
وستشمل المدينة أيضاً ساحة عامة وسوقاً و«مراكز للروحانية والتعلم والصحة والرياضة والثقافة» بحسب المعلومات المتوافرة حتى الآن.
وتقول بعض التقارير إن شركة «أوشانيكس» تجري حالياً محادثات مع عشر حكومات أخرى على الأقل حول بناء المزيد من المدن العائمة في أماكن مختلفة من العالم.
وتقدر تكلفة المشروع بأكمله حالياً بنحو 200 مليون دولار أمريكي، لكن هذا قد يزيد بحسب المواد المستخدمة والتصميم النهائي، والذي لا يزال يخضع للتغيير.
وقال بارك هونغ جون عمدة مدينة بوسان في كوريا الجنوبية: «مع التغييرات المعقدة التي تواجه المدن الساحلية نحتاج إلى رؤية جديدة حيث يمكن للناس والطبيعة والتكنولوجيا أن يتعايشوا».
وأضاف: «لا يوجد مكان أفضل من بوسان لاتخاذ الخطوة الأولى نحو المستوطنات البشرية المستدامة على المحيط، التي بنتها كوريا بفخر للعالم» حسب ما نقلت عنه «دايلي ميل».
ووفقاً لقادة المشروع، فإن النمو السكاني السريع في المناطق الحضرية يدفع الناس إلى الاقتراب من المياه، مما يؤدي إلى زيادة تكاليف الإسكان وإخراج العائلات الأشد فقراً.
ومثل العديد من المدن الساحلية، فإن بوسان مهددة بارتفاع مستوى سطح البحر والفيضانات، والتي يمكن أن تدمر مليارات الدولارات من البنية التحتية وإجبار الملايين من لاجئي المناخ على مغادرة منازلهم.
ويعيش اثنان من كل خمسة أشخاص في العالم على بعد حوالي 60 ميلاً من الساحل، و90 في المئة من المدن الضخمة في جميع أنحاء العالم معرضة لارتفاع مستويات سطح البحر.
وقال مؤسسا شركة «أوشانيكس» إيتاي مادامومبي ومارك كولينز تشين إن «ارتفاع مستوى سطح البحر يمثل تهديداً هائلاً، لكن البنية التحتية العائمة المستدامة يمكن أن تساعد في حل هذه الكارثة التي تلوح في الأفق».
وأضافا: «نحن متحمسون لصنع التاريخ مع بوسان والأمم المتحدة للدخول في الحدود التالية للبشرية».
ويأتي هذا الإعلان في أعقاب مؤتمر المناخ العالمي الذي انعقد في غلاسكو شمالي بريطانيا في وقت سابق من الشهر الحالي، والذي شهد اتفاق 200 دولة على إبقاء أهداف اتفاقية باريس حية.
ويأمل الاتفاق في إبقاء الزيادة في متوسط درجة الحرارة العالمية إلى أقل من 2 درجة مئوية (3.6 درجة فهرنهايت) «ومتابعة الجهود للحد من زيادة درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية (2.7 درجة فهرنهايت)».
وإذا زاد متوسط درجات الحرارة العالمية بمقدار 2.7 درجة فهرنهايت عن أوقات ما قبل الصناعة، فقد ترتفع مستويات سطح البحر بمقدار 30.3 بوصة بحلول عام 2100 بحسب ما يقول الخبراء.
ومن المرجح أن يتم اختراق الحد الأدنى البالغ 1.5 درجة مئوية المنصوص عليه في اتفاقية باريس بين عامي 2030 و2052 إذا استمر الاحترار العالمي في وتيرته الحالية ولم يتم اتخاذ تدابير غير مسبوقة لوقف الزيادة، بحسب تقرير متخصص صدر في العام 2018.