قال اللَّه تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ ورَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا والْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً»(الأحزاب- 57)، وقال عزّوجلّ: «وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ» «وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ»(التوبة- 61).
قول العلامة الطباطبائي
قال العلامة الطباطبائي: «من المعلوم أنّ اللَّه سبحانه منزّه من أن يناله الأذى وكلّ ما فيه وصمة النقص والهوان، فذكره مع الرسول وتشريكه في إيذائه تشريف للرسول، وإشارة إلى أنّ من قصد رسوله بسوء فقد قصده أيضاً بالسوء؛ إذ ليس للرسول بما أنّه رسول إلّا ربّه، فمن قصده فقد قصد ربّه».
قول الشيخ الطوسي
وقال الشيخ الطوسي: «أذى اللَّه، يقال: هو أذى أوليائه، وإنّما أضافه إلى نفسه تعظيماً لأوليائه، ومبالغة في عظم المعصية به». وكذا في غيرهما. وقد يقال بأنّ أذية اللَّه تعني القيام بالفعل الذي يكرهه اللَّه تعالى بعد إعمال المجاز في معنى الكراهة المناسبة له تعالى. وأمّا إيذاء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فهو فعل كلّ ما يؤذيه من فعل أو قول، في نفسه أو في زوجاته أو أهل بيته، في حياته أو مماته.
الاستدلال بالكتاب
وقد ورد بعضها على لسان الذكر الحكيم كقوله تعالى: «هُوَ اذُنٌ» كما مرّ، وقوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْييِ مِنكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْييِ مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهنَّ مَتَاعاً فَسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ... وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيماً ».
رواية النبي صلى الله عليه وآله وسلم
وبعض مصاديقها مذكور في الروايات كما روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم في ابنته فاطمة عليها السلام: «فاطمة بضعة مني، يؤذيني ما يؤذيها». وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «من آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله». وما روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم في الإمام علي عليه السلام: «من آذى علياً فقد آذاني». وكذا في الإمام الحسن عليه السلام. وأذية الرسول من الكبائر التي توعّد فيها في القرآن العذاب.
قول المحقق النجفي
قال المحقّق النجفي في عداد الكبائر: «وأما المعاصي التي وقع التصريح فيها بالعذاب... (ف) الخامس: أذية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ لقوله تعالى...».
بل أن إيذاء أهل البيت عليهم السلام حتى لو لم يتعنون بأنه إيذاء للرسول لا يجوز قطعاً.
المصدر: الموسوعة الفقهية، ج۱۹، ص۲۸۴-۲۸۵.