على غرار ما فعلته في محافظتي المهرة وسقطرى، حيث اتخذت من الشيخ القبلي عبد الله بن عيسى آل عفرار، نجل آخر سلاطين المهرة وسقطرى، وعضو هيئة الرئاسة في «المجلس الانتقالي الجنوبي»، مطية لخلق حاضنة شعبية مؤيدة لها في المحافظتين المذكورتين، عبر مد الرجل بالإمكانات والموارد اللازمة لاستمالة السكان، وتأسيس ميليشيات «النخبة المهرية»، تعيد الإمارات الكرة اليوم، ولكن في محافظة شبوة، حيث دفعت الأسبوع الماضي بزعيم قبيلة العوالق العليا، كبرى قبائل المحافظة، الشيخ عوض الوزير العولقي، للبدء في تنفيذ مخطط جديد يستهدف سحب البساط من تحت قدمي حزب «الإصلاح»، بالتوازي مع رفض أبو ظبي الانسحاب من منشأة بلحاف النفطية الاستراتيجية الواقعة على البحر العربي، وفقا لما كان متفقاً عليه بينها وبين السلطات المحلية، برعاية السعودية، واستعدادها لنقل عدد من الألوية التي انسحبت من الساحل الغربي إلى المحافظة النفطية.
وليست هذه المرة الأولى التي تحاول فيها الإمارات اختراق شبوة عبر شخصية منتمية إلى زمن السلاطين وصاحبة مكانة في المحافظة؛ إذ إنها سعت إلى تحقيق ذلك سابقا من خلال نجل الأمين العام السابق لحزب «المؤتمر الشعبي العام»، عوض عارف الزوكا، الذي قتل أبوه إلى جانب الرئيس السابق علي عبد الله صالح، في صنعاء في كانون الأول 2017.
وهو ما يتكرر اليوم مع قيادي بارز آخر في «المؤتمر»، بدأ، منذ الأيام الأولى لعودته إلى شبوة، سلسلة تحركات لاستقطاب مراكز القوى القبلية والسياسية، والتي تمكن من اجتذاب جزء منها إلى خطابه الداعي إلى «إنقاذ شبوة من حكم حزب الإصلاح وقبضته العسكرية»، واستعادة حقوق المحافظة المسلوبة.
وهو خطاب كرره في اللقاء القبلي الموسع الذي دعا إليه الثلاثاء المنصرم في مديرية نصاب، مطالبا بـ"تدخل أجنبي لاستعادة مديريات بيحان" من قوات الجيش واللجان الشعيبة، وممهلا سلطات «الإصلاح» في مدينة عتق أسبوعا واحدا للإفراج عن معتقلي «الانتقالي» وتحسين الخدمات، أو الاستقالة، متوعدا بطرد ميليشيات الحزب من شبوة.
وفي هذا الإطار، تكشف مصادر قبلية مطلعة، أن سلطان العوالق يسعى إلى تشكيل ميليشيا جديدة من أبناء القبائل تحت مسمى «المقاومة الشعبية»، بتمويل من أبو ظبي، لخوض المعركة ضد «الإصلاح»، وذلك بعد أن فشلت الإمارات في تشكيلها العام الماضي. إلا أن جهوده تلك قد لا تسْلم من التعثر مرة أخرى، في ظل الانقسام القبلي في شبوة، والممتدة جذوره إلى أيام السلطنات والمشيخات التي رعاها الاحتلال البريطاني.
وبموجب خريطة الانقسام تلك، يمثل عوض العولقي سلطنة العوالق العليا، فيما سلاطين آل باكازم يمثلون العوالق السفلى. وإلى جانبهم، تأتي قبائل الواحدي التي كانت سلطنتها من أهم السلطنات في شبوة، ويمتد نطاقها من حبان إلى بلحاف وعزان وبير علي. أما إمارة بيحان، فكانت إحدى الإمارات المستقلة عن السلْطنات الأخرى في المحافظة. وانطلاقاً من الحقائق المذكورة، برزت تحذيرات من إمكانية أن يسهم حراك العولقي في تعميق الانقسام المجتمعي والقبلي في شبوة، وأن يجر فتنة لا تحمد عقباها.
وجاءت هذه التحذيرات في وقت أعلنت فيه قيادة «الإصلاح» الاستنفار في أوساط ميليشياتها، وتشديد الإجراءات الأمنية في المدن والطرقات العامة، مطلقة موجة اعتقالات ضد الموالين للإمارات، ومتوعدة بـ«الضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه الاعتداء على ممتلكات الدولة أو استهدافها».