إذ دارت، خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، مواجهات عنيفة بين قوات صنعاء (يتقدمها هذه المرة أبناء مديريات مأرب المحررة) من جهة، وقوات هادي مسنودة بميليشيات حزب «الإصلاح» ومجاميع سلفية متطرفة استقدمت من المحافظات الجنوبية من جهة ثانية، احتدمت خصوصا في جبهة أم ريش الواقعة عند المدخل الجنوبي للمدينة، بعدما دفعت قوات هادي إلى استعادة المعسكر الذي كانت تستخدمه قيادة التحالف السعودي - الإماراتي في مأرب خلال الأشهر الماضية، كبديل من غرف عملياتها المدمرة في معسكر «تداوين» منذ منتصف العام الجاري.
إلا أن زحف قوات هادي لم يمكنها من العودة إلى منطقة أم ريش. في المقابل، تمكن الجيش واللجان الشعبية، على رغم إسناد قوات هادي جويا، من التقدم من أكثر من مسار عسكري، ليصلا إلى منطقة الأعيرف الاستراتيجية المطلة على نقطة الفلج، والتي تطل بدورها على منطقة الأشراف الواقعة في نطاق الأحياء الجنوبية لمدينة مأرب. وبسقوط منطقة الفلج، تكون قوات صنعاء قد فرضت سيطرتها على 90% من سد مأرب من كل الاتجاهات.
فشل التدخل السعودي الجوي والبري في الدفاع عن منطقة العمود القريبة من مدينة مأرب
وبحسب مصادر محلية، فإن المعارك لا تزال متواصلة في المنطقة الفاصلة بين أم ريش والبلْق الشرقي، حيث يقترب الجيش واللجان من مسارين، بعد تقدمهما إلى منطقة لظاه الموازية للبلْق، ومن اتجاه أم ريش. ولفتت المصادر إلى أن «هذا التقدم يمنح قوات صنعاء هامشا واسعا للمناورة وحسْم آخر سلسلة جبلية محيطة بمأرب، فضلا عن إنهاء سيطرة ميليشيات الإصلاح على نقطة الفلج العسكرية، حيث ارتكبت أبشع الانتهاكات ضد اليمنيين المارين على طريق صنعاء - حضرموت».
كذلك، تمكنت قوات صنعاء من السيطرة على منطقة العمود الاستراتيجية، بعد فشل التدخل السعودي الجوي والبري في الدفاع عن المنطقة التي تضم المركز الديني الجديد للداعية السلفي يحيى الحجوري، صاحب «مركز دماج» في صعدة، والذي غادر قبل أكثر من شهر محافظة المهرة رافضا القتال.
وأكدت مصادر قبلية، في هذا الإطار، أن «قوات صنعاء أسقطت عسكريا منطقة العمود القريبة من مدينة مأرب بعد 72 ساعة من المواجهات العنيفة»، فيما أرجع مقربون من قوات هادي سقوط «مركز السلفية الجهادية» الجديد في مأرب، والذي استحدث قبل عامين في منطقة العمود بتمويل خليجي، إلى «التفاف عسكري نفذه الجيش واللجان، مكنهما من السيطرة على عدد من المواقع الاستراتيجية في وادي ذنة بعد إنهاء قوات هادي الهدنة في الوادي، الجمعة، ومن التقدم من ثلاثة مسارات في اتجاه المنطقة، لتقع قوات هادي في حصار، وتلوذ بالفرار من آخر المسارات المتاحة صوب مأرب، مخلفة وراءها عتادا عسكريا حديثا».
في موازاة ذلك، تصاعد الحراك القبلي على خط صنعاء - مأرب، إذ شهدت العاصمة اليمنية توافد المزيد من رجالات ومشايخ مديرية العبدية، ومعهم زعماء قبائل من الجوبة، حيث لاقوا استقبالا رسميا وشعبيا لافتا في منطقة سنحان، أعقبه لقاء عبر دائرة تلفزيونية، جمعهم إلى زعيم حركة «أنصار الله»، السيد عبد الملك الحوثي، الذي وجه بالإفراج عن 52 أسيرا من أبناء المديرية، داعيا الجهات الحكومية إلى تقديم كل الخدمات للمديريات المحررة والتي تعرضت لـ«عقاب جماعي» تمثل في قطْع الكهرباء ووقْف رواتب موظفي الدولة من قبل سلطات حزب «الإصلاح» في مأرب.
وبعد يومين من هذا اللقاء الذي أكدت على إثره قبائل العبدية انضمامها إلى قوات صنعاء، داعية قبائل عبيدة في مديرية الوادي إلى التعاطي الإيجابي مع مبادرة صنعاء، أعلنت هذه القبائل، أول من أمس، انقلابها على سلطة «الإصلاح» في مأرب، مؤكدة التزامها الحياد في المعركة الدائرة في محيط المدينة.
وقالت، في بيان، إنها لن تسمح لأي طرف من أطراف الصراع بتحويل قراها ومزارعها إلى ساحة قتال، محذرة «الإصلاح» من جر الحرب إلى مناطقها ومساكنها والتأثير على أمن وسلامة مديرية الوادي. وأثار بيان قبيلة عبيدة إرباك سلطات الحزب الإخواني في مأرب بقيادة المحافظ سلطان العرادة، الذي دعا إلى انعقاد اللجنة الأمنية العليا لتدارس الأمر، محاولا توجيه رسائل إلى القبائل التي انضمت إلى سلطات صنعاء، عبر الاستنجاد بميليشيات الإمارات، وعلى رأسها ميليشيات طارق صالح في الساحل الغربي.