طرْح المسودة في هذا التوقيت، جعلها محلّ نقد، ما اضطر الناطق الرسمي باسم «تجمّع المهنيين»، مهند مصطفى النور، لتسجيل رسالة عبر صفحة «التجمع» في «فايسبوك»، لتوضيح بعض النقاط التي خلقت بلبلة بين قوى الانتفاضة، بخاصّة تلك الداعمة لرئيس الوزراء المُقال، عبد الله حمدوك.
واعتبر المعترضون أن البند الثاني من المقترح، والذي ينصّ على «اختيار شخصية وطنية مستقلّة لرئاسة مجلس الوزراء من قِبَل القوى الموقّعة على الإعلان السياسي وميثاق استكمال ثورة ديسمبر»، فيه «تجاوز للرمزية المدنية» التي يمثّلها حمدوك.
وعلى خلفية الانتقادات، سارع «التجمّع» إلى اعتبار المقترح موجّهاً لـ«قوى الثورة وفعالياتها للتداول والنقاش فقط»، مظهّراً ذلك في ديباجة توضيحية مُلحقة، أشارت إلى أنه جرى التوصُّل إلى «مسودة الإعلان السياسي المُقترح» بعد نقاش مع عدد من الشركاء في «لجان المقاومة والكيانات المهنية والنقابية والأجسام المطلبية والمنظّمات المدنية والفئوية، بغرض نقل العمل الجماعي درجةَ إلى الأمام».
ولفت إلى أن المقترح «يتمتّع بالمرونة اللازمة لإدخال التعديلات... والوصول إلى صيغة تحظى بقبول معظم مكونات قوى الثورة».
في المقابل، رأت الباحثة السياسية، علوية السماني، في مسودة الإعلان السياسي «نقلة نوعية في العمل السياسي والثوري»، لافتةً إلى أنه مع استحالة المضيّ قُدُماً في الشراكة بين المكوّنَين المدني والعسكري، فإن ذلك يرتب «أوضاعاً جديدة، أوّلها إعادة النظر في الوثيقة الدستورية التي أنتجت شراكةً أفضت لاحقاً إلى الانقلاب».
برأيها، يمثّل هذا الأمر «لبّ الإعلان السياسي المقترح، كونه متّسق تماماً مع شعارات المحتجين (لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية)»، وهو ما عبّر عنه البند الأوّل من مقترح إعلان «التجمُّع»، والذي نصّ على «حماية واستكمال الانتقال المدني الديموقراطي بالمقاومة السلمية لانقلاب المجلس العسكري... وتشكيل سلطة انتقالية مدنية خالصة ملتزمة بأهداف ثورة ديسمبر تمتد لأربع سنوات. وإلغاء الوثيقة الدستورية».
أمّا البند الثاني، فأوضحت السماني أنه الأكثر إثارة للجدل، إذ عارضه كثيرون باعتباره تخلٍّ عن رئيس الوزراء المُقال، إذ نصّ على «اختيار شخصية وطنية مستقلّة لرئاسة مجلس الوزراء من قِبَل القوى الموقّعة على الإعلان السياسي ... واختيار مجلس وزراء لا يتجاوز العشرين عضواً من كفاءات وطنية ملتزمة وذات موقف سياسي ووطني متّسق مع ثورة ديسمبر وأهداف التغيير الجذري، من دون محاصصة حزبية ... وأن تتوافق القوى الموقِّعة على الإعلان والميثاق، على اختيار مجلس سيادي مدني مصغّر لا يتجاوز الخمسة أعضاء بصلاحيات تشريفية».
تفاصيل الإعلان
تتضمّن بقية بنود المقترح، الآتي:
- تشكيل برلمان من 189 مقعداً، 61 منها تخصّص للتمثيل النوعي خلال شهرين.
- إعادة هيكلة القوات المسلحة وتغيير عقيدتها لتتماشى مع دورها في حماية الوطن والدستور، على أن يكون رئيس الوزراء هو القائد الأعلى لها.
- تصفية جهاز الأمن التابع للنظام السابق وتأسيس جهاز جديد مهمّته جمْع المعلومات وتحليلها، وحلّ ميليشيات «الدعم السريع» وغيرها من الجماعات والحركات المسلّحة.
- مراجعة كل الجرائم التي ارتُكبت بحقّ المواطنين بواسطة مختلف قوى النظام البائد منذ 30 حزيران 1989، ويمتدّ ذلك ليشمل جرائم المجلس العسكري ما بعد 11 نيسان 2019.
- وضع دستور ديموقراطي متوافَق عليه يؤسِّس لدولة المواطَنة والتعدّد واحترام حقوق الإنسان.
- تنظيم انتخابات في نهاية الفترة الانتقالية.
- إدارة حوار جادّ حول قضايا السلام داخل السودان بمشاركة كل الأطراف.
- التأكيد على مشاركة الشباب والنساء في كل المجالات.
- وضع السودان على طريق الكفاءة الاقتصادية والتنمية المتوازنة وفق سياسة اقتصادية وطنية تلعب فيها الدولة وقطاعها العام دور توجيه الموارد لدعم الإنتاج والمنتجين.
- انتهاج سياسة خارجية ذات سيادة واستقلالية، تكون مصالح المواطنين هي ركيزة علاقاتها مع الدول من موقع الندية وتبادل المنافع والتفاعل الإيجابي مع تطلعات الشعوب للحرية والسلام.
ورأى الناشط السياسي والحقوقي، نور الدين عبد القادر، في حديث إلى «الأخبار»، أن «محتوى مسودة الإعلان السياسي المقترح جيّد، لكنه يحتوى على بنود خطيرة للغاية»، مِن مِثل تمديد الفترة الانتقالية على أربعة أعوام، لافتاً إلى أن تجاوز رئيس الوزراء المعتقل حالياً، والذي يحظى بإجماع محلّي ودولي لافتَين، والإشارة إلى شخصية مستقلّة، فيه «غباء سياسي لأنه يرسل رسائل خاطئة، وهذا ما حدث بالفعل حيث اكتفى كثيرون بهذه الفقرة، ولم يكملوا قراءة بقية نصوص الإعلان، واعتبروا أن المقترح يخدم الانقلابيين».