بسم الله والحمدلله الذي جعلنا من أهل ابتغاء مرضاته بالتمسك بعروته الوثقى وحبله المتين، قرآنه المبين واهل بيت حبيبه سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وآله الطاهرين.
سلام من الله عليكم ايها الاخوة والاخوة ورحمة منه وبركات.
اطيب تحية نهديها لكم ونحن نلتقيكم في حلقة اليوم من هذا البرنامج، نتابع فيها –بعون الله- التعرف الى آداب الصورة الفضلى لتلاوة القرآن الكريم من خلال التأمل في فقرات الدعاء الذي يستحب تلاوته قبل قراءة ما تيسر من الذكر الحكيم والمروي عن مولانا الامام الصادق –عليه السلام-.
جاء في المقطع الثاني من هذا الدعاءالشريف قوله –صلوات الله عليه-:
"اللهم نشرت عهدك وكتابك، اللهم فاجعل نظري فيه عبادة، وقراءتي فيه تفكراً وفكري فيه اعتباراً، واجعلني ممن اتعظ ببيان مواعظك فيه، واجتنب معاصيك، ولا تطبع عند قرائتي كتابك على قلبي ولا على سمعي ولا تجعل على بصري غشاوة، ولا تجعل قراءتي قراءةً لا تدبر فيها، بل اجعلني اتدبر آياته واحكامه آخذاً بشرايع دينك، ولا تجعل نظري فيه غفلة ولا قراءتي هذراً، انك أنت الرؤوف الرحيم".
مستمعينا الاطائب، انتهى بنا الحديث الى فقرة "اللهم فاجعل نظري فيه عبادة"؛ فما الذي نستفيده منها؟
في الاجابة عن هذا السؤال نقول اولاً: ان الاحاديث الشريفة صرحت باستحباب النظر الى القرآن الكريم والى صحائفه وكلماته، فمثلاً روى الشيخ الطوسي في كتاب الامالي مسنداً عن الصحابي الجليل ابي ذر الغفاري –رضوان الله عليه- قال: "سمعت رسول الله –صلى الله عليه وآله- يقول:
النظر الى علي بن ابي طالب عبادة، والنظر الى الوالدين برأفة ورحمة عبادة والنظر في الصحيفة –يعني صحيفة القرآن- عبادة، والنظر الى الكعبة عبادة".
كما صرحت الاحاديث الشريفة بان النظر الى القرآن عبادة حتى من غير قراءة، كما صرحت بان تلاوته بالنظر الى كلماته أفضل حتى للحافظ له فمثلاً روي في كتاب الكافي مسنداً عن اسحاق بن عمار انه قال للامام جعفر الصادق –عليه السلام-:
جعلت فداك، اني احفظ القرآن على ظهر قلبي فاقرؤه على ظهر قلبي أفضل او انظر في المصحف؟
فاجاب الامام –عليه السلام-:
"بل اقراه وانظر في المصحف فهو أفضل، اما علمت ان النظر في المصحف عبادة".
ايها الاخوة والاخوات، وقد هدتنا الاحاديث الشريفة الى عدة من آثار التعبد لله عزوجل بالنظر في المصحف الشريف، منها دحر الشيطان الرجيم اي ابعاد وساوسه عن قارئ القرآن ومنها تقوية نعمة البصر والشعور بالراحة النفسية، بل ومنها آثارٌ مباركة تعود على والدي قارئ القرآن، فمثلاً روى الشيخ الصدوق في كتاب (ثواب الاعمال) عن رسول الله- صلى الله عليه وآله- أنه قال:
"ليس أشد على الشيطان من القراءة من المصحف نظراً"
كما روى الشيخ الصدوق في الكتاب نفسه بسنده عن الامام جعفر الصادق صلوات الله عليه أنه قال:
"من قرأ القرآن في المصحف نظراً متع ببصره وخفف عن والديه وان كانا كافرين"مستمعينا الافاضل، ولعل في قول الامام الصادق –عليه السلام-: "من قرأ القرآن في المصحف نظراً متع ببصره" اشارة الى ان للنظر الى كلمات المصحف الشريف أثناء التلاوة يذيق القارئ لذة خاصة من رشحات انوار الكلام الالهي المبارك.
وعلى أي حال فان عبارة "اللهم فاجعل نظري فيه عبادة" تعلمنا فيما يرتبط بآداب الصورة الفضلى لتلاوة القرآن الكريم، ان نطلب اولاً من الله عزوجل أن يرزقنا النية الخالصة في تلاوة كتابه، ان نتلوه قربة اليه عزوجل بل وأن ننظر لكلمات القرآن قربة اليه تبارك وتعالى لكي يكون نظرنا وقراءتنا اليه عبادة خالصة.
وثانياً تتضمن هذه العبارة اشارة الى لزوم ان نلتفت الى لزوم ان نحقق في انفسنا سائر الآداب المطلوبة في العبادة الخالصة ونحن نتلو الآيات القرآنية الكريمة مثل الخشوع والتعظيم وحفظ حرمة ما نقرأ.
ايها الاخوة والاخوات، ما تقدم هو ما نستفيده من العبارة المتقدمة اذا اخذنا مفردة (النظر) بمعنى الرؤية البصرية، وثمة درس آخر نستفيده من هذه العبارة اذا اخذنا بالمعنى الثاني لمفردة (النظر) وهو المعنى المعنوي الدال على التأمل والتفكر، وهذا ما نتناوله باذن الله وتوفيقه في الحلقة المقبلة من برنامجكم (ينابيع الرحمة)، نشكركم على طيب المتابعة ولكم دوماً من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران خالص الدعوات دمتم في رعاية الله آمنين والحمدلله رب العالمين.