السلام عليكم اخوتنا واخواتنا ورحمة الله وبركته، اهلاً بكم ومرحباً في لقاء اخر من هذه اللقاءات المباركة ببركة ذكر ألطاف الله الخفية والجيلة بعباده وخلقه، والمباركة ببركة ذكر اولياء الله الذين جعلهم الله وسيلة لخلقه اليه وارتضاهم شفعاء ستشفعون بهم اليه ويقدمونهم بين يدي حاجاتهم الى الله سبحانه وتعالى عنوان قصة هذه الحلقة ـ اعزاءنا ـ هو:
قدح من خلال النور
نستمع اليها معاً:
المريضة المعافاة: راضية اليعقوبي. من مدينة بروجرد الحالة المرضية: سرطان الكليتين تاريخ الشفاء مايس ۱۹۸۹.
تعالين يا بنات ادخلن الهواء بارد لا تمرضن فتحت نافذة اطلت منها امرأة على راسها منديل، وهي تنادينا بهذه الكلمات اما نحن فلم نهتم بما قالت. كنا نمسك يداً بيد ولا نهتم بشيء. واقفات على شكل دائرة ننشد نشيداً بسرور لا حد له. المطر اذي كان ينزل قد بلل ثيابنا.. واصواتنا المرحة تملأ الزقاق.
ولما اخذ المطر يشتد ونقعت ثيابنا.. جرينا باصوات صاخبة، نحو البيت الذي كانت المرأة قد نادتنا من نافذته لا فرق .. اكانت تلك المرأة امي او ام الاخريات .. سواء كان بيتنا ام بيت سوانا. نجفف ثيابنا قرب المدفئة ونشرب الشاي الذي قدم لنا. هكذا كنا دائماً. وكان هذا دأبنا كلما امطرت السماء.
السماء تمطر حبات المطر تضرب زجاج النافذة بايقاع متناغم محبب، ويختلط صوتها باصوات مياه الميازيب ..وانا وحيدة مرهقة متمددة على سرير المستشفى في عيوني مطر .. وتفكيري يذهب الى البعيد: الى تلك الايام الجميلة زخات المطر الربيعي.. ابتلال الثياب.. الاناشيد الجماعية.. والجري تحت المطر. ترى ما الذي بقي لي من تلك الايام الحلوة غير ذكرى خرساء وشبح لصديقاتي اللاتي لابد قد طالت قاماتهن الان وكبرن؟!
ما اشد شوقي اليهن! اغمض عيني .. واحاول ان اتذكر. احاول ان استحضر في ذهني صورة كل واحدة منهن. اتسمع الى اصواتهن مع ايقاع الميزاب والمطر يقرأن الاناشيد. كم هن سعيدات ومرحات.
احد سمعي، اريد ان استمع الى الاصوات: كأن هذا صوت رقية، طاهرة حوراء، سمر.. وانا! صوت تصفيقهن يموج في اذني مختطلاً بصوت المرأة التي تنادينا: بنات .. يا بنات، تعالين ادخلن. الهواء بارد.. لا تمرضن راضية يا راضية الصوت صوت امي افتح عيني اراها جالسة عند راسي تتطلع بنظراتها الي.
هل نمت؟ لا يا ماما.
تضع كفها الرقيقة على كتفي تنحني وتقبل وجهي: اليوم تخرجين من المستشفى الدكتور قال ان حالتك افضل كثيراً اخذك الى البيت بعدها نذهب في سفرة اين؟
انا اسأل، وتبتسم امي قائلة: الى اين تحبين ان نسافر؟
افلتت مني ضحكة بلا اختيار: واضح الى مشهد.
كل انتباهي متوه اليها. لما استيقظت من النوم.. اخذت تنظر حواليها وهي مدهوشة العرق يغطي رأسها ووجهها. ترتعش مدت يدها الى الحبل المعقود حول عنقها فانحلت عقدته. قامت من مكانها مضطربة نظراتها تتنقل هنا وهناك بلا هدف وعندما رأتني هدأت قليلاً انفرجت شفتاها عن ابتسامة لطيفة.. وضحكت بصوت مسموع. تحولت ضحكها الى بكاء اقتربت مني وجلست ملاصقة لي: اين امي؟
احتضنتها وسألت: شفيت.. أليس كذلك؟
هزت رأسها وقالت: رأيت رؤيا رؤيا عجيبة..
منذ سبعة ايام وانا دخيلة شفيت في هذه المدة اثنتان، احداهما هذه الصبية الجالسة الى جواري، ,الاخرى امرأة شفيت البارحة، يقال: عندها سرطان.. مثلي لكنها حصلت على العافية وذهبت هي ايضاً رأت رؤيا. لكن انا لماذا لا يأتيني الامام في المنام؟! اذا جاءني في المنام فسوف اتعلق بثيابه، ساقع على قدميه، ساحكي له ما فعل بي السرطان. واحدة من الكليتين توقفت عن العمل تماماً، والثانية قد تلفت ساحكي له ما اعانيه من اوجاع في كل مرة اذهب فيها لتصفية الدم بالجهاز، وسأرجوه ان يشفيني.
حمائم تحلق عالياً فوق رأسي.. وتختفي وراء منارات الحرم. تهب نسمة عذبة تقع عيني على امي التي احضرت لي الان كاسة ماء جاءت بها من المشربة التي تتوسط الصحن الكبير. لكني لست عطشانة.
خذي الماء شفاء.
صوت من تكلم معي؟! امي؟! لكن امي ما نطقت بحرف! ادرت وجهي ففاجأ عني نور. نور يأتي من جهة الضريح ثم قدح من خلال النور.. رش الماء على وجهي رش الماء مرة، مرتين، عدة مرات.. حتى نقت بالماء. هزتني امي وهي في حيرة:
راضية .. راضيية! ماذا حدث افيقي يا ابنتي.
افقت كانت السماء تمطر.. وقد تبللت ونقعت امي لفتني ببطانية وضمتني اليها.. وحملتني الى داخل الروضة.
ماذا بك يا راضية؟ هل رأيت رؤيا؟
ها.. ماما. رأيت رؤيا. رؤيا عجيبة.
كم احب ان انام مرة اخرى وارى الرؤيا .. ومرة اخرى ترش عليَّ الماء تلك اليد النورانية من قدح النور. اطبق جفني من جديد، وانا اهمس بصوت خفيض: ليتك لم توقظيني يا ماما!.
نحن معاً رفيقات العب القديم: نمسك يداً بيد في دائرة، وننشد نشيداً بمرح وسرور. نشيد المطر.. وتفتح النافذة ايضاً، فتطل منها امرأة على رأسها منديل: يا بنات .. تعالين ادخلن..
صوت امي . افتح عيني امي واقفة امامي، ومعها كل رفيقات اللعب القديم كلهن يضحكن لي بفرح وابتهاج كل واحدة حملت في يدها وردة قدمتها لي:
زيارتك مقبولة يا راضية.
آخذ الورد واضحك لهن وضعت امي الورد في مزهرية عند النافذة وفي الخارج كان المطر ينزل صوت حبات المطر التي تداعب زجاج النافذة يختلط بصوت الميزاب محدثاً نغمة جميلة محببة.
الختام
تقبل الله جميع باداتكم وزيارتكم لاوليائه وتقربكم بهم اليه عز وجل وتقبل الله توسلكم بهم عليهم السلام وبمودتهم وطاعتهم فهم سفن النجاة الموصلة الى ساحل العفو الالهي والقرب الالهي.
ختاماً نشير الىان المريضة المعافاةالتي نقلنا قصة شفائها في هذه الحلقة هي الاخت راضية اليعقوبي من اهالي مدينة بروجرد، وتبين وثائق حالتها المرضية انها كانت مصابة بمرض سلطان الكيتين وفي حالة متقدمة منه لا يرجى الشفاء منها، وقد عوفيت بصورة كاملة ببركة التوسل الىالله بوليه الرضا عليه السلام، في شهر مايس من عام ۱۹۸۹ ونشرت كرامة شفائها بتاريخ كانون الثاني سنة ۱۹۹٤. رزقنا الله واياكم المزيد من مودة اولياء الله عز وجل والمزيد من طاعتهم والتخلق باخلاقهم والتقرب اليه بهم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******