السلام عليكم احباءنا ورحمة الله وبركاته اهلاً بكم ومرحباً في حلقة اخرى من هذه الباقة المباركة من قصص الفائزين بالشفاء ببركة التوسل الى الله بالامام الرؤوف علي بن موسى الرضا عليه السلام.
عنوان هذه الحلقة هو: اين مشهد يا ماما... وهي قصة الاخت الكريمة زهرة رضائيات من اهالي مدينة الامام الخميني جنوبي ايران، وقد وقعت لها هذه الكرامة وهي بنت ست سنوات ورزقت الشفاء من مرض سرطان الدم من النوع الكامل بعد ان دعاها الامام الرضا في منامها الى زيارته لكي يشفيها.
نشرت اصل القصة مجلة حرم الايرانية في عددها الثامن والثلاثين الصادر في ايلول سنة ۱۹۹٦.. نستمع لرواية هذه الكرامة:
امواج الايدي المتدافعة تحمل الصبية كأنها طير صغير على امواج بحر متلاطم النسوة الحاضرات يزغردن والرجال المتجمهرون لمشاهدة ما حدث ينظرون الى الصبية بعيون مبتلة بالدموع السماء اشد زرقة من أي وقت مضى واشد زرقه من البحر.
وضعت المرأة فنجان الشاي امام زوجها وراحت تسأله: ماذا قال الطبيب؟
نظر الرجل اليها نظرة تعبء وقال: ينبغي ان نأخذها الى المختبر.
فزعت المرأة وندت منها صيحة: ما الذي اصاب ابنتي؟
قال الرجل وهو يحتسي فنجان الشاي: اذكرك الله يا امرأة.
في تلك اللحظة حضرت الصبية ووقفت عند باب الغرفة، والقت على والديها السلام رشف الرجل اخر رشفة من الشاي وضحك للصبية: عليك السلام يا بنيتي اين كنت لحد الان؟
دنت الصبية من ابيها والقت نفسها في احضانه مسندة شعرها المتموج الطويل على عضده: ذهبت الى الشاطئ.
داعب الاب شعر ابنته ومنحه قبلة وجالت في عينه قطرة دمع انحدرت بهدوء على وجنته.
فات الاوان كثيراً لا يمكن عمل شيء لا نستطيع ان نعمل أي شيء.
قال الطبيب هذا بعد ان لاحظ بدقة كل نتائج الفحوصات والاختبارات ثم اطرق براسه الى الارض. صاح الرجل وانهارت المرأة تبكي وحاول الطبيب ان يهدئ من روعهما: الله رحيم لافائدة من الجزع ليكن توكلكم على الله. تمالك الاب نفسه وقال: ما رأيك لو نأخذها للعلاج في طهران؟
وضع الطبيب يده على كتف الاب وقال: لا يخلو من فائدة فربما ساعد الله فاستطاعوا ان يعملوا شيئاً.
تهالكت المرأة على الارض وارتفعت زعقاتها فوضع الرجل كفه تحت عضدها وانهضها: تصبري يا أمرأة تصبري.
انه هو نفسه يعلم ان الصبر صعب كيف يمكن الصبر على مثل هذه الكارثة؟
هبت نسمة هواء داعبت ستارة النافذة فملأت الغرفة رائحة الرطوبة والمطر الصبية بوجهها الشاحب النحيل راقدة على السرير وعلى شفتيها الجافتين الزرقاوين ابتسامة باهتة فتحت عينيها بهدوء ثم حاولت الجلوس على مهل حتى جلست على السرير وكأنها تتابع بنظرها احداً في الغرفة وهي تبتسم له.
النسيم ازاح الستارة الى جانب من النافذة اطلت اشعة الشمس الذهبية ـ بعد عتمة الغيوم ـ والقت شعاعاً على وجه الصبية اغمضت الصبية عينيها، ورفعت يديها الى السماء واطلقت صيحة من اعماق القلب حضرت الام مضطربة فاحتضنت الصبية امها وهي تقول: مشهد اين مشهد يا ماما؟
كانت حافلة الركاب تغذ السير متجهة نحو الشرق البعيد حينما ارتفع في داخلها صوت الركاب بالصلاة على محمد وآل محمد اشار الاب بيده ليرى ابنته نقطة معينة على البعد: هناك يا ابنتي تلك هي القبة والمنارة.
الصقت الصبية رأسها بصدر ابيها وانت بصوت خفيض: يعني اشفي يا بابا؟
تأوه الا وهمس: ان شاء الله ان شاء الله يا ابنتي.
اما الام فقد وضعت كفيها على صدرها احتراماً ومن مكانها بدأت بالسلام على الامام وتمتمت هامسة: ايها الامام الرضا ايها الامام الرضا ادركني لم تكن الصبية قد رأت من قبل مثل هذه الجموع المتحشدة في مكان واحد كلهم مشغولون بالدعاء والمناجاة رافعين ايديهم الى السماء المكان كله هيبة وجلال ونور ومعنوية شدت الام طرف حبل في عنق الصبية، واوثقت طرفه الاخر في الشباك الفولاذي وجلست في جوارها تتضرع وتبوح بآلام القلب كانت الصبية تنظر حولها الى الوجوه المكروبة المتعبة لهؤلاء المرضى الذين جاءوا مثلها الى هنا يحدوههم الام والرجاء تخشع الصبية وتنخرط في بكاء خافت طويل: يعني ممكن ان يتفضل علي الامام بالشفاء؟ الامام نفسه كان قد اراد منها ان تأتي الى مشهد فلابد ان هناك املاً من وراء هذا المجيء.
بكت الصبية حتى اخذها النوم، وضعت الام رأس الصبية على ركبتها، وارسلت نظراها من بين فتحات الشباك الفولاذي الى الضريح وراحت تتوسل وتبث الهموم حين افاقت الصبية كانت الام قد غفت ونامت وكان الاب على مقربة يقرأ في كتاب الزيارة مقابل الشباك العريض مدت الصبية يدها الى الحبل المشدود الى عنقها والى الشباك واخذت تسحبه على مهل فهوى طرفه المعقود بالشباك على الارض لقد انحلت عقدة الحبل وسقط فهل تكون قد بلغت المراد؟ وبدون اختيار انطلقت منها صيحة عالية افاقت الام من النوم وهرع الاب مقبلاً وتعالت اصوات النساء بالزغاريد وتسمر العابرون في اماكنهم ينظرون تحلقت الجموع حول الصبية التي وجدت نفسها ترفع على الاكف ووقعت الام قرب الجدار في حالة اغماء فاضت الدموع في العيون واندفع الاب تلقاء الجموع المنفعلة بهذه الكرامة الرضوية فانتزع ابنته واحتضنها راكضاً لا يلوي على شيء ومضى بها الى داخل الروضة الشريفة ولما جلس في مقابل الضريح المقدس وضع ابنته على الارض وخر في سجدة شكر وكان ثمة عطر روحي عجيب يغمر المكان وراح يناجي الله بصوت حنين يناجي بهذه الكلمات (اللهم صل على علي بن موسى الرضا المرتضى عبدك ووليك القائم بدينك والداعي الى دينك ودين آبائه الصادقين صلاة لا يقوى على احصائها غيرك) وحين فتحت الام عينها .. كانت ابنتها امامها تضحك حمائم الحرم الرضوي تحلق في الفضاء وكانت السماء اشد زرقة من أي وقت مضى واشد زرقة من البحر.
*******