طوبى لمن زار الغريبة فاطمة
اخت الرضا وبضعة البتول
طوبى اذ زارها مودةً لعترة الرسول
وطاعة لدعوة الجليل
مسبحاً في الفجر والاصيل
من زارها طوبى له زيارة الجنان
يتحفه - لفضلها- الرحمان... بالروح والريحان
اخت الرضا من زارها... يعرف حقاً حقها...
مسبحاً لربها... وباكياً لخطبها زار العقيلة زينبا... زار الحسين
من زارها بجذبة من حبها.... عبادةً لربها...
وموقنا بفضلها.... وحافظا حضورها زار الائمة كلهم والمرسلين
والمصطفى سيدهم وجدها الامين
زار الملائكة الكرام
فلهم بروضتها مقام
وهي التي تزورها مواكب العلياء
طوبى له هدية السماء
*******
السلام عليك يا فرع الشجرة النبوية والدوحة العلوية والروضة الفاطمية والسخاوة الحسنية والسماحة الحسينية أخت الرضا يا فاطمة بنت موسى بن جعفر ورحمة الله وبركاته.
زيارة قبور ومراقد ومشاهد ضمت في كنفها نبياً مرسلاً، أو وصياً طاهراً، او ولياً صالحاً، او واحداً من ذرية العترة النبوية الطاهرة، أو عالماً من العلماء. وكانت الصلاة لدى تلك القبور والمراقد والأضرحة، والدعاء عندها والتبرك. بمسها والتوسل الى الله تعالى بها... من المتسالم عليه بين جميع المسلمين، حتى ساروا على امتداد تاريخ الاسلام على تلكم السنة الجارية. وذلك موافق للفطرة البشرية حتى قال الشاعر:
زر من تحب وان شطت بك الدار
وحال من دونه ترب وأحجار
لا يمنعنك بعد عن زيارته
ان المحب لمن يهواه زوار
وقد أجمع أئمة المذاهب الاسلامية على استحباب زيارة قبور الأولياء، لما ورد في السنة الطاهرة المتفق عليها من الأمر بزيارة القبور، والحث على اتيانها، واتفقت آراء اعلام الامة وعلمائها على الفتيا بمفاد ذلك، لما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله في كتب المسلمين قوله: ألا فزوروا القبور، فانها تزهد في الدنيا وتذكر الآخرة.
من اراد ان يزور قبراً فليزره، ولا يقل الا خيراً، فإن الميت يتأذى منه مما يتأذى منه الحي.
وهناك نصوص والفاظ كثيرة دونها علماء المذاهب في زيارة القبور، تخبرنا ان الزائر بوسعه ان يزور الميت ويدعو له، وأن يذكر فضائله ومناقبه ما يستوجب له الرحمة، ثم يتوسل مستشفعاً بالصالحين من الموتى في قضاء حوائجه ومغفرة ذنوبه. وقد أفرد العلامة الاميني في كتابه القيم (الغدير) فصلاً مشبعاً حول زيارة القبور لدى جميع المذاهب اذ تقول باستحبابها، وعلى ذلك وقع التسالم بين المسلمين في القرون السالفة، للاجماع المتحقق علي استحسان هذا الفعل وقطعية صدوره في السنة النبوية الشريفة.
اخوتنا الأكارم... لما كانت زيارة قبور الشهداء والصديقين والصالحين والعلماء من الأعمال المشروعة، فما ظننا بعد بزيارة مشاهد العترة النبوية الطاهرة؟ وزيارة قبور عقائل الرسالة، ومراقد ذراري بيت الوحي؟
وهم اولاد رسول الله صلى الله عليه وآله، ولهم شرف الانتساب اليه، وشرف السبق الى الايمان، وفضيلة قوة التمسك بالدين والتضحية في سبيله، والثبات على العقيدة، وقد نشأوا في أجواء القرآن الكريم وسنة المصطفى وموضع الرسالة ومربع المعرفة والهدى والتقى والعبادة والفضيلة.
أجل ... وهم نسل النبي وسلالته وأولاده... حيث لحمهم لحمه، ودمهم دمه، وكان من تلك الذرية الطيبة الصالحة مولاتنا السيدة فاطمة المعصومة كريمة آل البيت، وبنت الامام موسى بن جعفر الكاظم عليهم السلام. وقد جعل الله تعالى هذا الامتداد المبارك باباً الى رحمته، وسبباً للطفه ورعايته، اذا كثرت الذنوب وتعسرت المطالب والحوائح.
اذا أزمة زادت، وكرب تكاثرت
مصائبه... والخطب عمت نوائبه
وضاق الفضا في صدم نازلة القضا
وضاقت على العبد الضعيف مذاهبه
فأبواب أولاد الرسول بها الرجا
بحامل هم باعدته أقاربه
هم النعمة العظمى... هم الغوث للورى
هم الغيث لكن لا تغب سواكبه
هم الحبل للطلاب في كل وجهة
هم البحر لكن لا تعد عجائبه
هم البيت بيت الأمن والمجد والتقى
وبالعسكر الغيبي حفت جوانبه
هم روح جسم الكون... بل نور عينه
تشرف فيهم شرقه ومغاربه
نلوذ بهم والقلب أودى به الضنى
من الهم والغم المقرح غالبه
اخوتنا الاحبة... كتب العالم السني المعروف نور الدين السمهودي صاحب كتاب (جواهر العقدين) يقول في الحقيقة لا يعد من المؤمنين من لم يجد رسول الله صلى الله عليه وآله وكذا ذريته أحب اليه وأعز عليه من أهله وولده والناس أجمعين. ثم قال السمهودي: ومن علامة محبة المرء المسلم للنبي محبته لذريته واكرامهم، وعلمه ان نطفهم طاهرة، وأنهم ذرية مباركة.
اجل- أيها الاخوة المؤمنون- وكلنا يعلم أن من الذرية النبوية الطاهرة المباركة: فاطمة بنت الامام موسى الكاظم عليه وعليها السلام، وقد وردت روايات صحيحة جمة في فضل زيارتها وثواب الحضور في مشهدها في «قم»، وأن من ثواب زائرها وهو مؤمن موال عارف بفضلها ومقامها ان يحظي بالجنة كما ورد استحباب زيارة المشاهد المنسوبة الى أولاد الائمة الهداة عليهم السلام وتعظيمها، ففي تعظيمها تعظيم للائمة وتكريم لهم.
وقد عقد العلامة المجلسي في سفره الكبير (بحار الانوار) باباً خاصاً في زيارة السيدة المكرمة فاطمة المعصومة عليهما السلام، ومن قبله ثبت هذه الزيارة الشيخ المفيد في كتابه المزار والشيخ الصدوق وابن قولوية في الكامل وغيرهم من المحدثين.
وهذه كرامة اخرى نختارها لكم في سجلات الكرامات الالهية التي ظهرت ببركة التوسل الى الله عزوجل بهذه الفاطمية الزكية (سلام الله عليها) تنبهنا الى حقيقة ان الطاف وبركات اهل البيت عامة تشمل الجميع مسلمين وغير مسلمين.
فهي ترتبط بأمراة مسيحية هدتها رعاية السيدة المعصومة الى نور الاسلام، وهي السيدة (نانسي) من اهالي طهران وقد نشرت مقابلة معها بشأن ما جرى لها مجلة (زن روز) الايرانية على مدى ستة من اعدادها الصادرة شهري آذار ونيسان سنة ۱۹۸۳.
وملخص ماجرى لها هو أنها عانت كثيراً من المصاعب بعد زواجها لأن وفاة والدي زوجها في حادث طريق ثم وفاة اخية (رامان) وزوجته في حادث مماثل اضطرها الى التكفل بأدارة عائلة كبيرة تشمل اضافة الى اولادها هي اخوة زوجها واولاد اخيه الصغار.
وبسبب هذه الصعاب وكثرة مسؤولياتها العائلية أصيبت بعد مدة بآلام مبرحة في ساقها الا انها اهملتها بسبب انشغالها بأدارة شؤون عائلتها الكبيرة ولما اضطرتها عائلتها الى مراجعة الاطباء اتضح ان المرض قد استفحل فيها وأجمع الاطباء على لزوم قطع ساقها لانقاذ حياتها وحددوا موعداً لاجراء العملية الجراحية، فقبلت بذلك مضطرة.
تقول السيدة نانسي: عندما رجعت الى المنزل بعد تحديد موعد العملية اضطجعت وقد استحوذ على الخوف والاضطراب وبكيت كثيراً حتى اخذتني غفوة رأيت فيها رؤيا عجيبة اذ رأيت قديسةً نورانية ترتدي عباءة سوداء وملابس خضراء، وقد أمسكت بيدي وقالت لي: لاتخافي يا نانسي، لست مضطرة لقطع ساقك، لا تحزني، ان اطفال رامان يريدونك برجلين سالمتين!!
استيقظت نانسي على صوت جارة مسلمة لهم جاءت تعودها وكانت تحدث بعض افراد عائلتها بحدوث معجزة ادت الى شفاء احد الاشخاص من مرض لا امل في علاجه مخففة بذلك عنهم حزنهم على ربه بيتهم.
قصت نانسي على هذه الجارة الرؤيا التي رأتها فاستبشرت الجارة المسلمة وقالت بيقين: «أقسم بالله انك ستشفين، ولا اشك ان السيدة التي شاهدتها في منامك هي السيدة المعصومة»، ثم اصرت عليها بالذهاب لزيارتها وعرفتها ببعض مقاماتها فاستبعدت نانسي هذه الفكرة وقالت كيف وانا مسيحية؟ اجابت الجارة:«ان اهل هذا البيت الكريم أعظم من ان تنحصر رحمتهم الالهية بالمسلمين، فقومي لآخذك للزيارة قبل حلول موعد العملية الجراحية».
في اليوم التالي ذهبت نانسي مع جارتها الى قم، تقول نانسي:
«كلما اقتربنا اكثر من مدينة قم كنت اشعر بنور خاص يتجلى اكثر في قلبي وكأنه يبشرني بخير قادم، لقد أنستني نفسي الاجواء الروحانية لحرمها وأصوات الداعين، جلست في الحرم اتأمل في هذه الاجواء الخاصة، حتى أخذتني غفوة وقد اسندت رأسي الى الجدار، فرأيت قبيل الفجر تلك القديسة النورانية، فأبتسمت في وجهي وقالت: ان أطفال رامان بأنتظارك، قومي ألم تعديهم بان تطبخي لهم اليوم الرز مع الخضرة».
استيقظت نانسي فوجدت الالم قد زال عن ساقها بالكامل، فعادت الى طهران مستبشرة وهي تكاد لا تصدق ماجرى، الاطباء الذين كانوا قد اجمعوا على اجراء عملية لقطع ساقها اقروا بحدوث معجزة لها واجمعوا على ان المرض قد زال عنها بالكامل.
هذا اللطف من ولية الله فاطمة المعصومة أثار دفائن فطرة نانسي التي كانت تحمل نظرة سيئة تجاه الاسلام، فبدأت رحلة التحقيق بشأنه حتى عرفت الحق واختارت الاسلام وولاء اهل البيت ديناً لها واختارت لنفسها اسماً اسلامياً هو سمية.
ايها الاخوة والاخوات، الوقت المخصص لهذا اللقاء قد انتهى وبه تنتهي حلقات هذا البرنامج الخاص بمولاتنا اخت الرضا فاطمة المعصومة (سلام الله عليها) نسأل الله ان نكون قد وفقنا لتقديم نفحة من مقامات وكرامات وبركات وسيرة هذه الفاطمية الزكية وان يوفقنا الله واياكم الى التوسل بها اليه فهي الوجيهة عنده عزوجل وعند نبيه وأهل بيته صلوات الله عليهم اجمعين.
نستودعكم الله بكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******